السبت، 2 ديسمبر 2017

الاختلاف عن داعش يجب ان يكون في اصل افكارهم , وليس القشور الخارجية


في مواجهة داعش غالباً ما يقع المسلمُ السنّي , العادي , الطيب , حَسَنُ النيّة , في اشكالية خطيرة وصعبة : الاشتراك معهم بنفس الاسس الفكرية والمسلّمات التي ينطلقون منها الى ان يصلوا للكثير من ممارساتهم الفظيعة التي يستنكرها المسلمُ العادي ويعارضهم فيها!
وحتى لا يبقى الكلامُ نظرياُ فسأتطرّق الى مثال واحد : سبي النساء واعتبارهن غنائم حرب وتحويلهنّ الى " مُلك يمين " لمقاتليهم.
ففقهاء داعش يقولون ما يلي : ان الاسلام لم يحرم الرق , بل أباحه , وهناك آيات قرآنية وأحاديث تتكلم عن الجواري وملك اليمين وتوزيع الغنائم على المقاتلين في الحروب ومنها طبعا نساء الاعداء. واستمرت هذه الممارسة ايام الصحابة والفتوحات وما بعد ذلك. ويضيف فقهاء داعش : لو ان الرق والسبي قبيح وهمجي وغير انساني لحرّمه الله صراحة , كما حرم الربا والزنا. ويضيفون : الله أعلمُ وأدرى منا بما هو حق وما هو باطل , وحكمُ الله وشريعته سارية المفعول وصالحة لكل زمان ومكان . ومن نكون نحنُ حتى نغير أحكام الله الواردة في آياتٍ بيّنات ونحرّم الرق والسبي الذي اباحه الله بناء على رأي فلان وعلان !!
ولذلك اذا دخل المسلمُ العادي معهم في جدال حول صوابيّة ممارسات السبي فإنه حتماً سيخسر الجولة وسينهزم أمام منطقهم اذا كان يقرّ ويسلّم معهم بأن أحكام الشريعة ونصوصها كلها " صالحة لكل زمان ومكان " وانه " لا اجتهاد فيما فيه نص " !    
فلا مخرج اذن امام المسلم العادي الاّ أن يختلف معهم في اصل الفكرة , وليس في التفاصيل والفروع . فقط اذا قال المسلمُ لهم : ان احكام الشريعة ليست مطلقة وليست عابرة للزمان والمكان بل مرهونة بظروفها وشروطها , يمكن عندها ان يقول لهم : ممارساتكم غير جائزة وقبيحة وغير شرعية , على اساس ان القرآن تعامل مع الرق والجواري كأمر واقع في ذلك الزمان فقام بنتظيم شؤونه بما يناسب تلك المرحلة فقط بسبب تعذر الغائه وتحريمه دفعة واحدة. أي ان الاحكام الشرعية والآيات تلك ليست صالحة لنا ولزماننا بل تتعلق بالماضي الذي ذهب ولا يجوز ان يعود لأن البشرية تجاوزته وانتهى الأمر.
وبخلاف ذلك المنطق ستبقى داعش منتصرة في محاججتها لمعارضيها من المسلمين الذي لا يحبون تصرفاتها ولكنهم لا يجرؤون على معارضة أصل أفكارها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق