السبت، 2 ديسمبر 2017

مساحة للتفكير الحر : القاتل يُقتل


هذا الحكم الشرعي من المؤكد انه يحقق العدالة لأهل الضحية الذين فقدوا ابنهم .
ولكن هناك الاشكالية التالية : إمكانية الخطأ البشري في الحكم. فإن حصل ذلك نكون قد أنهينا حياة انسان بريء دون وجه حق ودون اية قدرة على التعويض او التراجع.
ومهما تشددنا في التحقق قبل تطبيق حكم الاعدام , ومهما اشترطنا من البيّنات والأدلة القاطعة , ستبقى احتمالية الخطأ واردة. ومن شاء ان يبحث باستخدام محرك غوغل فسوف يجد بسهولة عدة حالات اعدام عن طريق الخطأ حصلت في عدة دول , منها الصين والاردن وامريكا , أمثلة فقط لتوضيح الفكرة.
وقد يقول قائل : ان اعدام شخص بريء , وهو أمر نادر الحدوث جدا , هو ضريبة يدفعها المجتمع في سبيل تحقيق العدالة ومعاقبة المجرم القاتل بمثل ما ارتكبت يداه. أي ان ذلك ثمن لا بد من دفعه لكي تستقيم الامور.
ويُرد على ذلك بأنه ممكن ان تستقيم الامور بدون الاعدام ! ففكرة " الردع " التي يتبناها الكثيرون ممن يؤيدون العقوبة ثبت فعليا وتاريخيا انها غير حقيقية , وأن القتلة يرتكبون جرائمهم حتى مع علمهم المسبق بحكم جريمة القتل وهو الاعدام. لم تنتهِ جرائم القتل يوما ما.
ثم هل الامر جائز اصلا من ناحية أخلاقية ؟! أن يُظلم فردٌ ويُقتل من أجل " المصلحة العامة " ؟!

ولا أذكر اسم الذي قال : ان تبرئة ألف مجرم قاتل مؤكّد أهون بكثير من قتل برئء واحد !

***
ومن ناحية اخرى : إذا كان القتل محرماً ومذموماً في الشريعة كمبدأ ؛ فلماذا تقضي هذه الشريعة بضرورة قتل القاتل ؟ لماذا يتم اللجوء إلى المُحرم والمذموم ذاته وإتخاده حداً شرعياً كمن يُعاقب السارقَ بأن يُسرق متاعُهُ أو مالُهُ ؟ وذاك الحكم مستوحى من آية القصاص , ولكن الآية في ذات الوقت توصي بالإحسان وتفتح الباب أمام الصفح والعفو وقبول الدية وإخلاء سبيل القاتل ؟
الأمر مُحير فعلاً ؛ هل الشريعة تعتبر القتل سلوكاً عدائياً يجب معاقبة من يرتكبه حتى وإن عفى أهل الولي ؟ أم أنها تدعو لإلتماس المغفرة والصفح لوجه الله ؟

هل حكم الشريعة في "القتل العمد "أخلاقي وروحاني وتربوي يتمثل في الدعوة والحث على الإحسان والعفو ؟ 
أم تُراه قانوني جنائي يحكم على القاتل بالقتل ؟
أم أنه الإثنين معاً رغم تناقضهما الواضح ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق