الاثنين، 1 أكتوبر 2012

التأصيل الشرعي لإباحة قتل المسلمين الابرياء "عند الضرورة"


يتعجب الكثيرون من جرأة تيارات السلفية الجهادية – القاعدة وأخواتها – على الدماء.   ويتضاعف العجب عندما نرى ان تلك الجرأة لا تقتصر على سفك دماء " الكفار " أو " الصليبيين " أو الغزاة الامريكان بل تتعدى ذلك لتصل الى حد قتل أناس ابرياء , مسلمين عاديين مسالمين, في خضم عملياتهم "الجهادية" التي يقومون بها في شتى انحاء العالم . فقد شاهدنا التنظيمات القاعدية وتفرعاتها وهي تقوم بعمليات تفجير في اندونيسيا والعراق والاردن والسعودية واليمن وسوريا وباكستان والمغرب وغيرها من البلاد الاسلامية – ولن نذكر بلاد غير المسلمين – ويسقط فيها ضحايا كثر من الناس العاديين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في المشاكل السياسية الحاصلة ولا علاقة لهم بالاعداء المستهدفين من قريب ولا بعيد.

فكيف تبيح القاعدة لنفسها قتل مثل هؤلاء ؟ كيف يسمح السلفيون الجاهديون لأنفسهم بقتل مسلم عاديّ , بريء, وهم يعرفون انه لم يرتكب ذنباً يستحق بموجبه القتل ؟؟ أليس ذلك حرامٌ شرعاً ؟

والسؤال البسيط هذا يكتسب وجاهته وأهميته اذا علمنا ان القاعدة وأخواتها ليسوا مجموعة من القتلة المأجورين ولا هم مرتزقة يسعون الى المال ولا هم عصابات للسطو المسلح , بل هم متطوّعون يهدفون الى الجهاد في سبيل الله كما يحثهم عليه دينهم. هم جماعة دينية تلتزم حرفياً بتعاليم دينها ومستعدون للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل دينهم الذي يتمسكون به الى أقصى حد. ولذلك فلا بد من وجود أصل شرعي يبيح لهم قتل المسلم البرئ . أي انه لا بد من وجود فتوى دينية تستند الى أدلة وحجج وبراهين شرعية تسمح لهم بذلك. وبدونها لا يمكن للقاعدة أن تفعل ذلك.

فأين هي تلك الفتوى ؟ ومن هو ذلك المفتي " الرهيب" وما هي أدلته الشرعية ؟

الأمر كله يرجع الى شيخ السلفيين الأعظم عبر التاريخ وامامهم الأكبر وفيلسوفهم ومنظّرهم ,,, شيخ الاسلام احمد بن تيمية. فإليه يرجعون, ومنه يأخذون , وكلامه عندهم حجة ما بعدها حجة.

فماذا يقول ابن تيمية ؟
هو رائدُ " فقه التترّس " الأبرز في تاريخ الاسلام. وملخص هذا الفقه الذي شرحه ابن تيمية باستفاضةٍ وتوسّع انه يجوز "عند الضرورة" قتل بعض المسلمين الابرياء في سبيل مصلحة اكبر تعلق بالاسلام والمسلمين. وخاصة اذا كان العدوّ يتخذ من هؤلاء المسلمين الابرياء ترْساً يقيه من ضربات المجاهدين فلا بأس من قتلهم معه ! أي ان المصلحة الكبرى –قتال العدو- تبرّر المفسدة الأصغر – قتل البريء . 

وسوف أقلل من كلامي انا وأترك المجال لابن تيمية لكي يعبر عن رأيه بكلماته هو (والنصوص من مجموعة فتاويه المطبوعة والمنشورة) .

ففي سياق حديثه الطويل بشأن المسلمين الذين كانوا مع التتار قال وهو يذكر الدليل الشرعي الذي يستند اليه في رأيه:

واضاف :

وتابع ابن تيمية :

وقال ايضاً:

واختتم فتواه قائلاً :

 

اذن الأمور واضحة عند ابن تيمية : يجوز قتل المسلمين الابرياء اذا اقتضت ضرورات الجهاد ذلك. والضحايا سيبعثون يوم القيامة على نياتهم وحسابهم عند ربهم.
وكذلك هي القاعدة وأخواتها اليوم. تقتل من تشاء من الناس " في سبيل مصلحة الاسلام". ولا داعي لتأنيب الضمير لأن الضحايا حسابهم عند ربهم الذي سيعوضهم خيراً إن كانوا ابرياء.
 
 وفتوى ابن تيمية جاهزة.

الجمعة، 13 يوليو 2012

صرنا في القرن الـ 21 ولم نتخلص بعد من آثار نظام العبيد والجواري

غير معقول في القرن الـ21 وأن لا يكون هناك اجماع في مجتمعاتنا العربية والاسلامية على تحريم وتجريم الرق والعبودية بكل اشكالها.
 وهنا 3 أمثلة :
الشيخ السعودي المشهور صالح المغامسي أثار مؤخراً ضجة ولغطاً عندما دعا رجال بلاده علناً الى الاستفادة من وجود رقيق في موريتانيا والمبادرة لشرائهم وعتقهم لكفارة اليمين . بل انه حدد سعر العبد بـ 10 آلآف ريال! وظاهرُ كلام الشيخ هو الرحمة بالعبيد (دعا الى عتقهم) ولكنه في الحقيقة لم يستنكر فكرة العبودية ولم يقل انها محرمة في أصلها بل دعا الى التعامل معها وتطبيق الاحكام التي كانت تصلح لمجتمع قريش في مكة أيامنا هذه.
وهذا الرابط

وهذا ايضاً

وأما هنا فالمذيع السعودي يتحدث في حوار تلفزيوني عن إهدائه " أمَة " من موريتانيا !! وهذا الرابط


وهذا خبر صحافي يتحدث عن العبودية في اليمن


هذه الامثلة توضح ان قيام الحكومات بمنع وتجريم ظاهرة العبودية ليس كافياً للقضاء على الظاهرة من جذورها. فحسب علمي المؤسسة الدينية الرسمية في العالم الاسلامي- وبالذات هيئة كبار العلماء في السعودية – لا زالت لا تملك الجرأة الكافية لتحرّم العبودية من حيث المبدأ تحريماً دينياً وشرعياً قاطعاً. وذلك أوضح ما يكون لدى تيار السلفيين  الذين يتعاملون مع نظام العبودبة على اساس انه غير موجود بحكم الامر الواقع ولكن لو تغيرت الظروف وصار الرق ممكناً فلا بأس به ! بل ان بعضهم يحن لنظام الجواري والعبيد ويتمنى عودته .


الأحد، 3 يونيو 2012

الالباني وحديث (لحم البقر داء)


الشيخ محمد ناصر الدين الالباني (توفي سنة 1999) هو من أكبر رموز سلفيي زماننا , وهو متخصص في علم الحديث النبوي  وقوله حُجة ما بعدها حجّة لديهم. فهو العلامة الأعظم الذي أمضى عمره في دراسة الروايات وغربلتها وتصنيفها اعتماداً على معاييرهم وأساليب شيوخهم ومراجعهم عبر التاريخ.

وقد أخرج الالباني الحديث التالي في "سلسلة الاحاديث الصحيحة" :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن الأبقار: ((ألبانها شفاء، وسمنها دواء، ولحمُها داء )).

وهذا الحديث كما لا يخفى على كل ذي عقل باطلٌ ومردود , وليس صحيحاً ولا حَسَناً , شاء الالباني أم أبى !
فهذا الحديث مخالفٌ للقرآن الذي أباح لحم البقر, ولسنة رسول الله ( الذي أكلها), وللعقل وللعلم وللمنطق ,,,,, ولا حاجة بنا الى اطالة الكلام في اثبات بطلانه فذلك ظاهرٌ ولا يُجادلُ به عاقلان
ومع ذلك فالعلامة الالباني لم يجد غضاضة في تصحيح الحديث واعتباره صادراً عن النبي(ص) فعلاً ! فما دام سندُ الحديث , أي سلسلة رواته, قد صحّ عنده – نقلاً عن شيوخه ومراجعه - فلا داعي اذن للنظر في المتن , أي نص الحديث, ولا في معناه ومدلوله,,,,,

ونحن نذكر هذا الحديث كمثال على الجنون السلفي والغلوّ الذي لا يعرف حدوداً
فالعقلُ عندهم لا يُشترى بقرشٍ واحد ,,, والتفكيرُ ممنوعٌ
التقليدُ , والاتباعُ الأعمى , والانغلاق وتقديس النصوص ,,,,,,,,, هو دينهم ومذهبهم  

هذا هو اسلامُ السلفيين الذي يدعون له في القرن الـواحد والعشرين !

الاثنين، 21 مايو 2012

عادل امام لا يستحق حملات التضامن معه


يتعرض الممثل المصري المشهور عادل امام هذه الايام الى حملة مضايقات وملاحقات قانونية في المحاكم المصرية يقوم عليها أشخاص من تيارات الاسلام السياسي. وتفيد الاخبار ان احدى المحاكم قد أصدرت عليه حكماً أولياً بالسجن لبضعة أشهر بتهمة " ازدراء الاديان "
ورغم اننا طبعاً ضد كل أشكال الاضطهاد الفكري وتكميم الأفواه الاّ أننا نجدُ أنفسنا مضطرين الى الابتعاد عن عادل امام ومشاكله مع متطرّفي الاسلام السياسي. فلن ننجرّ الى اتخاذ موقفٍ داعم له ولن نعتبره من ضحايا القمع الفكري. والسبب هو ببساطة ان عادل امام كان على مدى عشرات السنين يقوم بدور المخلب الاعلامي لجهاز مباحث أمن الدولة في عهد حسني مبارك. فقد كان عادل امام بوقاً دعائية للنظام الديكتاتوري الفاسد ويتولى مهمة محاربة أعداء نظام الطاغية مستغلاً شعبيته الكبيرة ومحبة الجمهور لأدواره الكوميدية وأفلامه.

كان عادل امام متطرفاً في تأييده للديكتاتور ونظامه المستبد , وقد تبنى كل سياساته جملة وتفصيلاً , بما فيها تلك السياسة الحقيرة التي انتهجها تجاه القضية الفلسطينية. وكلنا يذكر ذلك التحريض السافر والسافل ضد الشعب الفلسطيني والذي قام به عادل امام أثناء العدوان الصهيوني على غزة سنة 2008/2009. بل ان انحطاط عادل امام وصل الى حد التأييد السافر لتوريث الحكم لجمال حسني مبارك!

ليس عادل امام جزءاً من الحركة الليبيرالية / الديمقراطية , ولا هو من الاتجاهات التقدمية في مصر, بل هو مجرد بوق اعلامي لنظام فاسد معدوم الضمير. لم نسمع منه يوماً كلمة تضامن مع عشرات الألوف من المصريين الذين كانوا يقبعون في سجون مبارك بلا أي اساس قانوني وبدون تهمة محددة ,,, لم يتضامن عادل امام يوماً مع ضحايا التعذيب الوحشي في سجون أمن الدولة ,,,, لم يستنكر عادل امام تزوير ارادة الشعب في مهازل مبارك الانتخابية ,,, لم يفتح فمه بكلمة ضد حيتان الفساد والافساد من أمثال يوسف والي وأحمد عز ,,,, لم ولم
تجاهل عادل امام كل ذلك وصبّ كل دعايته الفجة على ضحايا حسني مبارك من معارضيه وأعدائه بحجة محاربة المتطرفين !

ونحن نرفض أن "نبتلع " ذلك , ونرفض أن تكون "فزاعة" المتطرفين وسيلة لترسيخ حكم الطغاة والفاسدين ,,,, ولذلك نقول لأصحاب حملات التضامن مع عادل امام من الليبيراليين: دعوكم منه , وانظروا غيره من المناضلين الحقيقيين في سبيل الحرية ,,,, دعوكم من قضايا تصفية الحسابات بين متطرفي الاسلام السياسي وفلول نظام مبارك , فهي ليست معركتكم

الاثنين، 7 مايو 2012

السلامُ مستحيلٌ مع دولة تلمودية متخلفة اسمها " اسرائيل "




" اسرائيل " هذه ليست دولة حداثية متقدمة كما تحاول أن تبدو و تدّعي  , بل هي دولة دينية من رأسها حتى أخمص قدميها.
" اسرائيل " هذه هي الدولة الاولى في العالم التي تأسست ونشأت على أساس الدين , ولا توجد دولة غيرها في العالم تأسست بالكامل على أساس الدين سوى باكستان.
علمانية " اسرائيل " ما هي إلاّ كذبٌ وخداع لا ينطلي إلاّ على السذج الذين لا يرون إلاّ ما يريدُ لهم سدنة الصهيونية أن يروه,,,
فحتى اسم " اسرائيل " هو دينيّ بحت : ليس بلداً ولا وطناً , بل هو اسم نبيّ يهوديّ تحدثت عنه توراة اليهود,,,,
" اسرائيل " هذه قامت ونشأت على أساس خرافة دينية قبيحة تتلخص في ان اليهود هم شعب الله المختار !
ولا تزال " اسرائيل " هذه , الى يومنا هذا , تتمسك بأسوأ قانون عنصري عرفته البشرية والذي تسمّيه " حق العودة " ! أي حق أي شخص يهوديّ بالتحديد في هذا الكون في أن " يعود " الى فلسطين ويستوطنُ فيها فوراً وبلا نقاش !
 وحتى الدين في " اسرائيل " عنصريّ قبيح ! والحاخامية اليهودية الرسمية في " اسرائيل " لا تزال تعرّف اليهودي بأنه الذي ولدته يهودية !!!
و " اسرائيل " هذه تعلي شأن حاخاماتها العنصريين المتعصبين , وتعتبرهم مرجعية لها , وتشرّعُ لهم القوانين التي تضمن استمرار سيادتهم , وتخصص لهم الميزانيات, وتحافظ على مزايا لهم لا يتمتع بها غيرهم ! وفقط طلابُ المدارس الدينية يتم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية (رغم شدة اهتمام الحكومة بالبُعد العسكري للدولة) !!!

ونترككم مع صور من احتفالات حاخاماتها بأحد أعيادهم المسمي بـ " عيد المساخر " !  

















الجمعة، 27 أبريل 2012

من فظاعات تحالف السلطة والتكفيريين في التاريخ




ذكر المؤرخ ابن كثير في " البداية والنهاية " :



" وفي سنة 408 (هجرية) استتابَ القادرُ بالله الخليفة فقهاءَ المعتـزلة ، فأظهروا الرجوعَ وتبرؤوا من الاعتـزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام ، وأُخِذت خطوطهم بذلك ، وأنـهم متى خالفوا أُحلّ بـهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالـهم. وامتثل محمود بن سبكتكين أمرَ أمير المؤمنين في ذلك ؛ واستنّ بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها ، في قتل المعتـزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبّهة ، وَصَلَبَهُمْ وحبَسَهم ونفاهم ، وأمرَ بلعنهم على المنابر ، وأبعدَ جميعَ طوائف أهل البدع ، ونفاهُم عن ديارهم . وصار ذلك سُنة في الإسلام"



وهكذا يقرر الخليفة العباسي إعدامَ كلّ مَن يُخالف المذهب الرسمي للدولة , وهو المذهب الذي تم الاتفاق عليه مع مجموعة الفقهاء الموالين للسلطة.

إذن الصفقة واضحة بين الطرفين : يُضفي الفقهاءُ الشرعية على الخليفة وحُكمِهِ ويُحرّمون الخروجَ عليه أو معارضته , وبالمقابل يقومُ الخليفة بفرض مذهب هؤلاء الفقهاء على الناس أجمعين بالقوة والإكراه ويُجبر الرعية على اعتناق مقولاتهم وآرائهم تحت طائلة القتل والتنكيل!



ولا بد لنا أن نلاحظ أن جام غضب الخليفة كان منصبّاً على المعتزلة ! وكيف أنه عرضهم على السيف لإرغامهم على التراجع عن أفكارهم , ومن لا يُعلنُ التوبة فالقتلُ مصيرُه المحتوم ! ولا عجب, فالمعتزلة هم أهلُ الفكر الحر ومذهبُهم يقومُ على العقل, والخليفة لا يحب العقل ولا الفكر ولا يريد سوى الطاعة والتسليم !

ولنلاحظ ايضاً كيف انبرى جلاوزة الخليفة , ممثلين بابن سبكتكين , بتنفيذ أمر الابادة بحق كل الفرق والمذاهب المخالفة بهمة ونشاط !


ولنلاحظ أخيراً أن هذا الاجرام قد صار " سنة في الاسلام"  كما يختتم ابنُ كثير الخبر

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

المؤآمرة ,,, وما أدراك ما المؤآمرة


صدّعوا رؤوسنا بحديثهم المكرر عن مؤآمراتٍ شيطانيةٍ تُحاكُ ضدنا ليل نهار من قبل أعداءٍ حاقدين متربصين بأمة المسلمين ,,, الغافلين , الضحايا , يا حرام !

منذ فجر الاسلام بدأ كلامهم عن المؤآمرات ولم يتوقف الى الآن .

قالوا لنا ان الفتنة الكبرى التي حصلت في عهد عثمان وعلي ومعاوية كان سببها يهوديّ لعين اسمه ابن سبأ   تظاهر بالاسلام ثم بدأ يتحرك كالسوبرمان بين اليمن والمدينة والبصرة والكوفة والشام ومصر ليحبك خيوط مؤآمرةٍ شريرة ضد المسلمين , فانخدعوا به حتى انقسموا وتضاربوا بالسيوف – بمن فيهم أكبر كبار الصحابة! والحقيقة – التي لا يحبونها ويهربون منها - ان كل قصة ابن سبأ وأخباره كذبٌ وتلفيق من راويةٍ كذاب اسمه سيف بن عمر, لم يجد وسيلة لتبييض صفحة الصحابة إلاّ بإلقاء اللوم على عنصر خارجيّ خبيث !

واستمرت نظرية المؤآمرة في تفسير التاريخ عند كل خيبةٍ وتدهور واجهه المسلمون . فانهيارُ الخلافة العباسية كان ناتجاً عن تآمرٍ قام به الوزير " الشيعي " الخبيث ابن العلقمي الذي تواطأ مع التتار ضد الخليفة العباسي الجميل ! فلولا ذلك " الشيعي " الخائن لما اجتاح هولاكو بغداد ,,,,

وحتى الخلافة العثمانية يقولون لنا انها سقطت نتيجة مؤآمرة خطط لها يهودُ الدونما , الذين لولا خبثهم لاستمر حكم السلاطين البديع ,,,

وبعضُ الحمقى من عشاق الفكر المؤامراتي لم يترددوا بالقول ان أحداث 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن ليست سوى مسرحية رسم خيوطها الموساد الاسرائيلي الخبيث ! وقال آخرون انما هي خدعة كبيرة قامت بها أمريكا نفسها !!! الى هذا الحد وصل بهم الاستخفاف بالعقول

ومؤخراً اطّلعتُ على نظريات انتشرت عبر الايميلات والانترنت تعزو فيها أحداث الثورات العربية التي اندلعت مؤخراً الى مخططين " يهود " خبثاء : مرة يقولون انها أفكار هنري كيسينغر ومرة أفكار برنار هنري- ليفي ! لا بد أن يكون المخطِّطُ الرهيبُ يهودياً ,,,,



ونظريات المؤامرات الغامضة هذه لها عشاقها والمتمسكون بها والمروّجون لها ممن يظنون انهم " جابوا الديب من ديله " بكلامهم الكبير عن المؤآمرات الكبيرة التي لا ينتبه لها الغافلون البسطاء من أمثالي ,,,


ولكل هؤلاء أقول : أفيقوا من سباتكم وتوقفوا عن هذا الهراء , فلا أحدَ يتآمر علينا أكثر من عجزنا وجهلنا وغبائنا .....

السبت، 24 مارس 2012

منهج ابن خلدون في تصديق الأخبار أو ردّها



بعد أن استعرض ابنُ خلدون في مقدمة كتابه في التاريخ بعض النماذج من الأخبار العجيبة المحتوية على تفاصيل مستحيلة الحدوث وغير معقولة , وردت في بعض كتب التاريخ , قال :

" وأمثالُ ذلك كثيرة , وتمحيصُه إنما هو بمعرفة طبائع العمران وهو أحسنُ الوجوه وأوثقها في تمحيص الأخبار وتمييز صدقها من كذبها, وهو سابق على التمحيص بتعديل الرواة . ولا يُرجعُ إلى تعديل الرواة حتى يُعلم أن ذلك  الخبر في نفسه ممكن أو ممتنع, وأما إذا كان مستحيلاً فلا فائدة للنظر في التعديل والتجريح. ولقد عدّ أهلُ النظر من المطاعن في الخبر استحالة مدلول اللفظ وتأويله بما لا يقبله العقل.

وإنما كان التعديل والتجريح هو المعتبر في صحة الأخبار الشرعية لأن معظمها تكاليف إنشائية أوجب الشارع العمل بها حتى حصل الظن بصدقها, وسبيل صحة الظن الثقة بالرواة بالعدالة والضبط.

واما الأخبارُ عن الواقعات فلا بد في صدقها وصحتها من اعتبار المطابقة, فلذلك وجب أن ينظر في إمكان وقوعه وصار فيها ذلك أهم من التعديل ومقدماً عليه"


كما تكلم عن أسباب الكذب في الأخبار فقال :

ومن الأسباب المقتضية له أيضا وهي سابقة على جميع ما تقدم الجهلُ بطبائع الأحوال في العمران. فإن كل حادث من الحوادث ذاتاً كان أو فعلاً لا بد له من طبيعة تخصه في ذاته وفيما يعرض له من أحواله. فإذا كان السامع عارفاً بطبائع الحوادث والأحوال في الوجود ومقتضياتها أعانه ذلك في تمحيص الخبر على تمييز الصدق من الكذب, وهذا أبلغ في التمحيص من كل وجه يعرض, وكثيراً ما يعرض للسامعين قبول الأخبار المستحيلة وينقلونها وتؤثرُ عنهم"


وأنا سأترجم كلام العلامة ابن خلدون – رائد علم الاجتماع والتاريخ – الى لغة أيامنا هذه :

لا يجوز تصديق أي خبر نسمع به ما لم يكن ممكناً من الناحية العلمية أولاً . أي أن الخبر اذا كان به ما يخالفُ قوانين الطبيعة فلا يُنظرُ به من حيث المبدأ مهما كان سندُ هذا الخبر قوياً من ناحية الناقلين والرواة.


وأنا فعلاً أتحسّر عندما أقرأ هذا الكلام لابن خلدون – الذي عاش قبل حوالي 650 سنة – وأقارنه بما هو حاصل في بلادنا في أيامنا هذه. أتحسّر عندما أرى سهولة تصديق أخبار الخرافات والخوارق والاوهام بين الناس في مجتمعاتنا العربية,,,, يصدّقون بلا تفكير ولا تدبّر ولا عقل .


ولا عزاء لك يا ابن خلدون !




الجمعة، 16 مارس 2012

هل يجوز الاجتهاد فيما فيه نص ؟

الأصلُ في الأحكام الشرعية أنها تراعي مصلحة العباد وهي ليست جامدة متحجّرة كجلمود الصخر بل هي تراعي تغيّر الظروف والأحوال. هكذا نظر اليها وتعامل معها عددٌ من كبار العارفين بها , ومنهم الخليفة عمر بن الخطاب. وفيما يلي بعضٌ من أشهر اجتهاداته الجريئة قبال نصوص قرآنية محكمة وسنةٍ نبوية صريحة :
إلغاء سهم المؤلفة قلوبهم
تغيير سنة النبي(ص) فيما يتعلق بصلاة التراويح
تغيير موضع مقام ابراهيم
اجتهاده فيما يتعلق بالمتعتين ( الحج والنساء)
بالاضافة طبعاً الى الحادثة المشهورة بعدم تطبيق حد السرقة في عام الرمادة.
لن أدخل في التفاصيل ولن أتطرق الى المصادر بل سأكتفي بذكر هذه المواقف التي أظهر فيها عمر بن الخطاب جرأة كبيرة في الاجتهاد قبال الأحكام الشرعية المستندة إلى الآيات القرآنية والسنة النبوية المؤكدة, ففيها توضيحٌ لمقصدنا.
ومواقف عمر بن الخطاب هذه تشكل تحدياً فكرياً كبيراً للجماعة المتحجرين فكرياً في ايامنا هذه والذين يرفضون أي اجتهاد في اي مسألة فيها نص شرعي ويتمسكون بنظرية أن الاحكام الشرعية التي تتعلق بالعقوبات والتعاملات بين الناس ينبغي أن تطبق بشكل اوتوماتيكي في كل مكان وزمان بغض النظر تطورات حياة البشر والمجتمعات.
والشيخ السعودي عبد الرحمن بن ناصر البراك   هو واحد من هؤلاء . فهو معروف بفتاويه المتشددة ونزعته التكفيرية للمخالفين. وقد قرأتُ في عدة مواقع على الانترنت نص مقابلة أجرتها معه صحيفة الانباء الكويتية. والمقابلة طويلة وفيها كلام كثير بشأن مواضيع متعددة, ولكني أقتبس هنا نص كلامه فيما يتعلق باجتهادات الخليفة عمر بن الخطاب . يقول البراك في معرض رفضه للداعين الى الاجتهاد :
"وأما ما ذكروا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أنه عطل بعض الحدود الشرعية فكلمت «عطل» هذه باطلة، لأن «عطل» تدل على أنه ألغى حدود الله، بينما غاية الأمر أنه أرشد إلى ترك إقامة الحد على بعض الناس في ظرف معين، وبسبب من الأسباب وهو عام الرمادة، وهذا الترك يختلف باختلاف الأحوال"
وقد أعدتُ قراءة نص كلام الشيخ البراك عدة مرات ولكني لم استطع أن أفهم منه شيئاً يدعم حجته ورأيه! فما معنى قوله ان عمر لم يعطل الحد ولكنه " أرشد الى ترك إقامة الحد على بعض الناس في ظرف معين"؟!
سواء قلنا " عطل " أو " ترك " فلن يغيّر ذلك من حقيقة الامر شيئاً , فعمرُ لم يطبق الحد الشرعي وهذا ما حدث بالفعل مهما كانت الكلمة المستعملة لوصف ذلك.
هل المشكلة هي في الالفاظ ؟ أم في المضمون ؟
يعني اذا قال الداعون للاجتهاد للشيخ البراك ان " اختلاف الاحوال " يجعل الاحكام الشرعية المتعلقة بالجواري والعبيد مسألة تاريخية لا يجوز تطبيقها في عالم اليوم , هل سيقبل؟ واذا قال الداعون للاجتهاد أن "اختلاف الأحوال" المتعلقة بالمرأة المتعلمة العاملة يجعل من فكرة ولاية قريبها الذكر عليها غير مناسبة لعالم اليوم , هل سيقبل؟ واذا قال الداعون للاجتهاد ان " اختلاف الاحوال " يعني ان أحكام الغزو والغنائم كانت تتعلق بمرحلة معينة في التاريخ وانتهت , هل سيقبل؟ 

اذا كانت مسألة ألفاظ فالأمر يهون ,,, ولكن المشكلة مع رموز السلفية أكبر من ذلك بكثير

السبت، 10 مارس 2012

السرجاني يدافع عن يزيد بن معاوية ويقول انه لم يعارضه من الأمة سوى ثلاثة أشخاص!!


دافع الشيخ المصري راغب السرجاني  بحرارة شديدة عن "الخليفة" يزيد بن معاوية برغم كل مثالبه وعيوبه وجرائمه التي ملأت كتب التاريخ , ووصف – بصفاقةٍ قل نظيرها – الأخبار التي تذكر مساوئ يزيد بأنها من أكاذيب الشيعة !
لنستمع الى مقطع مما قاله في حديث تلفزيوني
فهل فعلاً أخبار يزيد في التاريخ هي من تلفيقات كذابي الشيعة ؟!
فيما يلي بعضُ المصادر التي تحدثت عن يزيد بن معاوية وعهده وسيرته وأفعاله , وهي مشهورة ومتاحة ويمكن لأيّ كان أن يراجعها ليقرأ الأهوال عن ذلك الطاغية السفاك المتوحش عديم الضمير والمجرد من الانسانية والأخلاق :
تاريخ الامم والملوك للامام الطبري , البداية والنهاية لابن كثير , الكامل في التاريخ لابن الاثير, تاريخ دمشق لابن عساكر, تاريخ الخلفاء للامام السيوطي, مروج الذهب للمسعودي, أنساب الأشراف للبلاذري, تاريخ اليعقوبي, تاريخ بغداد للخطيب البغدادي, تاريخ ابن خلدون, الاستيعاب لابن عبد البر, الاصابة لابن حجر , سير أعلام النبلاء للامام الذهبي ,,,,,,, وغيرهم الكثيرون.
وأهلُ العلم – الذين نشك ان السرجاني ينتمي اليهم رغم فوزه بـ "جائزة مبارك للدراسات الاسلامية" سنة 2009 - يعرفون ان هؤلاء الاعلام الكبار هم مصادر كل تاريخ الاسلام , وهم الذين حفظوا ذاكرة الأمة من الضياع وأوصلوها لنا لنعرف تاريخنا . فهم جهابذة وأصحاب فضلٍ اشتغلوا بجدٍ ليجمعوا الأخبار من مصادرها ويكتبوها ويرتبوها ويحفظوها لأجيالٍ أتت بعدهم. فهم ليسوا غلاة الشيعة كما يدعي راغب السرجاني, بل يُشكرون على جهدهم الجبار رغم هناتٍ وعيوبٍ لا يمكن أن يخلو منها أي عمل كبير.
وأضيف : بل ان بعض هؤلاء الذين ذكروا فواحش يزيد وجرائمه هم في الحقيقة من ذوي الميول الأموية! أي انهم لا يُتهمون بالتحامل على حكام بني أمية. وبلغةٍ أخرى : بعضُ هؤلاء كانوا من أعداء الشيعة في الواقع ممن بذلوا أقصى في مهاجمة مذهبهم والدفاع عن أعدائهم . تلك مثلاً حال الامام والفقيه ابن كثير المتخصص في التفسير والتاريخ والسيرة النبوية , وكذلك الامام الذهبي ,,, فهل هؤلاء شيعة أرادوا تلطيخ سمعة يزيد بن معاوية ؟؟!
لنرى ماذا كتب ابن كثير عن يزيد هذا الذي يدافع عنه السرجاني :
قال في كتابه الضخم (البداية والنهاية) انه " كان قد اشتهر بالمعازف وشرب الخمر والغنا والصيد واتخاذ الغلمان والقيان والكلاب والنطاح بين الكباش والدباب والقرود. وما من يوم الاّ يصبح فيه مخموراً . وكان يشدّ القردَ على فرس مسرجة بحبال ويسوق به , ويلبس القردَ قلانس الذهب , وكذلك الغلمان . وكان يسابق بين الخيل . وكان اذا مات القرد حزن عليه ...".
 
  مُلخّص عن جرائم يزيد بن معاوية  (التي لم يسمع بها راغب السرجاني)
كان عهدُ يزيد بن معاوية قصيراً : اربع سنوات فقط. ورغم ذلك إلاّ ان تلك السنوات الاربعة شهدت احداثاً وأهوالاً قلّ حدوثها في أزمان التاريخ الاسلامي كله.
فقد ابتدأ "الخليفة" يزيد عهده بارتكاب مجزرة مروّعة بحق آل بيت النبي (ص) في العراق. والكلامُ فيما حصل بكربلاء يطول ويطول وليس هنا مكانه , ولذا ألخّص فأقول انه في اليوم العاشر من محرم سنة 61 للهجرة هجم الآلاف من جنود يزيد بن معاوية المُدجّجون بالسلاح على الامام الحسين بن علي بن ابي طالب وآل بيته والقلة من انصاره فقتلوهم جميعاً , أبادوهم ولم يبقوا منهم احداً. قطعوا رؤوسهم ومثلوا بجثثهم وداسوهم بحوافر خيولهم ونهبوا متاعهم وحرقوا خيامهم وساقوا حريم الحسين ونساء آل بيت محمد (ص) سبايا حربٍ الى قصر ابن زياد في الكوفة ومنه الى قصر يزيد في دمشق.
ورفع القتلة "الظافرون" رأس الحسين المقطوع على عمود رمحٍ عالٍ وساروا به منتشين الى حيث كبيرهم يزيد... قال الامام ابن عبد البر في الاستيعاب " وُجد بالحسين يوم قتل 33 طعنة و 34 ضربة ..." و " أمر عمر بن سعد أصحابه أن يوطئوا خيلهم الحسين .." فعلوا كل تلك البشاعات لارضاء سيدهم يزيد طبعاً. وقال الامام السيوطي في تاريخ الخلفاء عن الامام الحسين " وفي قتلِهِ قصة لا يحتمل القلبُ ذكرها. فإنا لله وإنا اليه راجعون".
وما ان انتهى يزيد من الحسين وآل بيته حتى انصرف همّه واهتمامُه الى الأنصار , أهل المدينة المنورة, مدينة رسول الله(ًص). فالناسُ هناك كانوا يعتبرون أنفسهم أصل الاسلام ومنطلقه, وبالتالي كانوا يشعرون بمسؤوليةٍ عن مواجهة الانحراف عن دين محمد (ص) . ولذلك لم يحتمل أهل المدينة العيش في ظل خليفةٍ مجرمٍ وفاسق كيزيد. فأبناء الأنصار لا يقبلون الخضوع لرجلٍ بلغت جرائمه وفجوره عنانَ السماء, فقرروا خلعه والتحلل من بيعته. روى الامام السيوطي في تاريخ الخلفاء ان أبرز وجوه أهل المدينة المنورة عبدالله بن حنظلة الغسيل الانصاري - ابن الصحابي الجليل الذي استشهد يوم احد بعد أن ترك عروسه وخرج للقتال وهو جُنب- قال "والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا ان نرمى بحجارة من السماء ! انه رجلٌ ينكح امهات الاولاد والبنات , والأخوات, ويشرب الخمر ويَدَعُ الصلاة".
فكانت ردة الفعل من يزيد : أرسل اليهم جيشاً يقوده سفاحٌ مشهور اسمه مسلم بن عقبة المري بعد أن اوصاه ألاّ تاخذه بهم رأفة ولا رحمة , وأمره بعد أن يهزمهم أن يبيح المدينة لأفراد جيشه ثلاثة أيام ينهبونها ويفعلون بأهلها ما يشاؤون! وهذا ما حصل تماماً في وقعة رهيبة سُميت بوقعة " الحَرّة ".
قال السيوطي ايضاً بشان وقعة الحرّة " وكانت وقعة الحرة,,,, وما ادراك ما الحرة؟  والله ما كاد ينجو منهم احدّ ! قتل فيها خلق من الصحابة رضي الله عنهم ومن غيرهم, ونهبت المدينة , وافتضّ فيها الف عذراء, فإنا لله وإنا اليه راجعون".
واختتم يزيد عهده المشؤوم بهجومٍ مُريع على مكة المكرمة ! فقد ثار عليه أهلُ مكة بقيادة عبد الله بن الزبير بن العوام, فخلعت مكة بيعة يزيد ودانت لابن الزبير بالولاء. فأرسل يزيدُ قواته الهمجية للهجوم على مكة وقتال ابن الزبير المتحصن داخلها. ولكن هل سيحمي حرمُ الله وكعبته ابن الزبير من بطش جيش يزيد؟ كلا. فإن كان ابن الزبير تحصّن داخل الحرم فلا مانع لدى هؤلاء من دكّ الكعبة إن لزم الامر ! قال الامام السيوطي عن هجوم جيش يزيد على مكة  "... وأتوا مكة, فحاصروا ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق, وذلك في صَفر سنة اربع وستين, واحترقت من شرارة نيرانهم أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به اسماعيل وكانا في السقف ..." !
ولكن مسعاهم لم يكتمل . ففي تلك الاثناء بالذات جاء الخبرُ من الشام بوفاة يزيد. يتابع السيوطي " ... فنادى ابن الزبير : يا اهل الشام ان طاغيتكم قد هلك. فانفلوا وذلوا وتخطفهم الناسُ ..."
أي أن عهد يزيد القصير قد افتتح بانتهاك حرمة آل بيت رسول الله (ص) وقتلهم في كربلاء , ثم اتبعه بانتهاك حُرمة المدينة المنورة وقتل أهلها , واختتم بانتهاك حرمة مكة وقصف الكعبة!
فهل ليزيدَ بن معاوية من نظيرٍ بين كل حكام وملوك وسلاطين الاسلام على مر التاريخ ؟
فليكفّ السرجاني عن الكذب والتضليل في سبيل ذلك الطاغية

تنويه
ما ذكرناه هنا من معلومات تاريخية , واحداث , ووقائع واخبار هي كلها من اهم المصادر المعتمدة لدى اهل العلم والاختصاص. وأي خلافٍ قد يوجد بين هذه المصادر ينحصر في بعض التفاصيل والجزئيات , ولا يتعدى ذلك الى مسار الاحداث والوقائع الرئيسية والمهمة والتي هي متفق عليها اجمالاً.
أي أن ما كتبناه هنا لا يستند الى تلفيقات غلاة الشيعة وكلامهم, ولا الى ما شذّ من رواياتٍ وقصص, ولا الى خيالات أصحاب الطرائف ولا الى رواة العجائب والغرائب .
وهو مجرد غيضٌ من فيض من أخبار يزيد بن معاوية,,,,,

الجمعة، 2 مارس 2012

رأي ابن تيمية في إتقان العلوم الطبيعية


في كتابه المسمى " درءُ تعارض العقل والنقل" كتب أكبرُ منظري السلفية عبر التاريخ , وهو شيخ الاسلام ابن تيمية قي معرض خطابه الى الفلاسفة الذين برعوا في مجالات العلوم الطبيعية :

" وكونُ الواحد منكم حاذقاً في طبّ أو نجومٍ أو غرسٍ أو بناء, هو لقلة معرفتكم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وعبادته , وقلة نصيبكم وحظكم من هذا المطلب, الذي هو أجلّ المطالب, وأرفعُ المواهب, فاعتضتم بالأدنى عن الأعلى : إما عجزاً وإما تفريطاً ".


فابن تيمية كما هو ظاهر يرى أن الفلاسفة حين أتقنوا تلك العلوم الطبيعية فإنما تفوقوا فيها بسبب جهلهم بالله تعالى , وأسمائه وصفاته,,,, ومفهومُ الخطابِ اذن أنهم لو عرفوا الله وأسماءه وصفاته لما تفوقوا في العلم الطبيعي وحذقوا به!



تابعونا على الفيسبوك :

http://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D9%86%D8%A7%D9%84-%D9%88-%D8%A8%D8%B3/225706994111463#!/pages/%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B6%D9%84%D9%8A%D9%84/224196527607618


الجمعة، 10 فبراير 2012

الشؤم في ثلاثة : الفرس والمرأة والدار : عبادة النصوص ولو خالفت العقل والمنطق وحتى الدين نفسه !


روى الامام البخاري في صحيحه , كتاب الجهاد والسير / باب ما يُذكرُ من شؤم الفرس حديث " انما الشؤم في ثلاثة : في الفرس والمرأة والدار ". وفي رواية اخرى للبخاري , كتاب النكاح / باب ما يُتقى من شؤم المرأة , ورد نفس الحديث بصيغة "إن كان الشؤم في شيئ , ففي الدار والمرأة والفرس".
وايضاً روه الامام مسلم في صحيحه بصيغة " الشؤمُ في الدار والمرأة والفرس"-  كتاب السلام / باب الطيرة والفأل ويكون فيه من الشؤم. وايضاً بصيغة " إن يكن من الشؤم شيئ حق, ففي الفرس والمرأة والدار".
أي أن هذا الحديث قد اتفق عليه الشيخان , وورد في الصحيحين.

وهذا الحديث يطرح إشكالية كبيرة تتعلق بنظرة الاسلام للمرأة . فلا يخفى ما في هذا الحديث من إساءة شنيعة للمرأة حين جعلها من مصادر "الشؤم " ! عدا عن إدراجها في سياق كلامٍ واحدٍ عن الحيوانات والجماد ( الفرس والدار).
ولا يمكن إلاّ لأعمى البصر والبصيرة أن لا يرى تلك الاساءة القبيحة للمرأة والمتضمنة في الكلام المنسوب الى النبي (ص). وحتى السيدة عائشة فزِعت عندما سمعت هذا الكلام المنسوب للنبي (ص) وانبرت للتصدي له وتبرئة النبي(ص) من وزر هذا الكلام. فقد روى أحمد بن حنبل في مسنده ( ج6, حديث السيدة عائشة, ص246) والحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (ج2 , تفسير سورة الحديد, ص478) , والنص للأول:
 " ان رجلين دخلا على عائشة فقالا : ان أبا هريرة يحدّث ان نبي الله (ص) كان يقول " انما الطيرة في المرأة والدابة والدار"!
قال : فطارت شِقةٌ منها في السماء وشِقةٌ في الارض , فقالت : والذي أنزل القرآن على أبي القاسم , ما هكذا كان يقول . ولكن نبي الله (ص) كان يقول " كان اهل الجاهلية يقولون : الطيرة في المرأة والدار والدابة" . ثم قرأت عائشة {ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب} الى آخر الآية "

والمشكلة هي أن البخاري ومسلم قد صحّحا الكلامَ المنسوب للنبي(ص) واعتمداه ولم يريا فيه إشكالاً , ولذلك هو اليوم موجودٌ في كتابيهما الذين يُفترض أن يكونا صفوة الصحيح من حديث النبي(ص). أي أن علينا أن نتقبل كلاماً يُخبرنا ان المرأة مصدرٌ للشؤم , وأن نصدّق ذلك باعتباره جزءاً من الدين!
والشيخان أعرضا عن اعتراض عائشة وصدمتها من سماع هذا الكلام , " فطارت منها شقة في السماء وشقة في الارض" حسب التعبير القديم, وقررا ان الرواية التي وصلتهما عن غير طريق عائشة أصحّ , رغم أنها ظاهرة الفساد والتهالك, ورغم أنها تتعارض مع آثار اخرى عن النبي(ص) ينهى فيها عن الطيرة ويأمر بتركها .

وقد شعر الشارحُ الأبرز لصحيح البخاري, ابن حجر العسقلاني( فتح الباري , ج6 ,ص46), بشذوذ الكلام عن شؤم المرأة والمنسوب الى النبي(ص), فذكر تأويلاً له " على ان ذلك سيق لبيان اعتقاد الناس في ذلك, لا انه إخبارٌ من النبي(ص) بثبوت ذلك" , إلاّ انه عاد ليقول ان سياق الاحاديث يُبعد هذا التأويل ومن ثم ليعلن رأي أهل الحديث وهو تصحيح حديث شؤم المرأة وبالتالي تجاهل رأي عائشة واستنكارها.

والخلاصة ايها السيدات والسادة اننا ندعو الى التحلي بالجرأة في ردّ هذه النوعية من "الأحاديث النبوية" الشاذة والطافحة بالاساءات التي لا يمكن أن تصدر عن رسول الله (ص), حتى لو رواها البخاري ومسلم عن ابن عمر أو أبي هريرة أو عن غيرهما ,,,,
 ندعو لتحكيم العقل , وعدم التسليم المطلق بالروايات بلا تمحيص ,,,,
 ندعو الى النظر في متن الاحاديث وعدم الاكتفاء بالسند ,,,,,
 لأننا باختصار ضد عبادة النصوص




السبت، 7 يناير 2012

حقيقة موقف السلفيين من تعليم المرأة

عثرتُ مؤخراً على كتابٍ ضخمٍ يجمعُ آراء علماء وهابيّي نجد في مواضيعَ شتى ابتداء من أيام شيخهم الكبير ورائد مذهبهم محمد بن عبد الوهاب الى أيام مؤلفه المتوفي قبل 40 عاماً. وعنوانُ الكتاب ( طبعة 1999) يتحدث عن محتواه :    

والكتابُ موسوعة من 16 جزء , ومواضيعُه متنوّعة جداً. وسوف أقتصر في كلامي على الموضوع المطروح.
فعندما قررت المملكة العربية السعودية فتح مدارس لتعليم البنات – قبل حوالي 50 سنة – عارض شيوخ الوهابية هناك تلك الخطوة , وتوجّسوا منها , وكتبوا رسائل الى أصحاب القرار في الحكومة يحذرونهم من عواقب هذه الخطوة وتاثيراتها الضارة على الاسلام والمسلمين ! وهذه مقتطفات من رسالة أحد كبار شيوخهم كتبها (سنة 1380 هجرية) لتوضيح موقفهم المعارض للتعليم الحديث في المدارس بعد قرار فتح مدارس لتعليم البنات:
ثم استرسل في هجاء التعليم الحديث والمعلمين المستقدمين من مصر وبلاد الشام وأضرارهم.....
ولكنه استدرك قائلاً انه ليس ضد تعليم البنات من حيث المبدأ , فقال :
وأما ما هي العلوم التي يوافق ان تتعلمها المرأة بنظره ؟ فهو يوضحها :


وأضاف نفس الشيخ في رسالة اخرى :
ثم تابعَ مخاطباً المسلمين : ما للنساء وهذه العلوم ؟؟؟؟
وأضاف يقول:

ولن أنقل المزيد من النصوص مما كتبه شيوخ الوهابية في هذا الكتاب, ففيما نقلناه ما يكفي لتوضيح حقيقة موقفهم من تعليم النساء: أحكام الحيض والنفاس, والطهارة ,,,, بالاضافة طبعاً الى الصلاة والعبادات , وما زاد عن ذلك فلا شأن لهنّ به !

وقد سبق لنا وأشرنا الى المفتي السعودي الاعظم عبد العزيز بن باز , الذي توفي سنة 1999 , وفتواه التي عارض بها دراسة البنات للعلوم "التي ليست من شأنها " !  فبنظره علومُ الهندسة والكيمياء والفيزياء ,,,,, الخ ليس للمرأة شأنٌ بها ولا يجوز ان تتخصص بها . فقط طبّ النساء مسموحٌ لديه.
وفيما يلي نعيد نشر نص فتواه تلك كما هي منشورة في عدة مواقع على الانترنت : 

حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء
س: هل يجوز للفتاة أن تدرس في بعض تخصصات العلوم الطبيعية مثل الكيمياء والفيزياء وغيرها؟
ج: ليس للمرأة التخصص فيما ليس من شأنها، وأمامها الكثير من المجالات التي تتناسب معها مثل الدراسات الإسلامية وقواعد اللغة العربية، أما تخصصات الكيمياء والهندسة والعمارة والفلك والجغرافيا فلا تناسبها، وينبغي أن تختار ما ينفعها وينفع مجتمعها، كما أن الرجال يعدون لها ما يخصها مثل الطب النسائي والولادة وغيرها..انتهى.

المصدر : فتاوى ابن باز , الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 40
ونشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج 4 ص 335.

واذا أضفنا الى ذلك كله كلام أحد اكبر علماء سلفيي مصر , وهو ابو اسحق الحويني, والمُسجّل بصوته والموجود على اليوتيوب : العلمُ للرجال فقط , يتأكد لدينا ان رأي السلفيين هذا متفقٌ عليه في صفوفهم , أو على الأقل في صفوف علمائهم ومرجعياتهم.

ونوضحُ رأينا فنقول : السلفيون أحرارٌ في رأيهم ومعتقداتهم , وليس لنا أن نجبرهم على تغيير مذهبهم ولا أن نرغمهم على اعتناق مبادئ انسانية تقدمية ما داموا لا يؤمنون بها.
ولكن المشكلة لدينا أن السلفيين يتصدّون للعمل السياسي ويريدون قيادة المجتمع ويطرحون انفسهم كتيار مُنقذٍ للبلاد والعباد في دولنا العربية. وبالتالي يصبحُ لرأيهم في تعليم البنات أهمية , فلا يمكن تجاهله. فهم لا يحتفظون برأيهم المتخلف ذاك في دوائرهم الخاصة وضمن إطار حلقاتهم المغلقة, بل يطرحونه – مع بقية آرائهم- علناً كحلّ لمشاكل المجتمع ونموذجٍ لمستقبل اجيالنا.

وهذه مشكلة حلها صعب.
فمن ناحية لا يمكن , ولا يجوز أصلاً , منعهم من التعبير عن رأيهم ومن اعتناق ما يشاؤون من معتقدات,,,,
ومن ناحية ثانية , هناك خطرٌ فعليّ بحصول ردّة حضارية حقيقية لو تمكن هؤلاء من الوصول الى السلطة ,,,,

وبنظري فإن الشعوب عليها أن تدفع ثمن خياراتها السيئة, ولو كان فادحاً . فلو حصل السلفيون على تأييد أغلبية شعبية فمن حقهم تطبيق برامجهم ونهجهم مهما كان , وبما فيه الموقف من المرأة وتعليمها,,,,
والشعوب الحية تتعلم من أخطائها.