السبت، 2 ديسمبر 2017

مساحة للتفكير الحر : قطع يد السارق



الحكم الشرعي الصريح بقطع يد السارق يسبب لي الاشكاليات التالية :
- عدم امكانية تدارك الخطأ . فمهما كان القاضي متأكداً من صحة حكمه , ومهما كانت الأدلة قوية وقاطعة , تبقى هناك امكانية الخطأ البشري الذي يؤدي الى ظلم انسان بريء , حتى لو كانت احتمالية ذلك قليلة ولنقل 1% , فإن قطع يد انسان يريء طامة كبرى في المعايير الانسانية . والمشكلة انه لو اكتشفت براءته فيما بعد لا يمكن تعويضه عن الخطأ وعن يده التي قطعت , وذلك بخلاف السجن مثلا , حيث يتم اطلاق سراحه وتعويضه بمبلغ كبير من المال بدل أيام سجنه.
-  عدم التدرج في العقوبة والذي قد يؤدي الى قطع يد سارق بسيط لمبلغ صغير. فإن حد قطع اليد ينطبق على من يسرق ما قيمته عشرة دراهم , او خمسة , او ثلاثة , أو ربع دينار  من ذهب..... تختلف اقوال الفقهاء ولكنها جميعها تتحدث عن مبالغ صغيرة. 
- انعدام التناسب بين حجم الجريمة وحجم العقاب. فالحكم واحد سواء كانت السرقة لــ 100 دينار او مليون !
- التعريف الشرعي للسرقة الموجبة لقطع اليد لا يشمل معظم السرقات في ايامنا هذه. فالفقهاء مجمعون ان السرقة التي تؤدي الى اقامة الحد لا بد ان تكون " من حرز " بمعنى انه لا بد أن يؤخذ مالٌ من مكانٍ محفوظ او مغلق ,,, شيء مثل الاقتحام , وخلاف ذلك لا تعتبر سرقة. وبالتالي فإن الاختلاس من المال العام والرشوة والعمولات واستغلال النفوذ والاستفادة غير المشروعة من المناصب العامة والتلاعب في القرارات الحكومية لمصلحة جهات بعينها ,,,,, كل ذلك لا يعتبر سرقة من ناحية شرعية ولا ينطبق عليه الحكم. ولا يخفى ان هذه تشكل 95% من السرقات في زماننا.

- كما ان فكرة " الردع " لم يثبت انها نجحت في القضاء على السرقة في اي زمان. فمهما كانت القعوبة مغلظة ومرعبة فإن ظاهرة السرقة ستستمر في الوجود لأنها مرتبطة بالظروف الاقتصادية والفقر الذي يجبر السارق ان يرتكب جريمته. أي ان الحل الأمثل لمشكلة السرقة هو في تحسين ظروف الناس وأحوالهم , ولن يجدي التهديد بقطع اليد في القضاء على الظاهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق