الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

بول البعير


لا يخفى على المتابع أن قصة العلاج ببول البعير من المواضيع التي يُشنّعُ بها على الاسلام. حيث يقول كارهو الاسلام : أيّ دينٍ هذا الذي يأمرُ المؤمنين به بشرب بول البعير , ونحن في القرن الواحد والعشرين؟! أيّ نبيّ هذا الذي يطلب من أتباعه تناول جرعاتٍ من بول الابل – هنيئاً مريئاً – ليشفوا من الأمراض؟! لا نريد ديناً يتناقض مع بديهيات العقل والعلم والسلوك القويم. اذهبوا الى الجحيم ايها المسلمون أنتم وبول بعيركم!

فقررتُ أن أبحث أصل الموضوع والتهمة بنفسي , وبشكل موضوعي قدر الامكان. وطبعاً – وللأمانة- انا عندي موقف مسبق من هذا "الحديث" ومتأكد من بطلانه بغض النظر عن الرواة والمصدر, ولسببٍ واضح : فهو يتناقض مع ما هو معلوم بالضرورة من الدين وحتى مع صريح القرآن الكريم الذي قال ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ).ولا يختلف عاقلان ان البول هو من الخبائث , وبكل اشكاله سواء بول انسان أو بول بعير أو قرد. اذن المسألة عندي محسومة سلفاً : لا يمكن ان يكون هذا الكلام صدر عن النبي(ص). ولكن على كل الاحوال البحث والاستقصاء مطلوب , ومفيد.

وقد توصلتُ الى نتيجة مثيرة,,,,,

-----------

ونتيجة البحث كانت: الحديث فعلاً موجود , وفي صحيح البخاري .

ولكن هذا ليس كل شيء. لقد اكتشفتُ مفاجاة سارة. فقد تبيّن لي أن هناك حديثين وليس حديثاً واحداً في هذا الشأن!

فقد وضع البخاري في صحيحه / كتاب الطب ( ج7 ص159-160 طبعة دار الجيل – بيروت) بابين اثنين أورد فيهما هذا الحديث الذي يرويه الصحابي أنس بن مالك. الأول أسماه " باب الدواء بألبان الابل " والثاني سمّاه " باب الدواء بأبوال الابل" ,وهما في الواقع حديث واحد ولكنه مرويّ بصيغتين. والحديث يذكر قدوم قومٍ غرباء (من قبيلة عُرينة ) الى المدينة مُعلنين اسلامهم وطالبين المساعدة والاحسان من النبي(ص) فأمر لهم بإبلٍ ليساعدهم على ظروفهم القاسية. وتقول الرواية ان هؤلاء القوم قد مرضوا وأصيبوا بنوعٍ من انتفاخ البطن فشكوا أمرهم للنبي(ص) . وهنا نصل الى مربط الفرس . فهناك روايتان (منسوبتان الى نفس الصحابي- أنس) حول جواب الرسول (ص) :

الاولى تقول انه قال لهم " اشربوا ألبانها "

والثانية تقول " اشربوا ألبانها وأبوالها "

اذن اتضحت الصورة وحُلّت الاشكالية . القضية لا تعدو كونها زيادة كلمة " وأبوالها" في الحديث – حسب الصيغة الثانية. مجرد زيادة كلمة لا أكثر ولا اقل. وهذه الكلمة الزائدة هي أساس المشكلة , إذ بدونها لا مشكل في الامر لأنه ليس غريباً ولا مستهجناً أن يكون الرسول (ص) قد نصح المرضى بشرب حليب الابل. ففي ذلك الزمان لم تكن هناك أدوية غير المنتجات الطبيعية والصحية , وحليب الابل – كغيره من انواع الحليب- مفيدٌ للجسم وهو إن لم ينفع فلن يضر.

وهذه الكلمة الزائدة " وأبوالها " قد يكون اضافها انس بن مالك أو غيره من سلسلة الرواة , نتيجة خطأٍ أو وهم , وأثبتها البخاري كما وصلته.

واما لماذا أقول "مفاجاة سارة " ؟ فلأن الروايتين تتحدثان عن نفس الواقعة ,نفس الجماعة من قبيلة عُرينة الذين مرضوا, نفس الحدث. وبالتالي لا يمكن أن يكون الرسول (ص) قد قال الجوابين معاً . فهو اما قال " اشربوا ألبانها " أو" اشربوا ألبانها وأبوالها". واحدة فقط منهما قالها النبي(ص) والأخرى تُردّ.

وهكذا فإنه حتى بالنسبة للمسلم الذي يعتدّ كثيراً بصحيح البخاري ويشعر بالحرج من ردّ بعض رواياته – مهما كانت غريبة أو شاذة – يمكن رد رواية العلاج ببول الابل وبكل ثقةٍ وقوة. أقول له : لا عليك يا أخي , لا تخف, فأنت لا ترتكب اثماً ولا تجترؤ على الدين حين تنبذ رواية العلاج ببول الابل. أنت فقط ترد الرواية الغلط في البخاري وتقبل الصحيحة. وتذكّر انه توجد روايتان ولا يمكنك أن تقبلهما معاً. اقبل التي لا تتعارض مع صريح القرآن ومع العقل والمنطق , ودعْ عنك التي هي ذخيرة بيد كارهي الاسلام يستخدمونها ضده

والله من وراء القصد
-----------

ولكنّ كارهي الاسلام الذين يشنّعون عليه بقصة شرب بول الابل والاستشفاء به لا يستندون في هجومهم الى الحديث الوارد في صحيح البخاري فقط. بل هم أكثر ما يشيرون الى أقوال وفتاوى شيوخٍ مسلمين معظمهم من التيار السلفي / الوهابي , والى ما يقوم به اتباعُهم من نشاطٍ وعملٍ دؤوب لتأكيد تلك التهمة واثباتها على الاسلام والمسلمين ! فهؤلاء القوم , ومعظمهم في السعودية , يحبون كثيراً حديث شرب بول الابل ويفضلونه على الحديث الثاني الذي ليس به ذكر البول. ولستُ أدري لماذا يتمسكون بهذا الحديث المُستهجن ويروّجون له في الوقت الذي لديهم مخرج سهلٌ لتجاهله – إن لم يكن ردّه ؟!هل لأنهم مُغرمون بكل عجيبٍ وغريب؟ لكن الأمر هنا ليس عجيب وغريب بل بول قذر ونتن! لا أدري ربما المسألة بحاجة الى تحليل نفسي.

ففي بلادنا تُخصص الميزانيات ويتفرّغ العلماء وتوجّه الجهود لاثبات روعة وعظمة بول البعير وفوائده الكامنة التي يغفل عنها العالم كله.

ومن أشهر الباحثات في هذا المجال " الدكتورة " فاتن خورشيد التي تعتبر من الرواد في هذا المجال . و " الدكتورة " فاتن هذه متخصصة في البيولوجيا وهندسة الخلايا , وهي استاذ مشارك في قسم الاحياء بجامعة الملك عبد العزيز في جدة, ورئيسة وحدة زراعة الخلايا والانسجة في وحدة الملك فهد للبحوث الطبية! كما انها عضو في الهيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن والسنة. وهي تقول انها تترأس فريقاً من 25 " عالماً " يشتغلون على ابحاث بول البعير.


وتؤكد" الدكتورة " فاتن ان ابحاثها أظهرت ان بول الابل يشفي من 7 انواع من السرطان !


ولكن" الدكتورة " فاتن تشكو من ان الجهات الرسمية في السعودية حتى الآن لم تعطها الموافقة على تسجيل دوائها رغم انها قدمت كل اثباتاتها وملفاتها. أي ان عموم الشعب حتى الآن محرومون من فوائد اختراعها العظيم. ورغم ذلك فإنها لم تتوقف بل أصدرت دليلاً للناس حول استعمال بول الابل للعلاج , والجرعات المناسبة, وهذا مقتطفٌ منه :

البول:

1- يراعى اختيار الإبل البالغ في العمر و الصحيحة (ذكر أو أنثى) وليس الإبل الرضيع.

2- يجمع البول في إناء نظيف ومعقم، أما البول نفسه فنظيف معقم خال من السموم.

3- يحفظ في الثلاجة في وعاء نظيف ومغلق.

4- حين الشرب يخلط مع الحليب قبل الشرب مباشرة.

5- يمكن الإحتفاظ به في درجة حرارة الغرفة لمدة أسبوع إلى أسبوعين فقط ( حتى وإن تغير لونه إلى الأغمق).

المكيال :

5مل = ملعقة شاي

10مل = ملعقة أكل

30مل = 3 ملعقة أكل

50مل = 5 ملعقة أكل

ويمكن تحميل الـ " مانيوَل " كاملاً من موقع " الدكتورة " :


واما" الدكتورة " أحلام العوضي فقامت بأبحاث اخرى على بول البعير في السعودية ولكن نتائجها كانت مختلفة عن " الدكتورة" فاتن. فحسب"الدكتورة " احلام اتضح ان بول البعير يشفي من الامراض الجلدية والاكزيما والقروح والدمامل ويفيد ايضا في اطالة الشعر. وقد تقدمت للحصول على براءة اختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا. وتؤكد انها تنوي طرح دوائها بسعر رخيص وفي متناول كل طبقات الشعب :5 ريال فقط للعبوة !


وهناك" بروفيسور " اسمه أحمد عبد الله احمداني من جامعة الجزيرة في السودان ,وهو عميد كلية المختبرات الطبية فيها, يؤكد ان أبحاثه أثبتت أن بول الابل يشفي من أورام الكبد!

أي ان أبحاث " علمائنا " وعباقرتنا المتواصلة أثبتت أن بول البعير يشفي من الامراض التالية :

7أنواع من السرطان , حسب " الدكتورة " فاتن

الاكزيما والامراض الجلدية , حسب " الدكتورة " احلام
اورام الكبد , حسب " البروفيسور " احمداني

وهناك غيرهم وغيرهم في ليبيا ومصر وانحاء أخرى من الوطن العربي . ولكن الاغبياء في منظمة الصحة العالمية ومراكز الابحاث في المانيا وامريكا واليابان غافلون وجاهلون ومُعاندون , فلا يقبلون انجازات علمائنا الأشاوس.

فهل نستغرب بعد ذلك انه من بين أول 500 جامعة في العالم من حيث المستوى العلمي لا توجد ولا حتى واحدة من الدول العربية , حسب التصنيفات الدورية التي تصدر عن جهات دولية متخصصة ؟! ظلمونا يا حرام.


الجمعة، 25 أكتوبر 2013

هل يجوز التسليم المطلق بصحة كل ما ورد في كتب الحديث ؟ حديث " انّ أبي وأباك في النار "



للتفكير : موجّه الى كل من يتبع الرجال على أسمائها ويعتقد بصحّة كل ما رواه أهل الحديث المشهورين بدون تمحيص ولا تدبّر , ويسلّم لهم تسليما,,,,,

روى الامام مسلم في صحيحه , كتاب الايمان ( باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ) عن أنسٍ

" ان رجلاً قال : يا رسول الله, أين أبي ؟
قال : في النار !
فلمّا قفّى دعاه فقال : انّ أبي وأباك في النار "


وهذا الحديث فاسدٌ , وظاهرُ البطلان , ولا يمكن أن يكون صدر عن النبي (ص) :

- فهو يحكم على والد النبي (ص) بأنه من أهل جهنم , هو وكل أهل زمانه ! وذلك يخالف ما هو معلومٌ في الدين بالضرورة من أن الذي لم تصله الرسالة لا تقام عليه الحجة وبالتالي لا يمكن أن يُحاسب ويعاقب على " كفره" ! بل كيف يمكن وصفه بالكفر أصلاً ؟! كفرٌ بماذا وفي أيامه لم يكن هناك اسلام ولا نبيّ ولا قرآن ؟
- والنبي (ص) لا يمكن أن يحكم على كل الذين عاشوا في فترة قبل الاسلام بأنهم كفارٌ ومصيرهم في النار. ذلك أصلاً يخالف مبادئ العدل الالهي , وهو ظلمٌ لا بد أن يُنزّه عنه رب العالمين,,,,, وأظن انه لا حاجة للاسترسال أكثر في بيان فساده وبطلانه.


ورغم ذلك كله , فهو موجود في صحيح مسلم , وبالتالي يأخذ به الفقهاء التقليديون ويقبلونه ويصرّون على نسبته الى رسول الله , شاء من شاء وأبى من أبى !