الجمعة، 10 فبراير 2012

الشؤم في ثلاثة : الفرس والمرأة والدار : عبادة النصوص ولو خالفت العقل والمنطق وحتى الدين نفسه !


روى الامام البخاري في صحيحه , كتاب الجهاد والسير / باب ما يُذكرُ من شؤم الفرس حديث " انما الشؤم في ثلاثة : في الفرس والمرأة والدار ". وفي رواية اخرى للبخاري , كتاب النكاح / باب ما يُتقى من شؤم المرأة , ورد نفس الحديث بصيغة "إن كان الشؤم في شيئ , ففي الدار والمرأة والفرس".
وايضاً روه الامام مسلم في صحيحه بصيغة " الشؤمُ في الدار والمرأة والفرس"-  كتاب السلام / باب الطيرة والفأل ويكون فيه من الشؤم. وايضاً بصيغة " إن يكن من الشؤم شيئ حق, ففي الفرس والمرأة والدار".
أي أن هذا الحديث قد اتفق عليه الشيخان , وورد في الصحيحين.

وهذا الحديث يطرح إشكالية كبيرة تتعلق بنظرة الاسلام للمرأة . فلا يخفى ما في هذا الحديث من إساءة شنيعة للمرأة حين جعلها من مصادر "الشؤم " ! عدا عن إدراجها في سياق كلامٍ واحدٍ عن الحيوانات والجماد ( الفرس والدار).
ولا يمكن إلاّ لأعمى البصر والبصيرة أن لا يرى تلك الاساءة القبيحة للمرأة والمتضمنة في الكلام المنسوب الى النبي (ص). وحتى السيدة عائشة فزِعت عندما سمعت هذا الكلام المنسوب للنبي (ص) وانبرت للتصدي له وتبرئة النبي(ص) من وزر هذا الكلام. فقد روى أحمد بن حنبل في مسنده ( ج6, حديث السيدة عائشة, ص246) والحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (ج2 , تفسير سورة الحديد, ص478) , والنص للأول:
 " ان رجلين دخلا على عائشة فقالا : ان أبا هريرة يحدّث ان نبي الله (ص) كان يقول " انما الطيرة في المرأة والدابة والدار"!
قال : فطارت شِقةٌ منها في السماء وشِقةٌ في الارض , فقالت : والذي أنزل القرآن على أبي القاسم , ما هكذا كان يقول . ولكن نبي الله (ص) كان يقول " كان اهل الجاهلية يقولون : الطيرة في المرأة والدار والدابة" . ثم قرأت عائشة {ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب} الى آخر الآية "

والمشكلة هي أن البخاري ومسلم قد صحّحا الكلامَ المنسوب للنبي(ص) واعتمداه ولم يريا فيه إشكالاً , ولذلك هو اليوم موجودٌ في كتابيهما الذين يُفترض أن يكونا صفوة الصحيح من حديث النبي(ص). أي أن علينا أن نتقبل كلاماً يُخبرنا ان المرأة مصدرٌ للشؤم , وأن نصدّق ذلك باعتباره جزءاً من الدين!
والشيخان أعرضا عن اعتراض عائشة وصدمتها من سماع هذا الكلام , " فطارت منها شقة في السماء وشقة في الارض" حسب التعبير القديم, وقررا ان الرواية التي وصلتهما عن غير طريق عائشة أصحّ , رغم أنها ظاهرة الفساد والتهالك, ورغم أنها تتعارض مع آثار اخرى عن النبي(ص) ينهى فيها عن الطيرة ويأمر بتركها .

وقد شعر الشارحُ الأبرز لصحيح البخاري, ابن حجر العسقلاني( فتح الباري , ج6 ,ص46), بشذوذ الكلام عن شؤم المرأة والمنسوب الى النبي(ص), فذكر تأويلاً له " على ان ذلك سيق لبيان اعتقاد الناس في ذلك, لا انه إخبارٌ من النبي(ص) بثبوت ذلك" , إلاّ انه عاد ليقول ان سياق الاحاديث يُبعد هذا التأويل ومن ثم ليعلن رأي أهل الحديث وهو تصحيح حديث شؤم المرأة وبالتالي تجاهل رأي عائشة واستنكارها.

والخلاصة ايها السيدات والسادة اننا ندعو الى التحلي بالجرأة في ردّ هذه النوعية من "الأحاديث النبوية" الشاذة والطافحة بالاساءات التي لا يمكن أن تصدر عن رسول الله (ص), حتى لو رواها البخاري ومسلم عن ابن عمر أو أبي هريرة أو عن غيرهما ,,,,
 ندعو لتحكيم العقل , وعدم التسليم المطلق بالروايات بلا تمحيص ,,,,
 ندعو الى النظر في متن الاحاديث وعدم الاكتفاء بالسند ,,,,,
 لأننا باختصار ضد عبادة النصوص