السبت، 7 يناير 2012

حقيقة موقف السلفيين من تعليم المرأة

عثرتُ مؤخراً على كتابٍ ضخمٍ يجمعُ آراء علماء وهابيّي نجد في مواضيعَ شتى ابتداء من أيام شيخهم الكبير ورائد مذهبهم محمد بن عبد الوهاب الى أيام مؤلفه المتوفي قبل 40 عاماً. وعنوانُ الكتاب ( طبعة 1999) يتحدث عن محتواه :    

والكتابُ موسوعة من 16 جزء , ومواضيعُه متنوّعة جداً. وسوف أقتصر في كلامي على الموضوع المطروح.
فعندما قررت المملكة العربية السعودية فتح مدارس لتعليم البنات – قبل حوالي 50 سنة – عارض شيوخ الوهابية هناك تلك الخطوة , وتوجّسوا منها , وكتبوا رسائل الى أصحاب القرار في الحكومة يحذرونهم من عواقب هذه الخطوة وتاثيراتها الضارة على الاسلام والمسلمين ! وهذه مقتطفات من رسالة أحد كبار شيوخهم كتبها (سنة 1380 هجرية) لتوضيح موقفهم المعارض للتعليم الحديث في المدارس بعد قرار فتح مدارس لتعليم البنات:
ثم استرسل في هجاء التعليم الحديث والمعلمين المستقدمين من مصر وبلاد الشام وأضرارهم.....
ولكنه استدرك قائلاً انه ليس ضد تعليم البنات من حيث المبدأ , فقال :
وأما ما هي العلوم التي يوافق ان تتعلمها المرأة بنظره ؟ فهو يوضحها :


وأضاف نفس الشيخ في رسالة اخرى :
ثم تابعَ مخاطباً المسلمين : ما للنساء وهذه العلوم ؟؟؟؟
وأضاف يقول:

ولن أنقل المزيد من النصوص مما كتبه شيوخ الوهابية في هذا الكتاب, ففيما نقلناه ما يكفي لتوضيح حقيقة موقفهم من تعليم النساء: أحكام الحيض والنفاس, والطهارة ,,,, بالاضافة طبعاً الى الصلاة والعبادات , وما زاد عن ذلك فلا شأن لهنّ به !

وقد سبق لنا وأشرنا الى المفتي السعودي الاعظم عبد العزيز بن باز , الذي توفي سنة 1999 , وفتواه التي عارض بها دراسة البنات للعلوم "التي ليست من شأنها " !  فبنظره علومُ الهندسة والكيمياء والفيزياء ,,,,, الخ ليس للمرأة شأنٌ بها ولا يجوز ان تتخصص بها . فقط طبّ النساء مسموحٌ لديه.
وفيما يلي نعيد نشر نص فتواه تلك كما هي منشورة في عدة مواقع على الانترنت : 

حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء
س: هل يجوز للفتاة أن تدرس في بعض تخصصات العلوم الطبيعية مثل الكيمياء والفيزياء وغيرها؟
ج: ليس للمرأة التخصص فيما ليس من شأنها، وأمامها الكثير من المجالات التي تتناسب معها مثل الدراسات الإسلامية وقواعد اللغة العربية، أما تخصصات الكيمياء والهندسة والعمارة والفلك والجغرافيا فلا تناسبها، وينبغي أن تختار ما ينفعها وينفع مجتمعها، كما أن الرجال يعدون لها ما يخصها مثل الطب النسائي والولادة وغيرها..انتهى.

المصدر : فتاوى ابن باز , الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 40
ونشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج 4 ص 335.

واذا أضفنا الى ذلك كله كلام أحد اكبر علماء سلفيي مصر , وهو ابو اسحق الحويني, والمُسجّل بصوته والموجود على اليوتيوب : العلمُ للرجال فقط , يتأكد لدينا ان رأي السلفيين هذا متفقٌ عليه في صفوفهم , أو على الأقل في صفوف علمائهم ومرجعياتهم.

ونوضحُ رأينا فنقول : السلفيون أحرارٌ في رأيهم ومعتقداتهم , وليس لنا أن نجبرهم على تغيير مذهبهم ولا أن نرغمهم على اعتناق مبادئ انسانية تقدمية ما داموا لا يؤمنون بها.
ولكن المشكلة لدينا أن السلفيين يتصدّون للعمل السياسي ويريدون قيادة المجتمع ويطرحون انفسهم كتيار مُنقذٍ للبلاد والعباد في دولنا العربية. وبالتالي يصبحُ لرأيهم في تعليم البنات أهمية , فلا يمكن تجاهله. فهم لا يحتفظون برأيهم المتخلف ذاك في دوائرهم الخاصة وضمن إطار حلقاتهم المغلقة, بل يطرحونه – مع بقية آرائهم- علناً كحلّ لمشاكل المجتمع ونموذجٍ لمستقبل اجيالنا.

وهذه مشكلة حلها صعب.
فمن ناحية لا يمكن , ولا يجوز أصلاً , منعهم من التعبير عن رأيهم ومن اعتناق ما يشاؤون من معتقدات,,,,
ومن ناحية ثانية , هناك خطرٌ فعليّ بحصول ردّة حضارية حقيقية لو تمكن هؤلاء من الوصول الى السلطة ,,,,

وبنظري فإن الشعوب عليها أن تدفع ثمن خياراتها السيئة, ولو كان فادحاً . فلو حصل السلفيون على تأييد أغلبية شعبية فمن حقهم تطبيق برامجهم ونهجهم مهما كان , وبما فيه الموقف من المرأة وتعليمها,,,,
والشعوب الحية تتعلم من أخطائها.