السبت، 10 ديسمبر 2011

المسلمون ,,,, بين عبقرية أبي بكر الرازي و "عبقريات" سلفييّ زماننا : محمد العريفي نموذجاً

المستشرقة الالمانية زيغريد هوبكه لها كتابٌ رائعٌ  ومشهور وضخم, اسمه " شمسُ العرب تسطعُ على الغرب" , ألفته قبل حوالي 50 سنة, وتحدثت فيه بإسهابٍ وتفصيل عن المنجزات العلمية الهائلة لعباقرة الحضارة العربية / الاسلامية على مر التاريخ وبيّنت فيه أهمية الاسهامات التي قدمها علماء المسلمين في حضارة البشرية وبالتحديد فضلهم على اوروبا ودورهم في تطوّر الحركة العلمية فيها.
وهذا نموذجٌ من كلام المستشرقة الالمانية, المحبة للعرب, عن واحدٍ من عباقرة تاريخ المسلمين, الذي وُلد في ايران وعاش في بغداد , وأدهش العالم كله بإنجازاته العلمية العظيمة التي توصل لها بجهده وعقله الفذ, وخاصة في مجال الطب: ابو بكر الرازي.
قالت عنه زيغريد هوبكه " تولى رئاسة بيمارستان بغداد , وكان اول من فرّق بين الحصبة والجدري , واكتشف زيت الزاج (حامض الكبريتيك) , واستخرج الكحول من مواد نشوية وسكرية, وابتكر الفتيلة في الجراحة. ألّفَ اكثرَ من مئتيّ كتاب, أهمها " الحاوي " وهو موسوعة في الطب استند فيها كثيراً على التجريب و " الاسرار " و " الجدري والحصبة ".
وأضافت قائلة عن الرازي (اقتباس من الترجمة العربية لكتابها):

وبيّنت المؤلفة الالمانية ان كتابه " الحاوي" بقي المرجع الأول في الطب في قارة اوروبا لمدة 400 سنة !! وأضافت ان الاوروبيين اعترفوا بفضله وقدّروه بل وأقاموا له نصباً تذكارياً ! وهذا نص كلامها :
والكلام حول الرازي وعظمته وانجازاته يطول ويطول , و كتاب زيغريد هوبكه موجود بترجمته العربية على النت ويمكن لمن شاء تحميله بسهولة.

ولكن السبب المباشر الذي دفعني للكلام عن شخص الطبيب والعالم الكبير الرازي هو مقطع فيديو اطلعتُ عليه مؤخراً لشيخ سعوديّ بارز من رموز الدعوة الوهابية/ السلفية الشبان. وأدعو القراء الكرام لفتح الرابط التالي لمشاهدة د. محمد العريفي على اليوتيوب ( مدة المقطع أقل من 3 دقائق) وهو يتحدث للعالم عن الرقية الشرعية ويقول بلسانه انها " طب "  :

ويُلاحظ كيف يقومُ الشيخ السلفيّ بالنفخ على الزيت والماء من اجل استعماله كعلاجٍ " شرعيّ "!

فلنقارن بين العالم العظيم الرازي, ابن القرن العاشر الميلادي, الذي قدم للبشرية ذلك العلم النافع الذي رفع رأس العرب والمسلمين عالياً لدى غيرنا من الأمم والشعوب,  وبين شيخ السلفيين ونجمهم الاعلامي الذي يقدم للعالم كله  نموذجاً لعرب القرن الواحد والعشرين الذين لا يعملون ولا يبحثون ولا يفكرون ولا يقدمون ما ينفع الناس  بل يكتفون بطب الرقية والحسد والعين والسحر وإخراج الجن الكافرين من أجساد المؤمنين!

وأنا متأكد ان العريفي لن يجد باحثة ألمانية تؤلف عنه وعن علمه كتاباً تقدمه للبشرية. كما لن يجد العريفي جمهوراً في فرنسا يعترف بفضله ويقيم له نصباً في جامعاتها!
بل العكس هو الصحيح ! سيتخذونه مادة للتندّر والسخرية من العرب, وشيوخ العرب, وبرهاناً على مدى بُعد دينهم عن روح هذا العصر, عصر العلم والعقل ,والتكنولوجيا والتقدم ,,,,

فهذا حالُ العرب اليوم : تنتشر في بلادهم الكثيرات من النفاثات في العُقد , ويسودُ فيهم الكثيرون من النفاثين في الزيت والماء ,,,,,

ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعد




ملحق : بعض الصور التي أعجبتني من كتاب "شمس العرب تسطع على الغرب" للمستشرقة هوبكه