الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

وقفة مع حديث ( يقطعُ الصلاةَ المرأةُ والحمارُ والكلبُ )

هذا الحديث ورد في الصحيحين , البخاري ومسلم, وهو بالتالي يتمتع بدرجة عالية من الصدقية عند شيوخ التقليد وغيرهم ممن يُضفون هالة من التقديس على كل ما رواه البخاري ومسلم من أحاديث, بل هو مقبولٌ لديهم ومُعتمد, ومقطوعٌ بصحته.
وقد جاء الحديث بعدة صياغاتٍ لفظية , لا تبعدُ كثيراً عن بعضها البعض . وأنا هنا أنقل نصّه من صحيح مسلم الذي بين يديّ الآن ( كتاب الصلاة / باب قدر ما يستر المصلي, المكتبة العصرية للطباعة والنشر , صيدا / بيروت, طبعة 2003):
عن أبي هريرة قال رسول الله (ص) " يقطعُ الصلاةَ المرأةُ والحمارُ والكلبُ , ويقي ذلك مِثلُ مؤخرةِ الرّحلِ ".
إذن نص الحديث واضحٌ وصريح, وهو يقرن المرأة بالكلب والحمار. وفي ذلك إساءة – وأيّ إساءة – للمرأة. بل تحقيرٌ لها وحطّ من قيمتها كإنسانة. هذا لا جدال فيه , وكل من يفهمُ العربية سيخرج بذات الاستنتاج. كما انّ صراحة النصّ تجعل من غير الممكن ترقيعُ الحديث أو تزويقه. "المرأة والحمارُ والكلبُ" هكذا بكل فجاجة صارخة, فلا تنفعُ معها محاولات التصليح,,,
وحتى أم المؤمنين السيدة عائشة هالها ما سمعته من إهانةٍ لكل النساء في هذا النص فانبرت لمعارضة هذا "الحديث" وحاولت ردّه وإظهار بطلانه. وفيما يلي نقلٌ من صحيح البخاري ( باب من قال لا يقطع الصلاة شيء, طبعة دار الجيل / بيروت) " عن مسروق عن عائشة , ذُكِرَ عندها ما يقطعُ الصلاة الكلبُ والحمارُ والمرأة, فقالت : شبّهتمونا بالحُمرِ والكلاب! والله لقد رأيتُ النبي(ص) يصلي وإني على السرير بينه وبين القِبلة مضطجعة , فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي النبي(ص) فأنسلّ من عند رجليه".
ولكن حتى كلام أم المؤمنين عائشة ليس كافياً لدى عتاة السفليين لردّ الحديث الوارد في الصحيحين! وقد وجدتُ في أحد مواقع السلفيين السعوديين (وهو موقع "المسلم" بإشراف د. ناصر بن سليمان العمرhttp://almoslim.net/node/154590 ) نقلاً لجواب المفتي الأعظم للسعودية المرحوم ابن باز عندما سئل عن هذا الحديث فأكّده وأثبته ثم أشار الى اعتراض السيدة عائشة عليه فقال "وأما قول عائشة فهو من رأيها واجتهادها، قالت: بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، وذكرت أنها كانت تعترض له بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وهذا ليس بمرور؛ لأن الاعتراض لا يسمى مرورا وقد خفيت عليها رضي الله عنها السنة في ذلك"
أي أن المفتي الأعظم للسلفيين يعتبر أن الحديث صحيحٌ رغم اعتراض ام المؤمنين عائشة عليه, فكيف باعتراضي انا ؟؟!
     
وبعيداً عن ابن باز ورأيه , نقول ان هذا " الحديث" يخلق مشكلة حقيقية للباحث المسلم ! إذ كيف يمكن قبولُ هذه الإهانة الصريحة للمراة ؟! وعلى لسان نبيّ الاسلام ؟!
لا مخرج لهذه الإشكالية إلاّ بردّ الحديث , ورفضِهِ جُملة وتفصيلاً. لا يوجد حل وسط هنا : فإمّا أن نقبل بنسبة هذه الاساءة العنصرية القبيحة للمرأة الى النبيّ ( وهذا طبعاً فيه اساءه الى مقام النبيّ ذاته)  وإمّا ان نرفض هذا "الحديث" الوارد في صحيحي البخاري ومسلم.
إمّا أن نُنزّه النبيّ , وإمّا أن ننزّه البخاري !
ونحن نختار أن نُنزّه النبيّ (ص) , حتى لو غضب علينا البخاري , ومقدّسو البخاري ,,,,,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق