الأحد، 29 مايو 2011

لو قدّر لتيار "المعتزلة" في شرقنا الاسلامي أن ينتصر .....


في أواخر العصر الاموي ظهر في البصرة ما صار يعرف لاحقاً باسم فرقة "المعتزلة". ويقال ان سبب  التسمية كان بسبب اختلافٍ في الرؤى والمواقف بشأن قضايا فقهية وعقائدية حصل بين العالم المشهور الحسن البصري وبين أحد تلامذته الأذكياء وهو واصل بن عطاء الذي قام وترك حلقة الدرس الذي كان يقيمه الحسن في المسجد وأنشأ حلقة خاصة به, فقال الحسن البصري " اعتزلنا واصل" ومن هنا بدأت تسمية تلك الفرقة التي سيكون لها شأن بين المسلمين في القرون التالية.
ويمكن تلخيص فكر المعتزلة واختزاله في عبارة واحدة: العقل. فأهم مبدأ معتزلي وما يميزهم عن غيرهم هو أن العقل هو طريق الوصول إلى الحقيقة, حتى لوكانت حقيقة الدين والايمان.  فالمعتزلة رأوا ان عقل الانسان سوف يدله على خالق هذا الكون  وانه يمكن اثبات النبوة والوحي والجنة والنار ومبادئ الاسلام عن طريق العقل والمنطق. والمعتزلة رفضوا أن يكون الدين مجرد نصوص يتم تلقينها للمؤمنين الذين يقتصر دورهم على أن يحفظوها ويرددوها. وهم قالوا ان الله خلق الانسان ومنحه العقل ليفكر به ويتدبّر , وأن الاسلام هو دين الحجة والعلم والمنطق وليس دين الجهل والخرافة. 
وهناك من الباحثين من يعتقد أن الداعي لظهور هذه الفرقة كان الظرف الحضاري و التاريخي الذي كان يمر به الاسلام. فعند نهاية القرن الهجري الأول كان الاسلام قد توسع ودخلت فيه أمم عديدة وشعوب كثيرة , ودخلت معها ثقافات مختلفة ودخلت الفلسفة , ولم يعد المنهج النصي التقليدي النقلي يفي حاجات المسلمين العقلية في جدالهم. فالمنهج الذي صار يصلح لذلك هو المنهج العلمي العقلاني والذي مثله المعتزلة وأصبح أهم المذاهب الكلامية التي تتولى الدفاع عن الاسلام أمام هجمات متكلمي الأديان الأخرى والملحدين والزنادقة.
 ومن أهم مبادئ المعتزلة التنزيه المطلق للخالق عز وجل : فالله "ليس كمثله شيء" , فلا تشبيه ولا تجسيم لأن الله مُنزّه عن أن يكون مثل الأجسام أو الموجودات الحسية . وهم ينفون أي تشبيه بين المخلوقات والله، والآيات القرآنية التي تفيد التشبيه لا يقبلها المعتزلة على ظاهرها بل يقومون بتأويلها مثل "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" فيخرجون المعنى الظاهر لكلمة (وجه) ويقولون أن المقصود بها الذات.وأجمع المعتزلة على أن الله لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأن في إثبات الرؤية إثبات الجهة لله , وهو منزه عن الجهة والمكان، وتأولوا قول القرآن:{وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} أي منتظرة. وهكذا اوجبوا تأويل كل الآيات المتشابهة.
ويؤمن المعتزلة أن الله عز وجل قد خلق "نواميس الكون", وهي بلغتنا الحديثة قوانين الطبيعة, التي يسير عليها كل شيئ في هذه الدنيا, وأن الله لا يمكن أن يتدخل لينقضَ نواميسَ الكون التي وضعها هو. ومعنى ذلك أن خوارق الطبيعة لم ولن تحصل لأنها لو حصلت لاضطرب نظام الكون كله ولكان ذلك ضد ارادة الله الكونية. ومن هذا المنطلق العقلاني رفض المعتزلة التسليم بأن المعجزات الواردة في القرآن قد حصلت في الحقيقة حسب ظاهر النص , بل قالوا بضرورة تأويلها , بما لا يتناقض مع أسسس العلم والمنطق وبشكل ينسجم مع روح النص القرآني. ومثالٌ على ذلك الطير الأبابيل والتي تحمل حجارة من سجيل قذفتها على جيش أبرهة الأشرم : لا يعني ذلك أنه بالفعل قد جاءت طيور عملاقة ( لا تعرف العرب كلمة "أبابيل" ) تحمل حجارة نارية مشتعلة (كلمة "سجيل" ليس لها علاقة بالنار من حيث الاساس اللغوي العربي) لتحرق بها القوات التي هاجمت مكة. فالذي حصل بالفعل أن جيش أبرهة قد تعرض الى كارثة من نوع ما : ربما تفشى بين صفوفه مرضٌ معدٍ وفتاك, أو ربما حصلت ظروف جوية فظيعة (طوز عظيم ورمال وعواصف) مما أدى الى هزيمة الجيش وتراجعه أو القضاء عليه. فجاء النص القرآني ببلاغته الفريدة ليعبر عن تلك الواقعة بالطير الابابيل التي تقذف حجارة من سجيل  دون أن يعني ذلك حصولها بالفعل على ذلك الوصف.
ويرى المعتزلة أن الإنسان حرٌ في أفعاله . وهم يقولون ذلك لكي يدافعوا عن التكليف الشرعي لأن الإنسان المسلم مكلف شرعاً والإنسان مسؤول عن هذه الأفعال حتى يستقيم التكليف ويكون الثواب عدلاً والعقاب عدلاً. خلافاً لرأي الجبرية الذين يعتقدون أن الأفعال من خلق الله والإنسان مجبورٌ عليها. فالمعتزلة ترى أن عدل الله يقتضي أن يكون الإنسان هو صاحب أفعاله, وبالتالي يرفضون أن ينسب الانسان ما يحصل معه من مشاكل وصعوبات أو ما يتعرض له من ظلم وقهر الى مشيئة الله وارادته. فالقول بالعدل الإلهي يترتب عليه أن الله لا يفعل الشر , فأفعال الله كلها حسنة وخيرّة، والشر من عند الانسان , والرب تعالى منزه أن يضاف إليه شر وظلم وفعل هو كفر ومعصية؛ لأنه لو خلق الظلم كان ظالمًا كما لو خلق العدل كان عادلاً.
أي ان المعتزلة في كل آرائهم أرادوا أن يزيلوا التناقض بين العقل والعلم من جهة والدين من جهة أخرى. وذلك أمرٌ في غاية الأهمية لأنه يعني أن الانسان الواعي, الذكي والمفكر لن يكون مضطراً الى الاختيار بين الاثنين, وسوف لن يُجبر على الايمان بما لا يقبله عقله ولا تصدق به نفسه من أجل أن يكون مسلماً.

المعتزلة في التاريخ :

 ومن ناحية تاريخية برز مجموعة من العباقرة كقيادات للمعتزلة تولت مسؤولية الدفاع عن الاسلام والمحاججة عنه على الصعيد الفكري في مواجهة الدعاة المسيحيين وحاخامات اليهود, بالاضافة الى الدهرية ودعاة الالحاد.  ومن أبرز شخصيات المعتزلة ابو الهذيل العلاف والنظّام والجاحظ وابن ابي الحديد والقاضي عبد الجبار.
وكانت القضية التاريخية الأبرز التي تعلقت بفرقة المعتزلة , واشتهرت وذاعت, هي قضية " خلق القرآن". وقد سببت لهم هذه القضية أذى كبيراً وتعرضوا بسببها الى الكثير من التجني والافتراء. وترجع هذه القضية في أساسها الى الجدال الفكري الذي خاضه رموز من المعتزلة مع قسّ مسيحيّ من الشام يدعى " يوحنا الدمشقي". ويوحنا هذا كان يخوض جدالاً لاهوتياً ومناظرات فكرية ضد الاسلام, وكان ذكياً وواسع الاطلاع. وفي معرض احتجاجه على المسلمين كان يستخدم الآية القرآنية التي تذكر ان المسيح عيسى بن مريم هو "روح الله وكلمته" ليستدل بها على ألوهية المسيح. فكان يوحنا يقول ما دام أن القرآن يقر بأن المسيح هو كلمة الله فلا بد إذن أن يكون ذا طبيعة الهيةٍ غير بشرية, لأن كلام الله صفة ملازمة له, لا تنفصل عن ذاته, والمسيح بالتالي قديم كقِدم الله. فردّ عليه المعتزلة  بالقول أن القرآن كلام الله وأنه مخلوقٌ أو حادثٌ, أي أنه وُجد بعد أن لم يكن موجودا وتكلم الله به بعد لم يكن متكلما. والكلام صفة الفعل وليس صفة للذات, وبالتالي تكون حجة يوحنا باطلة. ومن هنا كان تأكيدهم على ان القرآن مخلوق, وليس صفة قديمة لذات الله.
 وطبعاً لم يكن عامة المسلمين يدركون سبب اهتمام المعتزلة بهذه القضية وتشديدهم على على ان "القرآن مخلوق" . والفقهاء التقليديون , والسلفيون منهم بالتحديد, كانوا يزدرون المعتزلة ويمقتونهم من حيث المبدأ. فالخطاب السلفي يعتبر العقل البشري عاجزاً عن إدراك المقاصد الالهية العظيمة وبالتالي لا يجوز إعمال العقل للنظر في أمور الدين والايمان. كره السلفيون – ولا يزالون يكرهون-  المتكلمين والفلاسفة واهل المنطق ورفضوا الخوض في كلامهم لأن المسلم بنظر السلفيين عليه فقط أن يتلقى نصوص القرآن والسنة كما هي , وياخذها على ظاهرها ولا يتجاوز. وبالتالي أثبت السلفيون لله صفات الجسم فقالوا ان له يداً , وعينيين, وعرشاً وووو . ورغم أن معظم السلفيين أضافوا بأن صفات جسم الله ليست بالضرورة مثل صفات جسم الانسان ( حسب قولهم : الكيف مجهول) إلاّ أن ذلك طبعاً لا يكفي لردّ تهمة التجسيم والتشبيه عنهم.  وبما ان السلفيين لا يكترثون كثيراً بما يقوله رهبان النصارى وما يسوقونه من حجج, فلم يلقوا بالاً لما يقوم به المعتزلة من تصدّ فكريّ لهؤلاء ورفضوا الاقرار مع المعتزلة بأن القرآن مخلوق. هم في الحقيقة لم ينفوا بأن القرآن مخلوق بل كان موقفهم هو رفض الخوض في الموضوع أصلاً, والاكتفاء بالقول ان القرآن هو كلام الله دون تحديد إن كان مخلوقاً أم صفة قديمة لله. وأصر السلفيون ورئيسهم أحمد بن حنبل على موقفهم ذاك واعتبروا الخوض في مسالة خلق القرآن "بدعة".
وبقيت هذه القضية متداولة في الاوساط الفكرية الى أن جاء الخليفة العباسي المامون الذي كان محباً للعلم ومؤمناً بالعقل, وأنشأ مكتبة "دار الحكمة" العملاقة في بغداد. والذي حصل أن المأمون اقتنع برأي المعتزلة في قضية خلق القرآن. ودائماً حين تتدخل السلطة في شؤون الفكر فهي تفسد أكثر مما تصلح! وهذا ما حصل مع المأمون الذي قرر أن يجبر الناس على الاعتقاد بخلق القرآن! و"وامتُحِن" الكثيرون أمام المأمون حتى صار الأمر يُعرف بفتنة خلق القرآن!  وكان ممن امتحنوا الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بخلق القرآن، فسُجن وضُرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون، وبقي في السجن مدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله. وهذا الموقف أكسب ابن حنبل شعبية ورفع من مكانته بين الناس الذين رأوه صامداً قبال السلطة الظالمة التي تريد ان تفرض رأي المعتزلة بالقوة! وطبعاً تلطخت سمعة المعتزلة بسبب سلوك المأمون والمعتصم الذين ارادا نصرة رأيهم فتسببا في اضعافه! ولا يمكن أن يُنسب موقف الخليفتين الى فرقة المعتزلة. فالمعتزلة أهل فكر ومنطق , وجدال وحجة, ولا يمكن أن يقروا إرغام الناس على معتقداتهم ولا أن يؤيدوا البطش والقهر الذي تمارسه السلطة الحاكمة.
وللحقيقة أقول ان رجلاً من المعتزلة اسمه احمد بن ابي داود قد تواطأ مع الخليفة المأمون وساعده في سعيه لامتحان الناس على خلق القرآن. ولكن هذه كانت حالة فردية لرجلٍ ركب موجة السلطة, ومن الظلم أن يُقرن عموم المعتزلة بسلوك أحدهم ممن مال الى السلطة على حساب المبدأ.
وعلى كل حال فقد انتهت "الفتنة" سريعاً لما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ فأظهر "الانتصار للسُّنَّة"، وأمرَ بمنع الناس من الخوض في مسألة الكلام، والكفِّ عن القول بخلق القرآن، وتوعّد من تعلّم علم الكلام أو تكلم فيه بالويل والثبور، وأمر الناس أن لا يشتغل أحد إلا بالكتاب والسنة لا غير، وأمر بإكرام الإمام أحمد بن حنبل إكرامًا عظيمًا وقتل الكثيرين من رموز المعتزلة.
وبعد ذلك دأبت الحكومات المتعاقبة على "ترتيب" امورها مع تيار الفقهاء التقليديين , فاعتمدتهم كمرجعية دينية للدولة ومنحتهم المزايا مقابل تأييدهم للسلطان الحاكم. وطبعاً كان المعتزلة هم الضحية لأن فكرهم تم استبعاده ومحاربته بأمر من تحالف السلطة الحاكمة مع تيار الفقهاء التقليديين. وتم ترسيخ كل مقولات ابن حنبل وتياره السلفي الرافض لمنهج العقل والعلم الى يومنا هذا.

وانا أقول انه لو استمرّ تيار المعتزلة ونما, وتابع انشاره في بلاد المسلمين , ولو لم تتم محاربته وطمس آثاره من قبل السلطات المتعاقبة التي وطّدت أركان فكر الخرافة والظلام, لكانت الثورة العلمية والصناعية قد حصلت عندنا , وفي بلادنا, وليس في اوروبا! ولكانت النهضة الحضارية الكبرى قد بدأت لدينا نحن قبل أوروبا بعدة قرون!  ولما كنا اليوم نرى الكثيرين من المسلمين مشغولين بأمور الجن والعفاريت في القرن الحادي والعشرين! ولما كنا نجلس خاملين ونكتفي بالدعاء الى الله لكي يتدخل ليهزم أعداءنا ويحرر بلادنا ,دون أن نفعل شيئاً مفيداً . ولما كنا  نسمع فتاوى عجيبة كل يوم من "علماء" لا يفكرون ولا يهتدون بهدي القرآن الذي ذم التقليد الاعمى والجاهلين الذين "لا يعقلون",  والذي حث على العلم فابتدأ نزوله بكلمة "اقرأ" !

السبت، 28 مايو 2011

بابا الفاتيكان يشفي من مرض الشلل الرعاشي

أعلنت الكنيسة الكاثوليكية يوم 1-5-2011 عن " تطويب" البابا الراحل يوحنا بولس الثاني . وقد أقامت مراسم ضخمة في روما وجمعت مئات الآلاف من المؤمنين الذين احتشدوا ليشهدوا ذلك الاعلان التاريخي. والتطويب لمن لا يعلم هو المرحلة الثانية وقبل الاخيرة لاعلانه " قديساً " , أي تحت مرتبة النبي بقليل.
وأنا طبعاً لا اعتراض لي على ذلك. فمن حق الكنيسة أن تقدس من تشاء وأن ترفع من مرتبة باباواتها كما تحب وتشتهي. ذلك دينهم وتلك عقيدتهم وهم أحرار ضمن هذا الاطار.
ولكن أن يصدر منهم استخفافٌ بالعقول وإهانة للعلم والمنطق شيئ آخر تماماً. ويحق لي ان اعترض وأن أرفع صوتي محتجاً على محاولة الكنيسة نشر خرافات واكاذيب وترويجها في العالم تحت ستار الدين.
فقد أعلن الفاتيكان رسمياً حدوث "معجزة" للبابا الراحل تؤهله الدخول في عالم المطوّبين والقديسين. وأورد فيما يلي خبر تلك المعجزة التي اعتمدها الفاتيكان لاتخاذ قراره:
" نشرت صحيفة "الإندبندنت" قصة ترويها راهبة فرنسية تتحدث فيها عن أن بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثانى قد "شفاها من مرض باركنسون العضال"، وهو ما اعتبره الفاتيكان رسمياً "شفاعة" من وراء القبر من قبل البابا السابق.
وتقول الراهبة الفرنسية وتدعى مارى سيمون بيير، 49 عاماً، إنها استيقظت فى 9 يونيو عام 2005، أى بعد شهرين من وفاة البابا لتجد نفسها قد شفيت من مرض الشلل الرعاش الذى عانت منه لمدة أربعة أعوام وكانت على وشك أن تترك العمل بسببه.
وقد أقر البابا الحالى بنديكيت السادس عشر بأن شفاء هذه الراهبة "معجزة تنسب إلى البابا الراحل" وتنقل الصحيفة عن المشرفة على هذه الراهبة وتدعى الأم مارى توماس قولها إن مارى سيمون كانت قد أبلغتها بأنها لم تعد تستطيع العمل فى عيادة التوليد بسبب تدهور حالتها الصحية، فطلبت منها أن تأخذ قلم رصاص وتكتب عليه اسم يوحنا بولس، ورغم أن الكتابة كانت غير مرتبة لكنها تمسكت بالأمل، وقال الأطباء الذين عينتهم الكنيسة لدراسة حالة الراهبة أنه لا يوجد تفسير طبى لشفائها.
"
أي أن الفاتيكان يريدنا أن نصدٌق ان تلك الراهبة التي عجز الاطباء عن شفائها قد شفيت وتعافت بمجرد أن كتبت قصاصة ورق عليها اسم البابا الراحل واحتضنتها في ظلمة الليل فأصبحت وكأنها لم تصب بالباركنسون قط !! وربما شعر الفاتيكان بمدى تهافت هذه القصة وضعفها وبأن الكثيرين سينظرون لها كإحدى طرائف الف ليلة وليلة فلجأ الى تخريج علمي لها حين عيّن ( ولنلاحظ عبارة "الاطباء الذين عينتهم الكنيسة" جيداً ) لجنة طبية لتؤكد خبر تلك الراهبة ولتزف للمؤمنين بشرى المعجزة التي اقترحها البابا وهو في قبره.
وأنا أسأل الفاتيكان , ولجنته الطبية, لماذا لا تنجح شفاعة البابا الاّ في حالة الراهبة ماري سيمون بيير فقط؟! لماذا لا تشفى بشفاعته غيرها من الراهبات المؤمنات ( حتى لا يقولوا لنا انه لا يشفي الكافرين والملحدين) , وهن كثيرات, ممن يعانين من أمراض كثيرة مستعصية ؟ لماذا لا يواصل البابا الراحل معجزاته العلاجية حتى يُفحم الخصوم والمخالفين ويُدخل في كنيسته المزيد والمزيد من المؤمنين الذين لن يملكوا سوى التسليم بقدرات قديس المسيحية العظيم ؟ ام ترى البابا القديس لا يشمل بمحبته وعطفه سوى الراهبة ماري سيمون بيير من دون الناس؟
بل اني أذهب أكثر من ذلك لأقترح على الكنيسة – ما دام الفاتيكان مقتنع بتلك المعجزة - توزيع كبسولات خاصة تحتوي اوراقاً بها اسم البابا المقدس وترويجها لكي يتناولها مرضى الشلل الرعاشي في أنحاء الارض حتى يتعافوا من ذلك المرض القاسي ببركة البابا المقدس. أم ان الفاتيكان لا يرغب في مساعدة البشر المعذبين؟

هذا مع العلم أن البابا يوحنا بولس الثاني كان هو ذاته مصاباً بمرض الشلل الرعاشي قبل وفاته!!

الجمعة، 27 مايو 2011

صاعقة الهية تدمر تمثال اليسوع !


وهناك ايميل آخر تم تداوله ونشره بكثافة عنوانه "صاعقة ملك الملوك الحق تحرق ملك الملوك المزعوم"
وملخصه ان هناك تمثالاً ضخماً ليسوع المسيح في احدى مدن امريكا قد تعرض لصاعقة من البرق دمرته وجعلت عاليه واطيه. وهذه بعض الصور التي ينشرونها:






وذلك طبعاً حسب تحليل جماعة"التدخل الالهي"  دليلٌ على غضب الله عز وجل من نصب ذلك التمثال فسلط عليه صاعقة ليثبت لمن يؤمنون به انهم على ضلالة وان صنمهم هذا ما انزل الله به من سلطان.
وتعليقاً على هذا الايميل أقول :
أولاً : لا أستبعدُ أن يكون التمثال الضخم قد تعرض بالفعل الى صاعقة من البرق. ذلك ممكن من حيث المبدأ خاصة مع ارتفاعه الشاهق وشيوع عواصف البرق والرعد في امريكا. وربما ما يساعد على ذلك وجود الحديد أو النحاس في تركيبة التمثال.
ثانياً : لا يعني تعرض التمثال للصاعقة قراراً الهياً باستهدافه هو بالذات. فالعواصف تضرب مباني كثيرة ومنشآت لا علاقة لها من قريب أو بعيد باليسوع أو بالاديان كلها. أي أن أضرار العواصف لا تقتصر على التمثال , بل هو أحدها.
ثالثاً  : لو سلمنا جدلاً بأن دمار التمثال كان ناتجاً من غضب ربنا عليه وقراره إزالته سيتوجب علينا بالتالي أن نقرّ بان بقية التماثيل والأصنام التي لم تتعرض لعاصفة الهية والمنصوبة في اماكن كثيرة جداً تنال رضا الله عز وجل, وإلاّ لكان قصفها بالبرق ليريح البشر منها.  هذه المقدمة تؤدي الى تلك النتيجة بالضرورة, ولا فكاك.

الاسلامُ في غِنى عن هذه المعجزات الوهمية



في أعقاب زلزال وتسونامي اليابان قبل حوالي شهرين وصلتني هذه الصورة بواسطة ايميل تم ترويجه وتداوله عبر النت :


والتعليق المرافق لهذه الصورة يقول : " سبحان الله ، أنظر إلى المنطقة المحيطة بالمسجد بعد الزلزال الذي ضرب اليابان ، هذه الصورة لم يتناولها الأعلام الغربي لكنها تتحدث عن نفسها..... ما شاء الله ... تلك هى بيوت الله... الله أكبر ألله أكبر"

وطبعاً يريد مؤلف هذا الايميل القول ان هذه معجزة إلهية لأن المسجد هو المبنى الوحيد في البلد الذي لم يدمّره الزلزال ولا التسونامي! وهذا حصل لأن الله تعالى أراد أن يثبت للناس أن الاسلام دين الحق والدليل أنه حفظ مسجد المسلمين دون غيره من الدمار.


وواضحٌ تماماً ان تلك الصورة قد تعرضت لعملية "مونتاج" لزرع المسجد الابيض والمئذنة في وسطها. والأهم من ذلك ان اليابان بلدٌ ليس فيها اسلام ولا مسلمون فمن أين اتى المسجد ؟! ليست اليابان مثل بريطانيا أو امريكا ولا توجد بها جالية مسلمة تذكر وهي لا تعرف المساجد وخاصة مدن شمالها الشرقي حيث وقع الزلزال.
كما ان لديّ مفاجاة غير سارة لمن أتعب نفسه ولفق ونشر هذا الايميل : فهذه الصورة ذاتها قد تم استخدامها وترويجها عبر الايميلات أيام وقع التسونامي الكبير في اندونيسيا وسري لانكا قبل حوالي ست سنوات ! ووقتها استغلّ هؤلاء المأساة الانسانية الفظيعة التي حصلت لترويج ادّعائهم الكاذب الذي يقول ان كل البلد دمّرت الاّ المسجد ! وهم بالتالي يتوقعون من كل بني البشر أن يتقاطروا للدخول في دين الله أفواجا بعد أن أفحمهم أشاوس الاسلام بتلك الصورة.

بل اني أذهب أبعد من ذلك لأقول : ولنفترض جدلاً ان الخبر صحيح – وهو ليس كذلك – فلن يعني ذلك الشيئ الكثير , ولن يكون اثباتاً لمعجزات دين الاسلام ولا دليلاً مُفحِماً للكافرين. إذ ربما يكون التفسير هو ببساطة ان المسجد مبنيّ بأساساتٍ خرسانية قوية خلافاً لما حوله من بيوت واهنة لفقراء مساكين مما أدى الى صموده في وجه أمواج البحر التي جرفت ما حوله من مباني متداعية. أليس هذا تفسيراً ممكناً ؟ بلى , وهو منطقي أكثر من فكرة المعجزة الالهية.

خطأ نظرية التدخل الالهي المباشر في حياة البشر

يتم الترويج عبر الانترنت لمعجزات مزعومة تثبت صحة دين الاسلام . وقد صارت شائعة جداً.

وأنا أقول انه قد حان الأوان لنا نحن المسلمين لكي نعلن بوضوح وبجرأة رفضنا لمثل هذه الايميلات التي تنتشر بسرعة البرق على الانترنت لأنها :
أولا : مكذوبة وملفقة . ويقوم على دبلجتها مجموعات من الشباب الذين يتوهمون انهم يقدمون "خدمة " للإسلام عن طريق نشر أخبار عجيبة غريبة بشأن أمور غير معقولة وبعيدة عن المنطق حصلت هنا أو هناك , أو رواها فلان عن علان ,,,, لتثبت ان الاسلام هو دين مؤيَّد من لدُن الله رب العالمين.
ثانياً : انها تسيئ لنا نحن المسلمين, وتظهرنا أمام عالم القرن الحادي والعشرين كقومٍ جَهَلةٍ لا شغلَ لهم الاّ ترويج السخافات والاكاذيب.
ثالثاً : لأن هناك ألف طريقة أفضل لنشر الاسلام من هذه. فإعطاء صورة حسنة عن الاسلام تكون عن طريق التعامل بالحسنى , والاخلاق الرفيعة , وتحصيل العلم النافع, وتقديم الخدمات المفيدة للبشرية ,,,, وليس عن طريق ادّعاءات لا أساس لها من الصحة , تعافها النفسُ ويرفضها العقل.


والنظرية الاساسية وراء ايميلات المعجزات تلك هي ان الله عز وجل يتدخل في تفاصيل حياة البشر ويؤثر في مجرى الاحداث لصالح اوليائه وليدعم دينه الذي ارتضى لهم , وضد الكافرين وأهل الاديان الاخرى. ولكن نظرية التدخل الالهي هذه لا تصمد امام النقد والتمحيص فلا يمكن قبولها. لماذا ؟ لأن المنطق يقول ان من يقبل المقدمات لا بد أن يقبل بالنتائج , وأن السبب يؤدي الى المُسبّب. فإذا سلمنا أن الله تدخل ليحمي مسجداً من الدمار, مثلاً, فعلينا اذن أن نستنتج أنه اذا حصل وتعرض مسجدٌ للدمار فتلك هي ارادة الله وأمره! فكم مسجد يا ترى دُمّر وتهدم في زلازل كثيرة حصلت في باكستان وايران والهند وتركيا واندونيسيا وغيرها ؟ لماذا لم يتدخل ربنا عز وجل لينقذ تلك المساجد ؟؟

وأنا أوجه لأصحاب نظرية التدخل الالهي سؤالاً مباشراً , أيهما أهمّ وأغلى عند الله عز وجل: المسلمون , أم مسجدُ المسلمين؟ البشرُ أم الحجرُ ؟ لماذا يحفظُ الله المبنى الذي يصلي فيه عبادُه المسلمون ولا يحافظ على حياة المسلمين أنفسهم؟ لماذا لم ينقذ الناسَ من الموت؟

وأضربُ مثلاً آخر . في مواسم الحج المتتالية يتكرر حصول حوادث مؤسفة يذهب ضحيتها الكثيرون. وسأذكر واحداً منها فقط . ففي عام 1997 تسبب حريق نجم عن سخانة تعمل بالغاز في نشوب حريق هائل أتى على مخيم الحجاج في منى بالقرب من مكة المكرمة ما أدى إلى مقتل 343 حاجاً ! فهل كانت تلك ارادة الله ؟ هل أراد الله أن يحرق بالنار عبادَه المؤمنين الذين أتوا من كل فج عميق ليحجوا الى بيته الحرام؟ فاذا قلنا حاشا لله أن ننسب اليه إرادة الأذى لأوليائه المؤمنين فلماذا اذن لم يتدخل ربنا عز وجل لينقذهم من الموت بتلك الطريقة الشنيعة؟ لا جواب على ذلك التساؤل المشروع الاّ بتنزيه ربنا عز وجل عن إرادة الشر , وبالتالي لا بد من التسليم بأنه لا يتدخل في مسار أحداث حياة البشر بل يدعها تسير حسب قوانينها الطبيعية.

فالله عزوجل وضع " نواميس الكون " , وهي بلغتنا الحالية تعني قوانين الطبيعة, والتي يسير على أساسها الكون كله بما فيه من بشر وشجر, جماد وحيوان, وتركها تعمل بإرادته الكلية الشاملة. وهو بعد ذلك لا يتدخل لينقض ذات القوانين التي وضعها هو وأحكم حبكها.

ومتابعة لمثال حريق الحجاج عام 1997 : ماذا لو قال بعض الشامتين من أهل الديانات الاخرى, يهودٌ مثلاً , أو هندوس , ان الله تعالى قد أصدر حُكمَهُ على هؤلاء المسلمين الذين يتبعون ديناً كاذباً فأحرقهم عند كعبتهم ليثبت زيف عقيدتهم! كيف نردّ عليهم , وبأيّ منطق نجيبهم إن كنا ندّعي ان الله قد أبقى مسجد المسلمين وحده سليماً من الزلزال الرهيب؟ لن نتمكن من القول ان حريق الحجاج في مكة نتج عن حادث مؤسفٍ أسفر عن انتشار النار بسرعة في الخيام المصنوعة من القماش الجاف , وان ذلك ليس دليلاً من الله على ان دينهم باطل. فهذه بتلك! إن قلنا ان الله قد تدخل لينجي المسجد من الزلزال فسيقولون ان الله أراد حرق الحجاج في مكة.

ولذلك لا بد من تنزيه ربنا عز وجل عن فكرة تدخله المباشر في حياتنا. وعلينا ان نتوقف عن نسبة أفعالنا اليه. فمن يجتهد ويدرس ينجح في التوجيهي ومن لا يتبع قواعد المرور سيفشل في امتحان القيادة , ولا يجوز ان ننسب الفشل او النجاح الى الله عز وجل.

سابعاً : الشفاء بحبة البركة

 وفيما يلي مختصر للامراض التي تشفيها الحبة السوداء كما استخرجتها من مواقع عباقرة الطب النبوي :

1
) لإزالة التوتر العصبي....
2) لحالات السعال والربو ....
3) لإزالة الخمول والكسل....
4) لتنشيط الذاكرة وسرعة الادراك....
5) لمرض السكر....
6) لحصوات الكلى والمثانة....
7) لجلاء وصفاء وجمال الوجه...
8) لمن به قيء وغثيان....
9) الصدفية وغيرها.....
10) للالتهابات فيما بين الفخدين....
11) لحالات التهاب القلب وضيق الاوردة...
12) لحالات البهاق والبرص....
13) لإزالة الثآليل....
14) الام الظهر والرماتيزم بأنواعه....
15) لأزالة الصداع....
16) لحالات الحموضة وجميع آلام المعدة....
17) لحالات امراض
النساء والولادة...
18) لحالات الضعف الجنسي....
19) لحالات تساقط الشعر...
20) لحالات امراض العيون وضعفها....
21) لحالات ارتفاع ضغط الدم....
22) لحالات الحمى الشوكية....
23) لحالات الاسهال.....

فأيّ شيء بقي بعد ذلك؟ ولماذا لا يندفع المسلمون هجوماً على بائعي حبة البركة بعد أن اثبت لهم ادعياء "الطب الاسلامي" فوائدها التي لا تحصى , مستندين الى أحاديث نبوية ومسوغات شرعية وفتاوي ؟؟

سادساً : العلاج بالتمر والعجوة

يبالغ جماعة "الطب الاسلامي" في كلامهم عن فوائد التمر لجسم الانسان. والسبب ان رسول الله(ص) كان يعتمد على التمر في غذائه , في رمضان وغير رمضان, بحكم توفره –دون غيره من الفاكهة- في الجزيرة العربية في تلك الايام. وهنا ايضاً أقول ان التمر به العديد من الفوائد الغذائية مثل غيره من الفواكه ومنتجات الطبيعة. لا خلاف حول ذلك. ولكن الخلاف هو حول ادعاءاتهم بشأن استعمال التمر كدواء لشفاء الامراض. ومن يدخل الى مواقعهم سيجد قائمة طويلة من الامراض التي يشفيها التمر (ومنها امراض القلب والفشل الكلوي والسرطان والربو!! ).
ولأن هناك حديثاً نبوياً يقول ان من تصبّح سبع تمرات عجوة فلن يضره في يومه ذاك سمّ ولا سحر قام جماعة "الطب الاسلامي" بتطوير نظرية علمية لتفسّر كيف يحمي التمرُ الجسمَ من السم ! وانقل فيما يلي ذلك الشرح "العلمي" الذي يستند الى 120 بحثاً ودراسة في جامعة الملك عبدالعزيز السعودية (مدهشٌ فعلاً ذلك الاهتمام الكبير الذي تبديه الجامعات السعودية- التي لا تشتهر بتقدمها العلمي- بما يسمى الطب النبوي ) والى بحث لعالم يهودي اسمه غولدمان (هنا ايضاً يصرون على حشر اسماء علماء أجانب في ادعاءاتهم , ويهودي هذه المرة من أجل أن يكون الإفحام تاماً لمن يختلف معهم) :
" ... فسبعُ تمراتٍ عجوة تجعل المعادن الثقيلة تدخل الجسم وتتكون لها مركبات تحت الجلد، أي أن السم يوجه تحت الجلد ويدخل في الدهون تحت الجلد, بالإضافة  الى جزء يذيبه الجسم ويطرحه عبر البراز، وجزء يذيبه وينزله في البول وهذه عملية تسمى detoxication  أي عملية مضادات السموم التي تتم من تمر العجوة"

أي هراءٍ هذا ؟؟ التمر يجعل السم يتوجه الى ما تحت الجلد ويدخل في الدهون ثم يذوب ويخرج في البراز والبول !!!!
هل يجرؤ أحد هؤلاء على أن يرينا تجربة تثبت صحة تلك "الابحاث" ؟ هل يجرؤون على تجرع قليل من السم بعد أن يستعدوا له بسبع تمرات ؟

خامساً : الشفاء بالرقية

اذا كان المقصود بالرقية الشرعية هو تلاوة القرآن وقراءة الادعية للمريض فلا بأس بذلك طبعاً, بل هو امرٌ مستحب لأنه نوع من الدعاء الى الله لطلب العافية والشفاء. والله تعالى طلب من المؤمنين التوجه اليه بالدعاء ووعدهم بالاستجابة وقال عن القرآن ان به شفاء لما في الصدور.
ولكن جماعة "الطب الاسلامي" بسبب فهمهم الضيق – أو ربما بحكم مصالح البزنس!- لم يعجبهم ذلك المعنى المبسط للرقية , فادعوا بالقدرة على معالجة الامراض المادية عن طريق الرقية!
وقد بلغ الامر ببعضهم الى محاولة تقديم شرح لبيان كيفية وميكانيزم الشفاء بالرقية! فخرج كلامهم أقرب الى الهذيان . وفيما يلي نقل حرفي لما كتبوه في أحد مواقعهم :
"ان الاستماع للرقية الشرعية وتلاوة ايات الله سبحانه وتعالى على المصاب فان هذه التلاوات والادعية يمتزجها الجسد عن طريق الاستماع ودخولها في نفس المصاب وفي اعصابه ودمه مما يستقبل الجسد هذه الاصوات والانفاس العذبة والتي هي من القران الكريم فيجعل من ذلك الاستماع الفائدة العظيمة والكبيرة لان بركه القران الكريم وايات الشفاء تتخلل الجسد وتمتزج بالمرض فتطرده خارجا ....". منتهى السخف! آيات القرآن "تمتزج" بالمرض فتطرده خارجاً !!
ومن أجل إقناع القراء من ذوي الخلفية العلمية بتأثير القرآن المادي على الامراض قاموا باجراء تجربة علمية !! نتابع كلامهم من موقعهم:
"لقد اجريت تجربة وشهدها بعض من علمائنا الافاضل على ماء وكانت التجربة كما يلي:- تم احضار كمية من الماء وبدأ احد القراء بقراءة مجموعة من الايات والذكر الحكيم والنفث على الماء ووضع هذا الماء تحت المجهر فوجدوا ان هناك اشكال هندسية مترتبه وغريبة الشكل ومعقده بحد ذاتها ووضع ماء اخر غير مقروء عليه تحت المجهر فوجدوا ان الماء كما هو دون اي شكل ".
وأما الامراض التي تعالجها الرقية الشرعية فهي  كما يقولون:
"الصرع بشتى انواعه دون اسباب عضوية – الشلل وفقدان النطق والبصر والسمع وبعض السرطانات والجلطات والرجفات اللاإرادية وعدم الحمل واسقاط وتشوهات وقتل الاجنة – تعطيل احد اعضاء الجسد – التواء الوجه – الشحنات الكهربائية الزائده والالام المتنقلة دون اسباب طبية مقنعة "
أي أن هؤلاء القوم لم يفهموا ان شفاء ما الصدور يعني ان القرآن يشفي المؤمن من امراض النفس من كبر وحقد وغل وبخل ,,,,, فادعوا ان الشفاء يمتد الى الامراض المادية التي تصيب أعضاء الجسم التي داخل الصدور!
وهذا نص كلام ابن قيم الجوزية في كتابه "زاد المعاد" والذي يوضح وجهة نظر هؤلاء " قال الله تعالى : { وننزل مِن القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) الاسراء 82
والصحيح : أن { مِن } ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض ، وقال تعالى : { يا أيها الناس قد جاءكم موعظة مِن ربكم وشفاء لما في الصدور } . فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحدٍ يؤهل ولا يوفَّق للاستشفاء به ، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه : لم يقاومه الداء أبداً. وكيف تقاوم الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدَّعها ؟ ، أو على الأرض لقطَّعها ؟ فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه فهماً في كتابه".

أنا أقول ان القرآن يشفي الروح , وهم يقولون انه يشفي الجسد.

وللقارئ أن يحكم.

رابعاً : الشفاء ببول الإبل

بما انه توجد أحاديث تذكر ان النبي(ص) قد أمر قوماً أن يشربوا من ألبان الابل وبولها ففعلوا حتى صلحت أجسامهم, كان لا بد لمروّجي "الطب الاسلامي" أن يطوّروا أدوية لعلاج أصعب الامراض باستغلال تلك الثروة المنسية ! أعني بول الابل.
وتذكر مواقعهم أن "بروفيسوراً " كبيراً من جامعة الجزيرة في السودان, اسمه احمد عبدالله احمداني, قام بتجارب "علمية" مهمة حتى نجح اخيراً في علاج امراض تليّف وأورام الكبد عن طريق جعل مرضاه يشربون بول الابل بعد خلطه مع لبنها! وادّعى احمداني متباهياً أن اختراعه العظيم قد ادى الى شفاء مرضاه تماماً.
ملاحظة على الهامش : اذا كان الخبر صحيحاً فلا عجب عندي أن يكون حال السودان كما نراه اليوم من تخلف شامل في كل شيء. فاذا كان هذا مستوى " بروفيسورهم" وجامعاتهم العلمية , فعلى البلد السلام.
وطبعاً كان لا بد للسعودية و"علمائها" الباعُ الطويل في "أبحاث" بول الابل. وأنا هنا سأنقل حرفياً عن بعض مواقعهم للاطلاع على التفاصيل انقر هنا:
""ماء الإبل" أصبح "موضة علمية " استثارت عقول الباحثين في السعودية أخيرا وكانت الريادة في البحث والتحقيق للدكتورة أحلام العوضي بالتعاون مع الدكتورة ناهد هيكل في كلية التربية للبنات الأقسام العلمية بجدة حيث استخدمتا بول الإبل للقضاء على فطر A.niger الذي يصيب الإنسان والنبات والحيوان ....... وواصلت بحوثها لتضيف أبعادا أخرى تشكل بها إضافات غير مسبوقة تمثلت في اختراعين تقدمت بهما منذ عام 1419هـ لتنال عنهما براءة الاختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وكانت إحدى هذه الإضافات استخدام بول الإبل في علاج الأمراض الجلدية والأخرى مكافحة الأمراض بسلالات بكتيرية معزولة من بول الإبل. كما أشرفت الدكتورة العوضي على بعض الرسائل العلمية امتداداً لاكتشافاتها - مثلما حدث مع طالبات الكلية- ومنهن عواطف الجديبي ومنال قطان - فبإشرافها على بحث لطالبة الماجستير منال القطان التي نجحت في تأكيد فعالية مستحضر تم إعداده من بول الإبل - وهو أول مضاد حيوي ُيصنع بهذه الطريقة على مستوى العالم- وهو للأمانة على حد قول الباحثة قطان قد جاء تحضيره في رسالة الماجستير بالطريقة التي تضمنتها براءة الاختراع للدكتورة أحلام العوضي والتي تقدمت بها لمدينة لملك عبد العزيز للعلوم والتقنية منذ عام 1419هـ. "
وتواصل الباحثة السعودية العظيمة كلامها بفخر شديد عن اختراعها وتؤكد أن المستحضر الفعال الذي طورته من بول الابل سيكون زهيد السعر , وذلك من حسن حظ المستهلك الذي لن يدفع اكثر من 5 ريالات ثمناً للعبوة الواحدة.
وانا أقول ان ذلك من حسن حظ البدو ورعاة الابل. لأن 5 ريال لعبوة صغيرة من بول ابلهم مبلغ ممتاز.فكم المبلغ الذي سيدرّه البعير الواحد على صاحبه كل يوم؟
اترك الاجابة للقارئ الكريم.

السبت، 21 مايو 2011

ثالثاً : العلاج بماء زمزم


وبما أن ماء زمزم مبارك من الناحية الدينية كان  لابد لعباقرة "الطب الاسلامي" أن ينسبوا اليه خصائص عجيبة وخارقة تجعله مختلفاً عن كل مياه الارض من حيث تركيبته ومحتواه من العناصر المعدنية , وأن يقولوا ان به الشفاء الوافي من أعقد وأصعب الامراض "بإذن الله طبعاً"! وهم يتداولون عبر الايميلات والمنتديات "شهادة" لمهندس كيميائي اسمه معين الدين احمد كان يعمل في وزارة الزراعة والموارد المائية السعودية يروي فيها عجائب وغرائب عن مياه زمزم ولم يكتفوا بذلك الشاهد الباكستاني على خصائص ومعجزات ماء زمزم, فهو مسلم وبالتالي شهادته قد تكون محل شك,كما ان الباكستان ليست دولة متطورة علمياً فلجأوا الى تلفيق اقوال ونسبوها الى خبراء من بلاد متقدمة تكنولوجياً : اليابان والمانيا ! حتى يُفحموا من لا يصدقهم. فنقل موقع المحيط عن طالبين سعوديين يدرسان الطب في الشارقة أن الخبير الياباني ماسارو ايموتو أثبت " بشكل علمي ودقيق" أن ماء زمزم , ومن خلال الفحص المجهري ,مختلف عن كل المياه في العالم. وايضاً قالا ان العالم الالماني فايفر أثبت ان ماء زمزم يحتوي على طاقة عالية تساعد على الشفاء من الامراض حتى الامراض المستعصية كالسرطان ! انقر هنا لقراءة التفاصيل

وهكذا مطلوبٌ منا ان نصدق , اعتماداً على أقوال منسوبة الى مهندس باكستاني وطالبين سعوديين أن لماء زمزم خصائص تجعله يشفي من مرض السرطان ! وطبعاً لم يدخل الباكستاني والسعوديين في التفاصيل ولم يوضحوا كيف يكون ذلك ؟ وما هي تلك الخصائص؟ وما هي آلية وقف الخلايا السرطانية في الجسم ومنعها من التكاثر عن طريق ماء زمزم؟ وأين هي الابحاث المنشورة التي قام بها العالم الالماني فايفر والخبير ماسارو ايموتو الياباني؟ أليس من حقنا أن نطلع على تلك الابحاث القيمة؟
ولو كان ذلك صحيحاً فلماذا لا تقوم السعودية بانشاء أكبر مستشفى لعلاج السرطان في العالم في مكة باستغلال ماء زمزم؟ ولماذا لا تظهر للعالم معجزات ماء زمزم , لعلهم يصبحوا مسلمين؟؟

ثانياً : الشفاء بالعسل

والعسلُ أثير على قلوب ادعياء "الطب الاسلامي" وهم يقولون ان فيه شفاءً من كل داء. وهم يقصدون ذلك بل ويبالغون به الى حد الهذيان. يقول احد تلك المواقع , وأنا أنقل هنا حرفياً " أظهرت أبحاث حديثة في اليابان وأسترليا بأنَّ الشفاء التام من سرطان المعدة والعظام المتقدِّم قد تمَّ بنجاح.والمرضى الذين يعانون من هذه الأنواع من السرطان، يجب أن يتناولوا ملقعة شاي صغيرة من العسل ومثلها من مسحوق القرفة ثلاث مرَّات يوميًّا لمدَّة شهر ". للاطلاع على تفاصيل انقر هنا
وانا طبعاً لا انفي ان العسل هو غذاء مفيد لجسم الانسان, كغيره من منتجات الطبيعة. ولكن كونه مفيداً للجسم في الحالات العادية شيء , وأنه دواء وعلاج لأصعب الامراض وأشدها شيء آخر تماماً ! 
بل ان بعض هؤلاء لم يتورعوا حتى عن التوصية بالعسل لعلاج مرض السكري! نعم والله مرض السكري.  وفيما يلي نقل حرفي عن موقع جهد الالكتروني : "لقد ثبت من التجارب العديدة أن مرضى السكر تنخفض نسبة السكر في دمائهم فتصبح كما في الأشخاص الأصحاء العاديين ، وذلك إذا تناولوا العسل كغذاء".
وانا أقول ان هذا نوع من الجريمة التي يرتكبها هؤلاء الذين مات لديهم الضمير بحق البسطاء من الناس ممن يريدون ان يتعلقوا بقشة للخلاص من ذلك المرض الصعب. فلو شرب مريض السكري عسلاً فسوف تسوء حالته حتماً وربما يؤدي به ذلك الى الوفاة! سيقول هؤلاء عندها: تلك مشيئة الله ولا رادّ لما اراد.

وهمٌ كبير اسمه " الطب الاسلامي" : أولاً الحجامة

وهمٌ كبير اسمه " الطب الاسلامي" : مقدمة



والبعض يسميه " الطب النبوي" , ولا فرق في المضمون. فهذا النوع من "الطب" يستند الى نظرية مفادها أن علاج امراض الانسان المادية ممكن ان يتم باستخدام أساليب وأدوية "شرعية" دلنا عليها ديننا الاسلامي وعلمنا اياها رسول الله(ص),,, بعيداً عن الطب الحديث الذي طوره الانسان في الجامعات ومراكز البحث العلمي.
وهذا "الطب الاسلامي" له اليوم مريدون كثيرون , ويقوم عليه ويروّج له أشخاصٌ هم مزيجٌ من مشايخ, وسلفيين, ودراويش , ويختلط بهم عوام وجَهَلة, مع نصابين محترفين , ودجالين ومشعوذين , وترعاهم جميعاً جهات رسمية او شبه رسمية وخصوصاً في السعودية ومصر. وصار لهذا "الطب" منافذ اعلامية متعددة يقوم عليها رجال اعمال متكسبون تحالفوا مع مجموعة من "النجوم" وطالبي الشهرة. وشبكة الانترنت ممتلئة بالمواقع التي تروج لهذا "الطب الاسلامي" من أجل المسلمين وخدمة لوجه الله تعالى!
وفي سياق ترويجهم لطبهم "الاسلامي" ذاك, يقوم هؤلاء "الاطباء" بايراد عدد كبير من الاحاديث النبوية لدعم موقفهم. وهم لديهم ذخيرة كبيرة ومدهشة من تلك الاحاديث . كما لا يفوتهم طبعاً الاستناد الى آيات قرآنية معينة بعد ليّ معانيها وتأويلها بشكل متعسف لتخدم أغراضهم.
وأنا هنا لن ألجأ الى منهجية تفنيد صحة تلك الاحاديث النبوية ولن أقوم بحصرها –فهي كثيرة- واستعراضها ونقد أسانيدها ,,, فذلك بحثٌ يطول. ولكني أقول :
أولاً : ان الطب علمٌ بشريّ لا دين له ولا مذهب. وليس هناك شيء اسمه طب اسلامي ولا طب مسيحي ولا هندوسي. وليس هناك طب للمؤمنين وطب آخر للملحدين. الطب علمٌ يتعامل مع الانسان من حيث هو انسان.
ثانياً : ان رسول الله(ص) لم يكن طبيباً , ولم يكن الطب من مقتضيات نبوته وبعثته. فالله تعالى قد اصطفى محمد بن عبدالله (ص) ليقوم بتبليغ رسالة الحق والخير , وليهدي قلوبَ البشر بنوره. ولا يضيره (ص) أن لا يكون طبيباً أو خبير أدوية.
ثالثاً : والطب علمٌ ماديّ له أصول وقواعد, ويعتمد على الملاحظة والتجريب, ويتعامل مع المحسوس والملموس. ولا علاقة له بالايمان ولا بالعقيدة , ولا يعترف بالغيبيات ولا شأن له بما وراء هذا العالم الذي نعيش به. ولا يقبل علم الطب أي ادعاء الاّ اذا صدر عن مختصّ ومؤهل وكان مدعوماً بالتجارب الناجحة القابلة للتكرار وكان مستنداً الى اساس علميّ متين.
رابعاً : والطب ميدانه الحقيقي المستشفيات , ومراكز البحث العلمي في الجامعات , والمختبرات , ومعامل تركيب الدواء. وعلمُ الطب له مرجعياته المعروفة في العالم ولا يقبل المتطفلين والمدّعين ومنتحلي الصفة.
وبعد هذه المقدمة لا بد لنا من التطرق بنوع من التفصيل الى أبرز "تخصصات" ذلك الطب "الاسلامي" !

 أولاً : الحجامة


وهي منتشرة للغاية في اوساط مروّجي الطب "الاسلامي". وفيما يلي مقطع من اعلاناتهم :
 










وهكذا نرى ادعاءاتهم الكاذبة. لم يبقوا مرضاً الاّ ادعوا بقدرتهم على شفائه "بإذن الله عز وجل". وفي هذا منتهى الازدراء لعقولنا. وهم لم يوضحوا لنا كيف . كيف؟ كيف يمكن للحجامة أن تشفي المرض ونقيضه؟!! كيف تعالج السمنة والنحافة ؟ وكيف تشفي من السكري؟ نعلم جميعاً أن مريض السكري بحاجة الى هرمون الانسولين في الجسم , فمن أين سيأتي الانسولين ؟ الحجامة تعني إخراج بعض الدم من الجسم فمن اين سيأتي الانسولين ليعالج مريض السكري؟
والحجامة تعالج الشلل ؟! هل سمع القارئ الكريم بمشلول على الكرسي فَصَدوا منه بعض الدم فقام يجري على قدميه؟