الخميس، 22 سبتمبر 2011

حقيقة موقف السلفيين من رموز العقل والعلم في التاريخ الاسلامي


كثيراً ما نسمع من الدعاة المشهورين المحسوبين على الفكر السلفي المعاصر ثناءً على الانجازات الكبيرة التي حققها المسلمون القدماء في مجالات الطب والعلوم الطبيعية المختلفة وتباهياً بها وافتخاراً على دول الغرب التي يحلو لهم تذكيرها بفضل المسلمين عليها ودورهم في بدء نهضتها. ويستخدم الدعاة السلفيون الشبان انجازات الرازي وابن سينا وابن الهيثم وغيرهم من العلماء الأفذاذ في سياق جهودهم لاستقطاب أكبر عدد ممكن لمذهبهم من الانصار والمؤيدين من عامة المسلمين.
وطبعاً فامتداحُ علمائنا القدماء الكبار والافتخارُ بهم امرٌ لا غبار عليه , بل نحن من أشد الدعاة لذلك ونتمنى لو أن اجيالنا الجديدة تنشأ وهي تتخذ من ابن رشد والخوارزمي وجابر بن حيان قدوة ومثالاً يُحتذى. ولكن المشكلة هي أن هؤلاء الدعاة السلفيين ليسوا صادقين في التعبير عن حقيقة موقف شيوخهم الكبار تجاه النابغين من كبار علماء الطبيعة وعباقرة الفكر والفن والادب والمبدعين من أهل العقل والفلسفة في تاريخنا الاسلامي الطويل. أي أن هؤلاء الدعاة يقولون نصف الحقيقة فقط ! فصحيحٌ أن تاريخ الاسلام زاخرٌ بهؤلاء الأفذاذ من أصحاب الفكر الحر الذين أبدعوا وتألقوا وسبقوا اوروبا بمراحل . ولكن صحيحٌ أيضاً أن هؤلاء العلماء أنفسهم , والذين يستغلهم السلفيون الشبان في دعوتهم, قد عانوا الأمرّين على يد أسلاف هؤلاء الدعاة من كبار سلفيي عصرهم ممن يُعتبرون اليوم مراجع عليا ومصادر للفتوى والاحكام الشرعية في اوساط سلفيي زماننا هذا.   
لقد تعرّض العلماء الأفذاذ في حياتهم وبعد مماتهم الى حملاتٍ شديدة وقاسية من قبل رموز وكبار شيوخ الفكر السلفي الذين هاجموهم وقللوا من قدرهم واتهموهم بالضلال والفساد , بل والكفر والزندقة ! ولا يخفى أن الابداع والابتكار متلازمٌ مع الفكر الحر المستنير والعقل المحلق عالياً فوق أسوار ضوابط السلفيين وحرفيتهم وقيودهم , وهذا ما لم يرُق لهم فاعتبروه كفراً والحاداً وبدعاً من عند أهل العقل والفلسفة لم يأتِ بها الله ولا رسوله.      
وقد عثرتُ على مؤلفٍ لواحدٍ من شيوخ السلفية السعودية , واسمه ناصر بن حمد الفهد, يكشف فيه المستور ويوضح حقيقة موقف السلفيين على مر الزمان من علماء الطبيعة والفلسفة والطب والفلك في التاريخ الاسلامي. ففي كتابه "حقيقة الحضارة الاسلامية" يعطينا الفهد مقتطفات من فتاوى وأقوال ابن تيمية والذهبي وابن القيم وابن الجوزي وغيرهم بحق العلماء المسلمين الذين ذاعت شهرتهم وانتشرت اخبار ابداعاتهم في العالم كله.
فبشأن العالم العظيم ابن سينا, العبقري , الفيلسوف, الذي بهر العالم بكتاباته الطبية يقول الفهد " إمام الملاحدة، فلسفي النحلة، ضال مضل، من القرامطة الباطنية، كان هو وأبوه من دعاة الإسماعيلية، كافر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم بالآخر" ثم يستشهد بشعر كتبه ابن القيم في هجائه !
وبشان الطبيب العملاق الآخر , محمد بن زكريا الرازي, فيقول " من كبار الزّنادقة الملاحدة، يقول بالقدماء الخمسة الموافق لمذهب الحرانيين الصابئة - وهي الرّب والنفس والمادة والدّهر والفضاء - وهو يفوق كفر الفلاسفة القائلين بقدم الأفلاك، وصنّف في مذهبه هذا ونصره، وزندقته مشهورة - نعوذ بالله من ذلك "
وكذلك الحال بالنسبة الى طبيب العيون المبدع الحسن بن الهيثم , يقول عنه الفهد "من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام، من أقران ابن سينا علماً وسفهاً وإلحاداً وضلالاً، كان في دولة العبيديين الزنادقة، كان كأمثاله من الفلاسفة يقول بقدم العالم وغيره من الكفريات"
وبشأن عالم الكيمياء الفذ جابر بن حيان فيقول نقلاً عن ابن تيمية "وأما جابر بن حيان صاحب المصنفات المشهورة عند الكيماوية؛ فمجهولٌ لا يُعرف، وليس له ذكر بين أهل العلم والدين" وأضاف " ولو أثبتنا وجوده، فإنما نثبت ساحراً من كبار السّحرة في هذه الملة، اشتغل بالكيمياء والسّيمياء والسّحر والطلسمات، وهو أول من نقل كتب السّحر والطّلسمات"
وحول الفيلسوف العملاق الفارابي  يقول " من أكبر الفلاسفة، وأشدهم إلحاداً وإعراضاً، كان يفضّل الفيلسوف على النبي، ويقول بقدم العالم، ويكذّب الأنبياء، وله في ذلك مقالات في انكار البعث والسّمعيات، وكان ابن سينا على إلحاده خير منه، نسأل الله السّلامة والعافية"
وكذا الفيلسوف ابن طفيل , قال عنه " من ملاحدة الفلاسفة والصّوفية، له الرّسالة المشهُورة "حي ابن يقظان"، يقول بقدم العالم وغير ذلك من أقوال الملاحدة"
وايضاً الفيلسوف الكبير الذي أبهر العالم , ابن رشد , لم يسلم من الفهد . فيقول عنه "فيلسوف، ضال، ملحد، يقول بأن الأنبياء يخيلون للناس خلاف الواقع، ويقول بقدم العالم وينكر البعث، وحاول التوفيق بين الشريعة وفلسفة أرسطو في كتابيه "فصل المقال" و "مناهج الملة"، وهو في موافقته لأرسطو وتعظيمه له ولشيعته؛ أعظم من موافقة ابن سينا وتعظيمه له، وقد انتصر للفلاسفة الملاحدة في "تهافت التهافت"، ويعتبر من باطنية الفلاسفة، والحادياته مشهورة، نسأل الله السلامة"
والشاعر المبدع ابو العلاء المعري , يورد الفهد شعراً في هجائه ثم يقول عنه " المشهور بالزّندقة على طريقة البراهمة الفلاسفة، وفي أشعاره ما يدل على زندقته وانحلاله من الدين."
وأما عالم الرياضيات العبقري الخوارزمي والذي لا زال العالم كله يستخدم كلمة algebra  والمشتقة من علم "الجبر" الذي طوّره من أجل حل المعادلات الرياضية المعقدة فيقول عنه الفهد"وهو المشهور باختراع (الجبر والمقابلة)، وكان سبب ذلك - كما قاله هو - المساعدة في حل مسائل الإرث، وقد ردّ عليه شيخ الإسلام (ابن تيمية) ذلك العلم؛ بأنه وإن كان صحيحاً إلا أن العلوم الشّرعية مستغنية عنه وعن غيره.
والمقصود هنا؛ إن الخوارزمي هذا كان من كبار المنجّمين في عصر المأمون والمعتصم الواثق، وكان بالإضافة إلى ذلك من كبار مَنْ ترجم كتب اليونان وغيرهم إلى العربية"
وحتى الرحالة المشهور ابن بطوطة لم يسلم من أذى الشيخ السلفي , فقال عنه "الصّوفي، القبوري، الخرافي، الكذّاب، كان جل اهتماماته في رحلته المشهورة؛ زيارة القبور والمبيت في الأضرحة، وذكر الخرافات التي يسمونها "كرامات" وزيارة مشاهد الشرك والوثنية، ودعائه أصحاب القبور وحضور السماعات ومجالس اللهو، وذكر الأحاديث الموضوعة في فضائل بعض البقاع، وتقديسه للأشخاص، والافتراء على العلماء الأعلام، وغير ذلك"
سأكتفي بهذه المجموعة من كبار العلماء الذين نفتخر بهم وبإنجازاتهم الحضارية الكبيرة. فما أورده الفهد من آراء بشأنهم يكفي للتدليل على مشاعر البغض الشديد والمقت التي يكنها هو وشيوخه من القدماء والمعاصرين لكل المشتغلين بالعلوم العقلية والطبيعية ممن يرفضون الانقياد وراء المتعصبين من عتاة السلفييين ذوي العقل المنغلق والفكر الجامد المتحجر الذي لا يريد أن يفكر ولا أن يدع الناسَ يفكرون! ولا عجب في ذلك, فالسلفية هي بالتعريف اتباعٌ للسلف وردّة الى الماضي ورفضٌ لإعمال عقل الانسان في شؤون هذا الكون.
ولن نذهب بعيداً بل سندع الفهد نفسه يعبّر عن رأي السلفيين في العلم والعلماء. يقول " فالعلم؛ هو العلم الشرعي، وهو الذي دل عليه القرآن والسنة وكلام السلف لا علوم الفلاسفة والملاحدة.وفي الحديث: (العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل؛ آية محكمة، وسنة متبعة، وفريضة عادلة).وقال الأوزاعي رحمه الله تعالى: (العلم ما جاء به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما كان غير ذلك فليس بعلم) .وقال شيخ الإسلام (ابن تيمية) رحمه الله تعالى: (لكن جماع الخير أن يستعين بالله سبحانه في تلقي العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه هو الذي يستحق أن يسمى علماً، وما سواه إما أن يكون علما فلا يكون نافعاً، وإما أن لا يكون علماً وإن سمي به، ولئن كان علماً نافعاً فلا بد أن يكون في ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ما يغني عنه مما هو مثله وخير منه).وقال ابن رجب رحمه الله تعالى: (فالعلم النافع من هذه العلوم كلها ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها، والتقيد بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث... في ذلك غاية لمن عقل، وشغل لمن بالعلم النافع اشتغل).
فالحاصل:إن الحضارة الإسلامية لا تقاس بعمران الدنيا ولا بعلومها، فإن المسلمين لما اشتغلوا ببناء القصور الفارهات، وبتعلّم الفلسفة والمنطق والطبيعيات، وركنوا إلى الدنيا واستهانوا بالعلوم الشرعيات؛ رماهم الله بالدواهي والمصيبات، فالفهمَ الفهمَ، فإن الإسلام لم يأتِ لعمارة الدنيا إلا بالطاعات"

فالخلاصة أنه بنظر هؤلاء السفليين كل علوم الكون لا وزن لها ولا قيمة ويرفضون أن يطلقوا عليها صفة "العلم" الذي هو بنظرهم علم الدين والشرع فقط! وأما الكيمياء والفيزياء والرياضيات فهي مما لا ينفع بنظرهم لأنها ليست مشتقة من الكتاب والسنة والمأثور عن الصحابة والتابعين والسلف الصالح.


ومن شاء قراءة الكتاب والاطلاع على المزيد من تفاهات وحماقات الشيخ ناصر بن حمد الفهد يمكنه زيارة موقع شبكة عشاق الحور الاسلامية على الرابط التالي:

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

معجزات مزعومة للبابا كيرلس السادس


اكتشفتُ مؤخراً وجود عدة مواقع على النت تتحدث عن معجزات طبية منسوبة للمرحوم البابا كيرلس السادس. وهذه المعجزات تتراوح ما بين شفاء سرطان الجلد وسرطان المثانة, والمغص الكلوي الحاد, وعلاج العقم , ومشاكل العمود الفقري , وإزالة المياه البيضاء في العين, وجلطات القلب والشرايين, وشفاء المشلول ,,, وغير ذلك الكثير الكثير من الامراض المستعصية والصعبة.
وكما لا يخفي فأخبار هذه المعجزات المزعومة تعتبر استخفافاً بالعقول وإهانة للعلم والمنطق. وذلك طبعاً تحت ستار الدين وقداسته.
والظاهر ان أخبار هذه المعجزات منتشرة ومتداولة بكثرة في اوساط المسيحيين في مصر. وهذه بعض الروابط الى تلك المواقع لمن شاء ان يسترسل في القراءة عنها :
وايضاً :
وكذلك :
والبابا كيرلس السادس كان بابا الأقباط في مصر لمدة 12 سنة الى ان توفي في1971 .
وهؤلاء الذين يروجون تلك الاخبار لا يمكنهم على الاطلاق إثبات ولو واحدة من معجزاتهم المزعومة إثباتاً علمياً موضوعياً. أبداً لا يقدرون على ذلك بل يكتفون بإيراد شهاداتٍ من بعض المؤمنين الذين يروون قصصاً عجيبة غريبة تصف كيف تعافوا بفضل بركة البابا المقدس . وطريقة الشفاء التي يتحدثون عنها تتراوح ما بين مناجاة البابا المقدس وطلب شفاعته, وما بين كتابة اسمه على العضو المصاب من الجسم, أو الذهاب الى دير مارمينا لطلب المساعدة من البابا المقدس, أو ظهوره في الحلم والمنام, أو تمرير الصليب المقدس وصورة العذراء على جسم المريض.
وليس هناك من سبب مقنع لاصرار البعض على خلط الطب بالدين وادعاء القدرة على شفاء الامراض المستعصية سوى الرغبة في استقطاب الأتباع والمريدين عن طريق ابهارهم بقصص مدهشة عن تفوّق الدين على العلم .
ونحن نقول لهؤلاء : أنتم تسيئون الى الدين عن طريق هذه المزاعم والادعاءات التي من سهل دحضها وإظهار تهافتها. دعوا العلمَ لأهله , فليس مطلوباً منكم أن تكونوا أطباء ولا خبراء أدوية. ركزوا على علاج الروح من عللها والنفوسَ من امراضها ولا تتعدوا ذلك الى ما ليس لكم به علم ولا برهان,,,,,,