السبت، 26 نوفمبر 2011

حديث زواج النبيّ بالطفلة عائشة : نظرة جديدة


السبب الذي يجعل المؤسسة الدينية الرسمية في معظم البلاد الاسلامية تمتنع عن إصدار رأي واضح وصريح ضد قضية زواج القاصرات المنشرة في كثير من الدول يعود الى الحديث النبوي الموجود في صحيح البخاري والذي يقول ان رسول الله (ص) قد تزوج عائشة وهي صغيرة جداً . وفيما يلي نص الحديث من كتاب النكاح / باب تزويج الأب ابنته من الإمام " حدثنا معلى بن أسد حدثنا وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي(ص) تزوجها وهي بنتُ ستّ سنين , وبنى بها وهي بنتُ تسع سنين" . وتزوجها تعني هنا خطبها , وبنى بها : أي دخل بها.
وهذا الحديث هو بالتحديد ما يمنع المؤسسات الدينية  والمُفتون الرسميون من الاعتراف بشرعية وضع حدّ أدنى لسنّ زواج البنات كضابطٍ وشرطٍ لصحة عقد الزواج . فمن الناحية الشرعية لا توافق المؤسسة الدينية الرسمية على قرار كثير من حكومات البلاد الاسلامية باعتبار بلوغ الفتاة سن ال 16 أو ال 18 سنة شرطاً لصحة تزويجها. ورغم صدور تأييد لهذه القرارات من قبل بعض الفقهاء أو العلماء إلاّ ان ذلك يبقى ضمن حالات الاجتهاد الفردي ولم يأخذ صفة المؤسسية حسب علمي. فحديثُ صحيح البخاري المذكور يكبّل أيدي الفقهاء الاصوليين ويجعلهم يغضّون الطرف عن المتاجرة بالبنات الصغيرات تحت مسمى الزواج. فهم يحثون الناس على التحلي بالرحمة وتجنب هذه الممارسات ولكن دون منعٍ أو تحريمٍ شرعيّ, فيبقى القرارُ عائداً الى وليّ الأمر ومدى حُسن تقديره لمصلحة ابنته الطفلة.
وقبل الاسترسال نشير الى نقطتين :
-           لا بد من الاعتراف أن زواج الرجل العجوز من الصبية اليافعة فيه ظلمٌ لها , وهو لا  يمكن أن يتم في ظروفٍ طبيعية. وإذا كان الناس يستنكرون هكذا سلوك من رجل عادي, فكيف يمكن للمسلم أن يقتنع بأن رسول الله(ص) قد دخل بطفلة في التاسعة من عمرها, حتى على افتراض أنها كانت ناضجة من ناحية جسدية وفسيولوجية؟ من المسلّم به أن ذلك لا يليق بمقام رسول الله(ص) على الإطلاق. والآن في مجتمع القرن الحادي والعشرين, لو شاع أن رجلا عاديّا – وليس نبيا مرسلا– في الخمسينات من عمره تزوج صبيّة دون العشرين من عمرها, لاستنكر معظم الناس ذلك ولاتهموه وأباها بالظلم والقسوة, ولطالب معظم الناس الرجل بأن يختار من تناسبه في العمر. وإذا كان الرجلُ العاديّ يأنف عن فعل كهذا, فهل يُعقل أن يفعله رسول الله(ص)؟ وهل يليق ذلك بمقامه؟
-           ان هذا الحديث كان دائماً مادة خصبة وذخيرة مهمة لحَمَلات التهجّم على شخص الرسول(ص) من قبل بعض غير المؤمنين. وكمثال على ذلك أشيرُ الى رجلٌ أمريكي اسمه كريج وِن قام بنشر كتاب في مطلع 2005 , باللغة الانجليزية وموجّه للعامّة من بني قومه , ملأه بالتهجم القبيح على شخص النبي(ص). وقد استغلّ رواية زواج النبي(ص) من الطفلة عائشة بشكل خبيث حين ادّعى أنه ينقل من صحيح البخاري, لا غير, وترك للقارئ الأمريكي الحُكمَ على ذلك النبي المتوحش الذي يتزوج ابنة السادسة!

ونعود الى الحديث المذكور , فلنا عدة ملاحظات بشأنه:
 ان الخبر عن زواج النبي(ص) بالطفلة عائشة روته عائشة نفسها , ونقله عنها ابنُ اختها عروة. أي لم يرد عن طرف ثالث أو جهةٍ اخرى. وبالتالي :
-          من الممكن أن تكون السيدة عائشة أخطات في تحديد عمرها. ففي تلك الايام لم يكن هناك توثيق لتواريخ الولادة ولا سجلات, بل كانت أعمارُ الناس تذكر استناداً الى كلام شفهيّ أو من الذاكرة. فمجالُ الخطأ في تحديد العمر وارد جداً.
-          ربما تكون عائشة قد لجات الى نوع من المبالغة في تحديد مدى صِغر سنها عندما تزوجها النبي(ص). ويمكن تخمين السبب الذي قد يجعل عائشة تلجأ الى المبالغة.  فهي ببساطة كان يهمها إثبات ميزة إضافية لها لا تمتلكها غيرها من زوجات الرسول (ص) . ومعروف عن عائشة شدة غيرتها من بقية الزوجات . وربما هي لم ترَ في المبالغة في تصغير سنها اساءة الى النبي(ص), ولم تدرك عائشة مدى الأثر السلبي الذي قد تتركه مبالغتها هذه على سمعة رسول الله(ص) لدى قادم الأجيال.

وبالإضافة إلى فساد هذا الخبر وعدم معقوليته من ناحية منطقية وأخلاقية , بالإمكان أيضاً تفنيده بالاستناد إلى روايات وأخبار أخرى من السيرة النبوية :
فمن المعروف ان ابن هشام هو الراوي الأبرز لسيرة النبي (ص) نقلاً عن شيخه ابن اسحق. وهو والمصدر الأهم لأحداث حياة النبي (ص) وخاصة فيما يتعلق بالتواريخ والارقام وتسلسل الوقائع والتفاصيل.
وقد ذكر ابن هشام في السيرة أسماء الأشخاص الذين كانوا أول من آمن بنبوّة محمد(ص) لدى بدء دعوته في مكة. وذكر فيهم كلاً من أسماء وعائشة بنتيّ أبي بكر من ضمن أول 20 شخصا آمنوا برسول الله (ص) بتأثير من أبيهما. وأضاف ابن هشام ملاحظة بشأن عائشة (وكانت يومئذ صغيرة). وعلى افتراض أن عائشة كان عمرها أربع أو خمس سنوات فقط ( لكي يمكن اعتبارها أسلمت ), وبتقدير أن ذلك حدث في السنة الثانية أو الثالثة للبعثة, وعلماً بأن النبي(ص) أمضى حوالي 13 سنة في مكة قبل أن يهاجر للمدينة , فسوف يتضح أن عائشة كان عمرها عندما تزوجها الرسول (ص) ما بين 17 إلى 18 عاماً على أقل تقدير!  فرسول الله(ص) تزوجها في شهر شوال من السنة الثانية للهجرة بعد معركة بدر كما هو معلوم.

وهذا ما نراه نحن ونؤمن به. لم يتزوج رسول الله(ص) عائشة وهي بسن 6 أو 9 سنين بل كانت ابنة  17  أو 18
ونحن ندعو المؤسسة الدينية الرسمية الى الاعلان عن شرعية القانون المدني الذي يجعل بلوغ البنت للثامنة عشرة من عمرها شرطاً لعقد الزواج.
حان الأوان لكي يتوقف انتهاك حقوق البنات الصغيرات في العالم الاسلامي,,,, حان الأون لقطع دابر الأشرار الذين يتاجرون بالطفلات البريئات ويغلفون اعمالهم القبيحة بغطاءٍ من الدين,,, الدين الذي انزله الله ليكون رحمة للعالمين

السبت، 12 نوفمبر 2011

مُلفقو المعجزات يدّعون : التينُ والزيتونُ لعلاج العُقم

في الموقع الضخم الذي اسمه ( موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة ) تم إنزال مقال جديد كتبه شخص اسمه " أ.د. مظفر أحمد الموصلي " بعنوان ( التين والزيتون : هل هما علاج للعقم ؟ ). وقبل الدخول في محتواه نشير الى السيرة الذاتية للكاتب, حيث يقدمُه الموقعُ كحاملٍ لشهادة الدكتوراة في علم النبات من جامعة الموصل في العراق عام 2005. وجماعة الاعجاز العلمي حريصون جداً على هذه "الحركة" : تقديم " معجزاتهم " على يد أشخاصٍ يحملون شهادات اكاديمية عليا من أجل أن يُضفوا الصفة العلمية على مقولاتهم التي يروّجونها في صفوف مريديهم . وسنرى الان مدى العلمية في مقال الاستاذ الدكتور صاحب شهادة الدكتوراة من جامعة الموصل العراقية.
المقالُ طويل (http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1208    ), وهو مزوّق بالألوان ومُرصّع بالصور. والمقالُ ينطلقُ أساساً من الآيات القرآنية (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين ..). فالكاتبُ , المتخصصُ في قصص الاعجاز العلمي, قرر ضرورة وجود معجزة علمية وراء ذكر التين والزيتون في القرأن. هكذا هو , اتخذ القرار وبدأ البحث. لا بدّ أن يعثر على معجزةٍ ما. وحتى لو لم تكن ثمة معجزاتٍ في الأمر فسوف "يرتب" معجزة بطريقته الخاصة!
وهكذا كان.
يقول الاستاذ الدكتور " اطلعنا من خلال الانترنيت على ALMITHALONIDZ الميثالونيدز، الذي هو مادة يفرزها مخ الإنسان والحيوان بكميات قليلة" ويقول انها مادة ذات فوائد عديدة لجسم الانسان. ثم يضيف انه قد " اتجهت أنظار العلماء اليابانيين نحو النباتات للبحث عنها فلم يعثروا عليها إلا في نوعين من النباتات، هما التين والزيتون. لكن وجدوا أن استخلاصها من التين لوحده أو من الزيتون لوحده لم يعط الفائدة المنتظرة لصحة الإنسان فجربوا الخلط بين المادتين، واخذوا الاحتمالات فلم تنجح أي نسبة خلط".
وجماعة الاعجاز العلمي هؤلاء يلجأون دائماً الى تلفيق أقوال وينسبونها الى خبراء من بلاد متقدمة تكنولوجياً , غالباً اليابان أوالمانيا! حتى يُفحِموا من لا يصدقهم. وطبعاً هو لا يخبرنا من هم هؤلاء العلماء اليابانيون , ولا في أي جامعة أجروا ابحاثهم ؟ ولا أين نشروا نتائجهم؟
والآن تأتي الحبكة والاثارة !  يقول ان اليابانيين لما عجزوا عن معرفة الخلطة المناسبة التي تعطي النتائج المرجوّة جاءهم المَدد من حيث لا ينتظرون : من باحث سعودي ! يقول "أشار إليهم باحث سعودي إلى أن أفضل نسبة خلط هي1 تين و7 زيتون". والسبب ؟ يوضح الاستاذ الدكتور "لان (اسم التين ورد مرة واحدة في القران الكريم والزيتون 7 مرات). والإعراب للـ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)، الواو الأولى للقسم والواو الثانية للمعطوف، وهي وردت هكذا (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)) ولم ترد (والتين(1) والزيتون(2)) في الحالة الثانية تعني من ناحية الإعراب، الواو الأولى للقسم والثانية للقسم أيضا، بل الله سبحانه وتعالى جمع بين التين والزيتون معا."
أي أن الكاتب يريد اقناعنا ان العلماء اليابانيين يقبلون العمل بناء على نصيحة سعوديّ مجهول قام بعملية عدّ وإحصاء للحروف والكلمات , وإعرابٍ وبلاغةٍ في قرآن المسلمين الذي لا يؤمنون به أصلاً !
ثم أطلق مظفر احمد الموصلي مفاجأته الرهيبة ذات العيار الثقيل , فقال : " شكلُ الفاكهة والخضراوات لها علاقة بفائدتها " ! صدّق أو لا تصدّق أيها القارئ الكريم , يقول الاستاذ الدكتور وبطل الاعجاز العلمي ان شكل الفاكهة لها علاقة بفائدتها للجسم !!! ويستدل على ذلك بصورة لشرحَةِ جزرٍ يقول انها تشبه قرنية العين وبالتالي فالجزرُ مفيدٌ للبصر ! ويصل الآن الى لب الموضوع , فيقول ان ثمرة التين تشبه الحيوانات المنوية للرجل (وفي حاشية مقاله يقول ان ثمرة التين تشبه الخصية ) :


وبناء على هذه النظرية العبقرية يكون التين اذن مقوياً جنسياً وعلاجاً للعقم عند الرجال !
سؤال على الهامش الى الدكتور العبقري : اعتماداً على نظرية الشكل هذه , لماذا لا يكون الموز مثلاً هو العلاج الشافي لعجز الرجال ؟؟! أليس هو اجدر من التين؟
ثم ينتقل "الاستاذ الدكتور" الى الزيتون , فيقول انه يشبه بويضة الانثى :


وهكذا يستنتج الاستاذ الدكتور ان الزيتون هو علاج للعقم عند النساء !!

نحن لا نمزح . بل هذا ما يكتبه "الاستاذ الدكتور" المتخصص بالاعجاز العلمي . وهو لا يتوقف هنا بل يدعم استنتاجه " العلمي" , ولكن كيف ؟ بالاستشهاد باكبر مفسّر أحلامٍ في تاريخ البشرية وهو محمد بن سيرين الذي عاش قبل 1200 سنة , فينقل عنه قوله عن رؤية شجرة التين في المنام : رجل غني وسخي ومعطاء. وأكل التين : يدل على كثرة الذرية والنسل والأولاد.
ورؤية الزيتون في المنام، تعني، مال ومتاع ورزق، وامرأة شريفة كريمة فاضلة
,,,
وهكذا نرى أدلة "الاستاذ الدكتور" العراقي : شكلُ النبات , وكلامُ مفسّر الاحلام القديم. واقتنعوا يا ناس بمعجزات الاسلام العلمية!
لن أعلق كثيراً على بقية المقال وسأترك للقارئ الكريم أن يحكم على مستوى هؤلاء الذين يتخصصون في ترويج الوهم والأكاذيب بين عامة المسلمين.

 والسؤال المهم هو : ما الذي يجعل هؤلاء القوم , مدمني الاعجاز العلمي , يعتقدون ان القرآن الكريم بحاجةٍ ماسّة لمعجزاتٍ علمية الى الحد الذي يدفعهم الى إجهاد انفسهم في التلفيق والفبركة على هذا النحو البائس الذي رأينا منه مثالاً ؟؟
هل يظنون أن معجزاتهم العلمية هذه ستؤدي الى الاثبات أن القرآن هو من عند الله ؟  
ألا يعرفون انهم بمعجزاتهم الكاذبة هذه يسيؤون أسوأ إساءة الى الاسلام ذاته حين يجعلونه سخرية امام أنظار العالم كله؟
ونسأل مظفر احمد الموصلي : أليس من الأفضل والأليق – لو كان التين والزيتون يعالجان العقم- أن تقوم بإجراء تجربة علمية على أصولها لإثبات ذلك ؟ لماذا لا تحضر شخصاً يعاني من العقم وتطعمه التين وتُظهر للعالم كيف انه شُفي من علاجك , بدلاً من هذا الهراء الذي تكتبه ؟

وختاماً أقول لهؤلاء : ارفعوا ايديكم عن القرآن . دعوا كتاب الله وشأنه فهو ليس بحاجة الى "معجزاتكم" هذه. وإن أردتم خيراً فركّزوا على ما ينفع الناس ويكمث في الارض.......

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

وقفة مع حديث ( يقطعُ الصلاةَ المرأةُ والحمارُ والكلبُ )

هذا الحديث ورد في الصحيحين , البخاري ومسلم, وهو بالتالي يتمتع بدرجة عالية من الصدقية عند شيوخ التقليد وغيرهم ممن يُضفون هالة من التقديس على كل ما رواه البخاري ومسلم من أحاديث, بل هو مقبولٌ لديهم ومُعتمد, ومقطوعٌ بصحته.
وقد جاء الحديث بعدة صياغاتٍ لفظية , لا تبعدُ كثيراً عن بعضها البعض . وأنا هنا أنقل نصّه من صحيح مسلم الذي بين يديّ الآن ( كتاب الصلاة / باب قدر ما يستر المصلي, المكتبة العصرية للطباعة والنشر , صيدا / بيروت, طبعة 2003):
عن أبي هريرة قال رسول الله (ص) " يقطعُ الصلاةَ المرأةُ والحمارُ والكلبُ , ويقي ذلك مِثلُ مؤخرةِ الرّحلِ ".
إذن نص الحديث واضحٌ وصريح, وهو يقرن المرأة بالكلب والحمار. وفي ذلك إساءة – وأيّ إساءة – للمرأة. بل تحقيرٌ لها وحطّ من قيمتها كإنسانة. هذا لا جدال فيه , وكل من يفهمُ العربية سيخرج بذات الاستنتاج. كما انّ صراحة النصّ تجعل من غير الممكن ترقيعُ الحديث أو تزويقه. "المرأة والحمارُ والكلبُ" هكذا بكل فجاجة صارخة, فلا تنفعُ معها محاولات التصليح,,,
وحتى أم المؤمنين السيدة عائشة هالها ما سمعته من إهانةٍ لكل النساء في هذا النص فانبرت لمعارضة هذا "الحديث" وحاولت ردّه وإظهار بطلانه. وفيما يلي نقلٌ من صحيح البخاري ( باب من قال لا يقطع الصلاة شيء, طبعة دار الجيل / بيروت) " عن مسروق عن عائشة , ذُكِرَ عندها ما يقطعُ الصلاة الكلبُ والحمارُ والمرأة, فقالت : شبّهتمونا بالحُمرِ والكلاب! والله لقد رأيتُ النبي(ص) يصلي وإني على السرير بينه وبين القِبلة مضطجعة , فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي النبي(ص) فأنسلّ من عند رجليه".
ولكن حتى كلام أم المؤمنين عائشة ليس كافياً لدى عتاة السفليين لردّ الحديث الوارد في الصحيحين! وقد وجدتُ في أحد مواقع السلفيين السعوديين (وهو موقع "المسلم" بإشراف د. ناصر بن سليمان العمرhttp://almoslim.net/node/154590 ) نقلاً لجواب المفتي الأعظم للسعودية المرحوم ابن باز عندما سئل عن هذا الحديث فأكّده وأثبته ثم أشار الى اعتراض السيدة عائشة عليه فقال "وأما قول عائشة فهو من رأيها واجتهادها، قالت: بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، وذكرت أنها كانت تعترض له بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وهذا ليس بمرور؛ لأن الاعتراض لا يسمى مرورا وقد خفيت عليها رضي الله عنها السنة في ذلك"
أي أن المفتي الأعظم للسلفيين يعتبر أن الحديث صحيحٌ رغم اعتراض ام المؤمنين عائشة عليه, فكيف باعتراضي انا ؟؟!
     
وبعيداً عن ابن باز ورأيه , نقول ان هذا " الحديث" يخلق مشكلة حقيقية للباحث المسلم ! إذ كيف يمكن قبولُ هذه الإهانة الصريحة للمراة ؟! وعلى لسان نبيّ الاسلام ؟!
لا مخرج لهذه الإشكالية إلاّ بردّ الحديث , ورفضِهِ جُملة وتفصيلاً. لا يوجد حل وسط هنا : فإمّا أن نقبل بنسبة هذه الاساءة العنصرية القبيحة للمرأة الى النبيّ ( وهذا طبعاً فيه اساءه الى مقام النبيّ ذاته)  وإمّا ان نرفض هذا "الحديث" الوارد في صحيحي البخاري ومسلم.
إمّا أن نُنزّه النبيّ , وإمّا أن ننزّه البخاري !
ونحن نختار أن نُنزّه النبيّ (ص) , حتى لو غضب علينا البخاري , ومقدّسو البخاري ,,,,,

السبت، 5 نوفمبر 2011

يكذبون فيقولون : سُمِعَ صوتُ الآذان على سطح القمر


هناك شائعة منشرة منذ زمن طويل بين كثير من المسلمين  تقول بأن الامريكي نيل أرمسترونغ , قائد سفينة الفضاء ابولو التي أوصلت بشراً لأول مرة في التاريخ الى سطح القمر سنة 1969, قد سمع أذان الاسلام عندما هبط على سطح القمر !! وللأسف نجد الكثيرين من بني قومنا يصدقون ذلك بلا أدنى تفكير ودون أن يكلفوا أنفسهم عناء التأكد من مصدر الخبر. بالنسبة اليهم الموضوع مثير وجذاب وبه "معجزة" اضافية للاسلام , اذن لننشره ونذيعه , وليس مهماً إن كان حقيقياً أم وهماً من نسج الخيال !

بل ان مروّجي هذه الشائعة السخيفة لا يكتفون بالقول إن أول رائد فضاء هبط على القمر قد سمع الأذان هناك , بل يسترسلون في الكذب والتلفيق ليضيفوا أبعاداً درامية لقصتهم حتى يجعلوها اكثر تشويقاً وإثارة. فيقولون ان آرمسترونغ وعندما كان في زيارة الى مصر بعد عدة سنوات من صعوده الى القمر سمع صوت الأذان في القاهرة, فسأل : ما هذا؟ فقيل له : أذان المسلمين . فقال : لقد سمعتُ نفسَ الصوت على القمر، فأعلن إسلامه! ولكي تكون الكذبة متقنة يضيفون ان وكالة ناسا الامريكية قامت بطرده من عمله نتيجة لإسلامه! فقال عندها آرمسترونغ: خسرتُ عملي ولكن وجدتُ الله!
ومن شاء أن يطلع على القصة كاملة بتفاصيلها المثيرة وحبكاتها الدرامية فبإمكانه أن يجدها في كثير من المواقع الاسلامية على الانترنت, ومنها موقع شبكة " أنا المسلم " على الرابط التالي:

وأنا شخصياً سمعتُ هذه القصة لأول مرة قبل 30 سنة عندما كنتُ ولداً في مدرسة "المهلب بن أبي صفرة" الحكومية في مدينة الزرقاء الاردنية. يومها روى لنا مدرس مادة التربية الاسلامية هذه القصة بأسلوبٍ عاطفيّ مؤثر واختتم كلامه للتلاميذ المُصغين اليه بشغف بالقول ان هذه من معجزات الاسلام الربانية التي تفحمُ كل الملحدين والكفار والمُكابرين!
طبعاً لم يخطر ببال استاذ مادة التربية الاسلامية أن يتساءل كيف يمكن لرائد فضاء أن يسمع صوتاً على القمر , وهو مهندسٌ محترف, ويمرّ عليه مرورَ الكرام, فلا يسجله ولا يتحدث به ولا يخبر به أحداً! ثم ينتظر سنوات حتى يسمعه مرة أخرى في دولة عربية ويسأل ما هذا الصوت؟ وكأن الذي صعد إلى القمر هو إنسان عادي وليس باحثاً وعالماً!

وقد كنتُ أظن ان حبل الكذب قصير, وأنه مع التقدم المعرفي والتكنولوجي في العالم سوف ينتهي زمن الكذب الصريح الذي يمكن كشفه وفضحُه بسهولة. ولكن ظني ليس في محله , والكذابون لا يكترثون بشيء, بل يواصلون ترويج أكاذيبهم الفجة بكل همةٍ ونشاط . وهذه القصة المكذوبة على لسان آرمسترونغ موجودة حتى يومنا هذا في عشرات من المواقع التي يتداولها زبائنها ويواصلون نشرها بلا كلل ولا ملل , وبكل صفاقة وسماجة.
وأقول صفاقة وسماجة لأن نيل آرمسترونغ لا زال حياً يُرزق , لم يمت بعد رغم انه قد بلغ 81 سنة من العمر. وهذه صورة حديثة له مع الرئيس الامريكي اوباما أثناء حفل تكريم له :

وبالتالي يمكن لمن أحب الرجوع اليه وسؤاله عما يُنسبُ له من أقوال. بل ان له موقعاً رسمياً :
وليس به أي ذكر للأذان الذي سمعه على سطح القمر , ولا ذكر لقصة إسلامه , ولا لبقية الهراء الذي يشيعونه.
وأيضاً وكالة الفضاء الامريكية ناسا حيةٌ ترزق! ويمكن مراجعة موقعها الرسمي على الانترنت حيث نجد فيه سيرة ذاتية لرائد الفضاء أرمسترونغ, ولم تذكر بأنه أسلم أو طرد من عمله أو أي شيء آخر وهذا الرابط :

فلماذا يكذبون ؟؟؟ هل الاسلامُ بحاجةٍ الى هذا النوع من "المعجزات" الخرافية ؟! أم أن أدمغتهم – ولا أقول عقولهم - جُبلت على حب الخرافة فلا يطيقون فراقها ؟؟؟