الثلاثاء، 21 يونيو 2011

"خرافات علمية" بشان التمر والعجوة

وصلتني مؤخراً عبر البريد الالكتروني الرسالة التالية والتي أثبتها هنا بنصها حرفياً :
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ( 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَن تصبّح سبع تمراتٍ عجوة لم يضرّه سُمّ ولا سِحر)
لماذا يا ترى تكره الجن والشياطين العجوة والتمر بأنواعه؟
ولماذا أوصانا رسولنا صلى الله عليه وسلم بأن نأكل 7 تمرات في الصباح؟
مؤخرا كان الاكتشاف التالي ..
فمنذ وقت قريب اكتشف أن أكل التمر أو البلح يولد هالة زرقاء اللون حول جسم الإنسان، ووجد أن تلك الهالة الطيفية ذات اللون الأزرق تشكل درعا واقيا وحاجزا مانعا لعديد من الأمواج الكهرومغناطيسية اللامرئية من الجن والحسد والسحر والعين الحاسدة وخلافه ..
والجن يصبحون غير قادرين على اختراق هذا الحاجز الذي ولدته الطاقة المنبثقة من العناصر الموجودة في التمر، وخاصة عنصر الفسفور الغني بالالكترونات والتي تزيل الشحنات الموجبة التي يحبها الجن ومظهرها الاثارة والتهيج لدى الانسان ..
ومن المعروف ان لمركبات هذا العنصر اشعاعات تألقية فوسفورية تدعم الطيف الأزرق وتمنع اختراق الجن لهذا الحاجز الطيفي في حين أنهم قادرون على اختراق كافة الأطياف والتعامل معها.
سبحانك ربي ما أعظمك

وانا حقاً مصاب بنوع من الذهول بسبب المحتوى العجيب لهذه الرسالة التي لا يتورع البعض عن نشرها وتوزيعها بهدف "نصرة دين الله" وإظهار مدى عظمة القرآن والحديث النبوي. ومهما حاولتُ وصف مدى سخف هذا الكلام وتفاهته فلن أنجح في التعبير المناسب عن ذلك . هالة زرقاء تنبثق من العناصر الموجودة في التمر !!! وتزيل الشحنات الموجبة التي يحبها الجن !!! وهذا كله طبعاً اكتشافات علمية حديثة.
فلماذا يصرّ البعض على تسفيه الدين الى هذا الحد؟ ألا يدركون ان هذه الادعاءات يمكن دحضها بسهولة تامة وبالتالي هم يجعلون "المعجزات" العظيمة التي يتحدثون عنها مثار سخرية وتندّر لدى أي قارئ لديه ادنى حد من التفكير العلمي والموضوعي؟

سوف أتوقف قليلاً عن مهاجمة مروّجي الخرافة هؤلاء , وسأقدم لهم النصيحة التالية:
وسّعوا آفاقكم واعلموا ان النصوص الدينية ليس شرطاً أن تؤخذ على حرفيتها وظاهرها. واللغة العربية واسعة وغنية , وبها المجاز والتأويل. واعلموا ان الدين لا يتناقض مع العقل والعلم , بل ان الله عز وجل يُعرف بالعقل. فاذا بدا من ظاهر النصوص الشرعية ما يتعارض مع العلم والمنطق فالجأوا الى التاويل , ولا تقيّدوا انفسكم بالظاهر فحسب.
وفي حالة الحديث النبوي الذي من أجله لفقوا تلك الاكاذيب المكشوفة أقول لهم :
هناك احتمالان بشان حديث (مَن تصبّح سبع تمراتٍ عجوة لم يضرّه سُمّ ولا سِحر) :
الاحتمال الأول : ان يكون الحديث هذا ليس صحيحاً , ولم ينطق به رسول الله(ص) . وذلك امرٌ محتمل ان يحدث بفعل سلسلة الرواة. أو أن يكون محرّفاً وخارجاً عن ما قاله رسول الله (ص) حقاً (وانا أرجّح ذلك). وحتى على فرض أن يكون الراوي هو البخاري أو مسلم , فمن يضمن عصمتهم من الخطأ  والزلل ؟ اذن لا يجوز التسليم المطلق بصحة أي قول منسوب للنبي(ص) كائناً من كان راويه. ولا بد أن يخضع لمعايير النقد والبحث والتحليل من ناحية المتن والسند ( أي من حيث المضمون ايضاً وليس تسلسل الرواة فقط).
فاذا كان الحديث غير صحيح تنتهي المشكلة, ويتوقف التفكير بشان التناقض الظاهر بين نص الحديث وبين صريح العلم والعقل الذي يرفض التصديق بأن تناول 7 تمرات يحمي الانسان من التسمم.
الاحتمال الثاني : ان يكون الحديث صحيحاً , ومن كلام رسول الله (ص) حقاً. وفي تلك الحالة لا بد من اللجوء الى التأويل وعدم أخذ الكلمات بحرفيتها. فقط عن طريق التأويل يمكن الخروج من المأزق : لأن أي باحث يمكنه أن يثبت وبما لا يحتمل الشك أن 7 تمرات لا تحمي الانسان من التسمم, فماذا يكون كلام النبيّ(ص) اذن ؟ التاويلُ هو الحل. وهو بابٌ واسعٌ يمكن من خلاله فهم جوهر النص ومقاصدُهُ دون التقيّد بحرفيته. وفي حالتنا هذه , مثلاً , يمكن أن يقال : ان النبي(ص) يحث المسلمَ على أكل التمر الذي كان أفضل نباتات الجزيرة العربية وأفيدها للجسم وبالتالي فإن تناوله يساعد على وقاية الجسد من الامراض بانواعها. ما العيب في هذا التأويل؟ وهل به تناقض مع ظاهر كلام النبيّ (إن صحّ انه كلامه)؟
 أليس هذا التأويل أفضل ألف مرة من سخافات الاشعاعات التألقية الفوسفورية التي تدعم الطيف الأزرق المنبعث من التمر؟؟؟!!!    

هناك تعليق واحد:

  1. سيدى اولا رسول الله لم يشر الى التخلى عن اسباب الوقاية بل الاخذ بها ...اعقلها وتوكل
    وكان الحبيب يتحدث رمزا وكناية وتمثيلا وتبسيطا
    ماذا عن احاديث تضمن السلامة طول يوم كامل بصلاة الفجر مثلا او دعاء خروج معين ....هل يعنى ذلك ان القى نفسي تحت سيارة او قطار معتمدا على ذلك
    ثم من المحتمل ان القصد الحماية من السام وليس السم ...والسأم ...المرض
    واخيرا لا قدسية سوى للقران فقط
    بل ان رسول الله نفسه ربما حسب بعض الاحاديث مات بالمدينة وبالسم ...الم تذكر بعض الاحاديث ذلك

    ردحذف