السبت، 5 نوفمبر 2011

يكذبون فيقولون : سُمِعَ صوتُ الآذان على سطح القمر


هناك شائعة منشرة منذ زمن طويل بين كثير من المسلمين  تقول بأن الامريكي نيل أرمسترونغ , قائد سفينة الفضاء ابولو التي أوصلت بشراً لأول مرة في التاريخ الى سطح القمر سنة 1969, قد سمع أذان الاسلام عندما هبط على سطح القمر !! وللأسف نجد الكثيرين من بني قومنا يصدقون ذلك بلا أدنى تفكير ودون أن يكلفوا أنفسهم عناء التأكد من مصدر الخبر. بالنسبة اليهم الموضوع مثير وجذاب وبه "معجزة" اضافية للاسلام , اذن لننشره ونذيعه , وليس مهماً إن كان حقيقياً أم وهماً من نسج الخيال !

بل ان مروّجي هذه الشائعة السخيفة لا يكتفون بالقول إن أول رائد فضاء هبط على القمر قد سمع الأذان هناك , بل يسترسلون في الكذب والتلفيق ليضيفوا أبعاداً درامية لقصتهم حتى يجعلوها اكثر تشويقاً وإثارة. فيقولون ان آرمسترونغ وعندما كان في زيارة الى مصر بعد عدة سنوات من صعوده الى القمر سمع صوت الأذان في القاهرة, فسأل : ما هذا؟ فقيل له : أذان المسلمين . فقال : لقد سمعتُ نفسَ الصوت على القمر، فأعلن إسلامه! ولكي تكون الكذبة متقنة يضيفون ان وكالة ناسا الامريكية قامت بطرده من عمله نتيجة لإسلامه! فقال عندها آرمسترونغ: خسرتُ عملي ولكن وجدتُ الله!
ومن شاء أن يطلع على القصة كاملة بتفاصيلها المثيرة وحبكاتها الدرامية فبإمكانه أن يجدها في كثير من المواقع الاسلامية على الانترنت, ومنها موقع شبكة " أنا المسلم " على الرابط التالي:

وأنا شخصياً سمعتُ هذه القصة لأول مرة قبل 30 سنة عندما كنتُ ولداً في مدرسة "المهلب بن أبي صفرة" الحكومية في مدينة الزرقاء الاردنية. يومها روى لنا مدرس مادة التربية الاسلامية هذه القصة بأسلوبٍ عاطفيّ مؤثر واختتم كلامه للتلاميذ المُصغين اليه بشغف بالقول ان هذه من معجزات الاسلام الربانية التي تفحمُ كل الملحدين والكفار والمُكابرين!
طبعاً لم يخطر ببال استاذ مادة التربية الاسلامية أن يتساءل كيف يمكن لرائد فضاء أن يسمع صوتاً على القمر , وهو مهندسٌ محترف, ويمرّ عليه مرورَ الكرام, فلا يسجله ولا يتحدث به ولا يخبر به أحداً! ثم ينتظر سنوات حتى يسمعه مرة أخرى في دولة عربية ويسأل ما هذا الصوت؟ وكأن الذي صعد إلى القمر هو إنسان عادي وليس باحثاً وعالماً!

وقد كنتُ أظن ان حبل الكذب قصير, وأنه مع التقدم المعرفي والتكنولوجي في العالم سوف ينتهي زمن الكذب الصريح الذي يمكن كشفه وفضحُه بسهولة. ولكن ظني ليس في محله , والكذابون لا يكترثون بشيء, بل يواصلون ترويج أكاذيبهم الفجة بكل همةٍ ونشاط . وهذه القصة المكذوبة على لسان آرمسترونغ موجودة حتى يومنا هذا في عشرات من المواقع التي يتداولها زبائنها ويواصلون نشرها بلا كلل ولا ملل , وبكل صفاقة وسماجة.
وأقول صفاقة وسماجة لأن نيل آرمسترونغ لا زال حياً يُرزق , لم يمت بعد رغم انه قد بلغ 81 سنة من العمر. وهذه صورة حديثة له مع الرئيس الامريكي اوباما أثناء حفل تكريم له :

وبالتالي يمكن لمن أحب الرجوع اليه وسؤاله عما يُنسبُ له من أقوال. بل ان له موقعاً رسمياً :
وليس به أي ذكر للأذان الذي سمعه على سطح القمر , ولا ذكر لقصة إسلامه , ولا لبقية الهراء الذي يشيعونه.
وأيضاً وكالة الفضاء الامريكية ناسا حيةٌ ترزق! ويمكن مراجعة موقعها الرسمي على الانترنت حيث نجد فيه سيرة ذاتية لرائد الفضاء أرمسترونغ, ولم تذكر بأنه أسلم أو طرد من عمله أو أي شيء آخر وهذا الرابط :

فلماذا يكذبون ؟؟؟ هل الاسلامُ بحاجةٍ الى هذا النوع من "المعجزات" الخرافية ؟! أم أن أدمغتهم – ولا أقول عقولهم - جُبلت على حب الخرافة فلا يطيقون فراقها ؟؟؟   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق