السبت، 27 أغسطس 2011

ابتهجوا يا بني البشر : فالزنداني اخترع علاجاً لمرض الايدز


نعم نحن لا نمزح , فالشيخ اليمني المشهور عبد المجيد الزنداني كان قد فاجأ العالم سنة 2006 بإعلانه المثير عن اكتشافه لدواء لمرض الايدز الرهيب .
وقد ظهر الزنداني على شاشات التلفزيون وهو يؤكد على على فعالية دوائه ذاك وقدرته على شفاء مرضى الايدز شفاءً مُبرماً . وقال الزنداني ان دواءه هو خلطة أعشاب طبيعية من شأنها القضاء التام على الفيروس اللعين الذي أعجز علماء العصر الحديث. وأضاف الزنداني انه استند الى الاحاديث النبوية الشريفة في التوصل الى ذلك العلاج. وقد أثار الشيخ عبد المجيد الزنداني بهرجة اعلامية , ولغطاً وضجيجاً , للترويج لاكتشافه الى حد ان قناة الجزيرة بثت تقريراً عنه تخلله لقاء مع طبيب يمني (من مريدي الشيخ طبعاً) أكد خلاله أنه فحص المرضى الذين تناولوا دواء شيخِهِ "في مختبرات المانيا والاردن" وأن النتائج كانت ايجابية في القضاء على الفيروس !! ومن شاء أن يشاهد تقرير قناة الجزيرة فهذا الرابط :

ونحن نقول : اننا نؤيد وبقوة التوجهات والابحاث العلمية في كل مكان وزمان وندعو الى دعمها بكل السبل وعلى كل المستويات من أجل خدمة الانسانية. وسوف يكون من دواعي سرورنا الشديد وفخرنا ان يخرج من بلادنا العربية والاسلامية من يفيد البشرية باختراعات مهمة وانجازات علمية وطبية مميزة. ولكن هل هذه حالُ الزنداني واكتشافه المزعوم لعلاج مرض الايدز ؟؟؟! الجواب هو بالنفي , وللأسف. فمن حيث المبدأ الزنداني هذا ليس عالماً ولا باحثاً ولا متخصصاً في علوم الطب والصيدلة والاحياء الدقيقة. بل هو داعية اسلامي , ليس اكثر. وقد بحثتُ في سيرته الذاتية كثيراً ودققتُ بها لأقفَ على السبب الذي يجعل هذا الرجل يمتلك الجرأة ليطلق مثل ذلك الاعلان الكبير فوجدتُ ما يلي :
تنحصرُ علاقة هذا الرجل (مولود سنة 1938) بالعلوم الحديثة في سنتين قضاهما في دراسة الصيدلة في جامعة القاهرة قبل أكثر من 50 عاماً ! نعم صدقوني , سنتين فقط طالب صيدلة ولم يُكمِل لأنه " استهواه العلم الشرعي" كما تقول سيرته هو ! أي أنه طالب صيدلة فاشل لم يكمل دراسته بحجة حبه لعلوم الدين ! ونحن طبعاً لا اعتراض لنا على حبه لعلوم الشريعة والدين , فله كل الحق في ذلك , ولا اعتراض لنا أن يتوقف عن دراسة الصيدلة من اجل التبحّر في المجال الذي يحبه ويهواه (وعلى كل حال أنا لم اجد أبداً في سيرته ما يشير الى تخرجه جامعة الازهر أو القاهرة أو غيرها أو حصوله على شهادة جامعية منها في علوم الشريعة. هناك غموض مقصود في سيرته الذاتية التي تتكلم عن "التقائه بكبار العلماء" دون الحديث عن الشهادات الجامعية التي حصل عليها). ولكن اعتراضنا هو على تنطعه وادّعائه ما ليس له ! فكيف صار طالب الصيدلة الفاشل -قبل 50 سنة- مخترعاً عظيماً لدواءٍ يعالج مرضاً خطيراً انهمك العالمُ كله في العمل من أجل التوصل لعلاج له على مدى ثلاثين عاماً دون تحقيق نجاحٍ كبير ؟؟! ميزانيات ضخمة خصصت لمراكز الابحاث الكبرى في أمريكا واوروبا واليابان , وألوف العلماء والباحثين, والجامعات, والمختبرات, وشركات الأدوية العملاقة, ومنظمات الصحة الدولية, ومؤتمرات الأطباء ,,,,, وبعد ذلك يأتينا الزنداني ليخبرنا – بصفاقةٍ شديدة – أنه بزّ هؤلاء جميعاً وتفوّق عليهم وأتى بما عجزوا عنه اعتماداً على خلطة أعشاب يمنية توصل اليها استناداً الى حديث نبوي ؟؟!! والأعجب من ذلك أنه يرفض الكشف عن ذلك الحديث النبوي ؟ أي والله , حتى الحديث النبوي سرٌ عنده لا يريد أن يبوح به حتى لا يُكشف اختراعه ! ومن لا يصدق يمكنه مراجعة المقطع التالي على اليو تيوب والذي يُظهر اجابته على مذيعة قناة الجزيرة (سنة 2007) حين سألته عن هذا الحديث النبوي فرفض الاجابة حتى لا يُفشي الاسرار العلمية !
   
ولكن لماذا لا ينشر الزنداني اختراعه العظيم في العالم ؟؟ يجيبنا هو : انه يخشى أن تأخذ شركات الدواء الكبرى في العالم اختراعه فتستفيد هي منه , بجشعها الشديد, وتحرم منه المحتاجين المساكين ! فهو لا يريد أن يتحول اختراعه الى أرباح ضخمة في جيوب أصحاب الشركات العملاقة التي ستبيعه بسعر غالٍ جداً, فلن يكون في متناول الناس البسطاء. والشيخُ الحنون لا يرضى ذلك , وهكذا قرر ان لا يبوح بأسراره لأحد ! فعلى من يريد أن يتعالج أن يأتي اليه في صنعاء وهو سيعطيه الترياق الشافي ببركة الاسلام .


مهزلة وأي مهزلة. حين يصبحُ العلمُ البشريّ , والعقلُ البشريّ , والجهدُ البشريّ عُرضة للاستباحة الى هذا الحد. يأتينا رجل دعوةٍ ليقول لنا : طز في علومكم , فأنا عندي خيرٌ منها , وأعشابي خيرٌ من مختبراتكم , فأنا عندي سرّ علم الله ورسوله ولا حاجة بي الى علمائكم لمعالجة فيروس الايدز.

ولكن ما سر تلك الثقة التي يتحدث بها الزنداني ؟ لا جواب عندي سوى انه صدّق نفسه. نعم صدّق نفسه من كثرة ما انهمك في ادّعاءات الاعجاز العلمي في القرآن والسنة. فسيرة الرجل تقول انه بعد ان ترك مصر عاد الى اليمن ومن ثم تحوّل الى السعودية حيث التقى هناك بالشيخين ابن باز وابن عثيمين , وكان من مؤسسي "هيئة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة" في السعودية , وهي الهيئة ذات الميزانية الضخمة والامكانيات المادية الهائلة والتي تنظم المؤتمرات وتستقطب الكثيرين من استذة الجامعات في مصر وغيرها ممن يرغبون في تحسين ظروفهم المادية. وقد تألق الزنداني في هيئة الاعجاز العلمي هذه , فاستفاض في مساهماته بها وأسهب في الكلام عن المعجزات التي تتعلق بعلم الأجنة والبرزخ والمطر والبرق والكلوروفيل ,,,,,,, الى حد انهم أسسوا له جامعة خاصة في اليمن سماها " جامعة الايمان" ! وبالتالي كان ختامها مسك بمعجزته هو شخصياً واختراعه لدواء مرض الايدز .

وختاماً نسأل الشيخ الزنداني : بعد 5 سنوات من اختراعك الفذ , أين هو دواؤك الآن ؟ لا أحد يسمع عن مرضى عالجتهم وشفيتهم بخلطتك العشبية تلك؟! لقد سمعنا جعجعتك ولكن لم نرَ طحنك . وإن كنتَ لا زلتَ على ادّعائك , فلماذا لا تتحرك لتجعل البشرية تستفيد منه ؟ ألا تؤلمك أنات المعذبين الذين لا يجدون علاجاً يا شيخ ؟ ألا تحنّ على المرضى المساكين الذين أغلبهم من ضعفاء افريقيا – وجزءٌ كبيرٌ منهم مسلمون – وليسوا من مواطني الدول الغربية الكبرى ؟! ألا يرقّ قلبك وأنت ترى المرض الفتاك مستمراً في الانتشار بين بني البشر؟! لماذا تصرّ على الاحتفاظ بالسر في صدرك يا شيخ ؟ قل لنا ما هي الخلطة وأرحنا , نرجوك. وماذا سيحصل بعد عمر طويل عندما تأتي ساعة الحق هل سيذهب العلاج معك وتترك الدنيا محرومة من بعدك؟!


ولله في خلقه شؤون , وقديماً قالوا : عِش دهراً  ترَ  عَجَباً.

الجمعة، 26 أغسطس 2011

الذئبُ يأكلُ الجِن ! وبتخريج فقيهٍ اسلامي

من أطرف الخرافات التي تلاقي رواجاً واسعاً وإقبالاً من العامة تلك التي تتعلق بالذئب وقدرته المزعومة على "افتراس" الجن ! حيث تقول الخرافة ان الذئب هو الحيوان الوحيد الذي " يأكل الجن " ! وبالتالي هو الحيوان الوحيد الذي " تخشاه الجن " ! وهذه الخرافة منتشرة للغاية على الانترنت وتتكلم عنها مواقع عربية واسلامية كثيرة جداً . ويستطيع القارئ الكريم أن يجرب البحث عبر محرك google وسوف يُصاب بالدهشة من كثرة نتائج البحث عن موضوع الجني والذئب.  
والمؤسف في الأمر أن هذه الخرافة تأخذ بعداً دينياً اسلامياً . وقد انتقلت الى المستوى الشرعي الرسمي عبر إقرارها من قبل واحد من كبار فقهاء الوهابية السعودية عندما سئل عنها . فالشيخ ابن جبرين هو من أكبر علمائهم المعاصرين ( توفي سنة 2010) وهو كان مفتياً مرموقاً وعضواً في "هيئة كبار العلماء" السعودية وفي "رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد". أي أن الرجل ليس من العامة بل هو يعبر في فتاويه وأقواله عن المذهب الوهابي الرسمي في السعودية.
وفيما يلي نص كلامه حين أجاب على سؤال بشأن الذئب والجني, نقتبسه حرفياً من موقعه الرسمي :

رقم الفتوى : (12584)
موضوع الفتوى : خوف الجن والشياطين من الذئب

السؤال: يعتقد كثير من الناس أن الجن لا يستطيعون التمثل بالذئب ويخافون من رائحته وأنه مسلط عليهم فيفترسهم في حالة مواجهتهم، ولذا يعمد كثير من الناس إلى الحصول على شيء من أثر الذئب كجلده أو نابه أو شعره والاحتفاظ به لإبعاد الجن فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وما حكم من يفعلون هذه الأمور ؟

الاجابة : هكذا سمعنا من كثير من الناس وذلك ممكن فقد ذكر لي من أثق به أن امرأة كانت مصابة بالمس وأن الجني الذي يلابسها كان يخرج أحيانًا ويحادثها وهي لا تراه ويجلس في حجرها وهي تحس به، ففي إحدى المرات كانت في البرية عند غنمها ففجأة خرج ذئب عابر فوثب الجني من حجرها ورأت الذئب يطارده ورأته وقف في مكان فبعد ذهاب الذئب جاءت إلى موضعه فرأت قطرة من دم، وبعد ذلك فقدت ذلك الجني وتحققت أنه أكله الذئب، وهناك قصص أخرى، فلا مانع من أن الله أعطى الذئب قوة الشم لجنس الجن أو قوة النظر فيبصرهم وإن كان البشر لا يبصرهم فلعلهم بذلك لا يتمثلون بالذئب ويخافون من رائحته فليس ذلك ببعيد، وأما الاحتفاظ بجلد الذئب أو نابه أو شعره واعتقاد أن ذلك ينفر الجن من ذلك المكان فلا أعرف ذلك ولا أظنه صحيحًا وأخاف أن يحمل ذلك عامة الجهلة على الاعتقاد في ذلك الناب ونحوه وأنه يحرس ويحفظ كما يعتقدون في التمائم والحروز، والله أعلم.
                                                                                عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

وهذا رابط الفتوى على الموقع الرسمي للشيخ ابن جبرين:
أي أن الشيخ الكبير بدلاً من أن يستنكر تلك السخافات ويقوم بتوعية عامة المسلمين وإرشادهم للابتعاد عن خزعبلات الجن والعفاريت ,,, بدلاً من ذلك الدور المتوقع منه كعالم دين مسؤول يلجأ الى تأكيد تلك الخرافة بل ويزيد عليها بأمثلةٍ من عنده ! فيُحدّث سائليه عن تلك المرأة التي كان يلابسها جنيّ فخرج منها فأكله ذئب!!
فإذا كان هذا كلام المفتي السعودي الكبير فهل نلوم العامة على جهلهم ؟!


الجمعة، 19 أغسطس 2011

مناقشة مع حديث الذبابة : زغلول النجار يعتبره اعجازاً علمياً !



هناك حديث ( صار مشهوراً , وللأسف) يقول " إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله , ثم ليطرحه,  فإن في احد جناحية شفاء وفي الآخر داء ". وهو موجود في صحيح البخاري , مما يعطيه هيبة بنظر معظم المسلمين نظراً لما يتمتع به الامام البخاري من مكانة مرموقة في علم الاحاديث النبوية .
وهذا الحديث به اشكالية كبيرة. فهو يتناقض مع المعلوم بالضرورة من مبادئ علمية مثبتة حول قذارة الحشرات ودورها في نقل الأوبئة والمايكروبات. والحديث به ادّعاء "علمي" حول أجنحة الذبابة وكيف ان أحدها ينقل المرض بينما الآخر يعالجه, وهذا طبعاً ما لا يقبله العلم الحديث الذي دخل في أعماق فسيولوجيا الكائنات الحية بكل انواعها ومنها الذبابة فلم يجد فرقاً يذكر بين جناحيها ولا وجد "الشفاء" في جناحها اليمين ولا "الداء" في جناحها اليسار! أبداً لم يحصل ذلك , ولم يقل به عالمٌ واحدٌ معتبر ٌمن علماء الاحياء والفارماكولوجي في هذا الكون , ولا ذكرته مجلة علمية , ولا تحدثت عنه نشرة ابحاث, ولا اكتشفته جامعة ولا تبناه مؤتمرٌ علميّ ولا ولا ,,,,
اذن هذا الادعاء غير صحيح من ناحية علمية. تلك مسألة محسومة. فماذا نفعل بالحديث اذن؟ والمشكلة أن هذا الحديث لا يقبل التأويل لأنه واضح جداً وصريح ومفصّل وبه توجيه عملي للانسان, مما يجعلنا غير قادرين على اجتراح تأويل مقبول للحديث يصرفه عن ظاهر معناه الى وجه آخر.
وهكذا لا يتبقى لنا سوى ردّ هذا الحديث ورفضه. ولكنّ الحديث قوي حسب معايير الفقهاء, فقد رواه البخاري في صحيحه, فهل نكذّب رسولَ الله (ص) ؟! معاذ الله , لن نفعل ذلك . ولكننا نقول , وبكل بساطة: ان رسول الله (ص) مُنزّه عن قول مثل هذا الحديث الذي يتناقض مع صريح العقل والعلم. رسول الله(ص) لم يقل هذا الحديث! هذا موقفنا وليغضب من شاء أن يغضب. كلا لم يقل النبي(ص) هذا الحديث الذي لو طبقه المسلمون لكان مضراً بصحتهم ولزاد من امراض أبدانهم.
ولكن ماذا عن البخاري وصحيحه ؟ نقول : ان البخاري رجلٌ يصيب ويخطئ, وقد اجتهد في جمع الاحاديث النبوية حسب معايير وضعها, ولكنه ليس معصوماً عن الخطأ والزلل. بعبارة أخرى نقول: ليس كل ما في "صحيح البخاري" صحيحاً ! وحديث الذبابة هذا نعتبره مما ليس صحيحاً في "صحيح البخاري". هذا اولاً.
وثانياً نقول : ان راوي هذا الحديث بالذات هو أبو هريرة. وهنا لا بد لنا من وقفة طويلة. فأبو هريرة بنظرنا محلّ تساؤل وشكوك. فسيرته تخبرنا انه لم يكن من البارزين أو المميزين في اوساط الصحابة , ولا كان وثيق الصلة بالنبي(ص) ولا من خلصائه ومقربيه. فهو ليس من المهاجرين ولا الانصار, ولا من أهل بدر ولا أحد ولا الخندق, ولا من أهل بيعة العقبة, ولم يكن من المجاهدين ولا أصحاب الرأي , بل لم تكن له أي قيمة تذكر أيام النبي(ص). كل ما هنالك انه كان واحداً من آلاف العرب الذين جاؤوا ليدخلوا في الدين الجديد بعد أن سمعوا أنه قد ظهر وانتصر. فقد جاء ابو هريرة للمدينة المنورة ودخل الاسلام في السنة السابعة للهجرة , بُعيد فتح خيبر! فصار من ضمن "أهل الصفة" الذين كانوا بلا عمل, مُعدمين جائعين, ولا يفعلون شيئاً سوى انتظار ما يجود به المحسنون في مسجد رسول الله(ص) في المدينة.
هذه خلفية ابي هريرة, وتلك حقائق ثابتة لا خلاف حولها. ورغم ذلك كله نجد أن أبا هريرة هو أكثر الصحابة رواية عن النبي (ص), فقد روى الالآف المؤلفة من الاحاديث, بل ان ما رواه لوحده من الاحاديث يزيد بمقدار أربعة أضعاف عن كل الاحاديث التي رواها الخلفاء الراشدون الاربعة مجتمعين !! وهذه الحقيقة دفعت الشيخ المصري الازهري محمود ابو رية رحمه الله الى تأليف كتاب سماه "شيخ المضيرة ابو هريرة" قبل أكثر من 50 سنة. والمضيرة هي نوع من الحلويات في تلك الايام (كالهريسة أو الكنافة) كان ابو هريرة مولعاً بها أيام معاوية بن ابي سفيان. فالشيخ ابو رية اراد بهذا العنوان ان يشير الى خلفية ابي هريرة الجائع المعدم التي انقلبت شرهاً ونهماً أيام عزه في زمان بني امية.
وحتى ايام الصحابة لم يكن ابو هريرة يحظى بالكثير من الاحترام. وقد عامله عمر بن الخطاب بقسوة وازدراء ومنعه من الحديث عن النبي(ص) , بل وشكّ في ذمته المالية فصادر نصف امواله. وبعد عمر  أثارت رواياته الكثيرة جداً عن النبي(ص) امتعاض واستياء من بقي من كبار الصحابة فتصدوا له ونهروه , بل وكذبوه في بعض الاحيان, ومن هؤلاء سعد بن ابي وقاص والسيدة عائشة. ومن يفتح صحيح مسلم سيجد ابا هريرة يخاطب الناسَ ويقول " ألا انكم تحدّثون أني أكذبُ على رسول الله .... " ويكمل حديثه الذي يدافع به عن نفسه في وجه تهمة الكذب التي يبدو انها كانت شائعة بين الناس آنذاك.
سأكتفي بهذا القدر عن ابي هريرة , لأقول انني حين أشك في مصداقية كلام ابي هريرة وأردّ حديثه لستُ مُبتدعاً ولا آتي بشيئ جديد. وحتى الامام ابو حنيفة النعمان , مؤسس المذهب الحنفي, لم تكن أحاديث ابي هريرة حجة عنده وكان لا يأخذ بها الاّ بقرينة اخرى.
ويبقى سؤال : لماذا قال ابو هريرة هذا الحديث؟ لا نعلم السبب تماماً ولكنا ربما نخمّن أن أبا هريرة بحكم نهمه الشديد وحبه للأكل- خاصة مع خلفيته المُعدمة-  لم يكن يبالي بالذباب الذي ربما كان يهاجم الطعام بكثرة , فقال هذا الحديث للناس لكي يأكلوا الطعام مثله " على البركة" دون أن يأنفوا او يلقوا به للمهملات.

انتقل الآن الى عصرنا الحديث , حيث نجد الدكتور "العبقري" زغلول النجار – طرزان الاعجاز العلمي في القرآن والسنة- يحوّل هذا الحديث الى معجزة وفتحٍ كبير لدين الله !! لا يمكن لشخصٍ متخصصٍ في ترويج مزاعم المعجزات العلمية الموجودة في القرآن والسنة أن يفوته حديث مثل حديث الذبابة! فالحديث هذا به نظرية علمية واضحة , وبالتالي فهو هنا ليس بحاجة الى ليّ أعناق العبارات والنصوص الدينية ليعطيها بعداً علمياً. النص صريحٌ ومباشر , وكل ما عليه أن يلجأ الى تلفيق إخراج علمي عصري يليق به! وهكذا كان, فالدكتور المذكور يكتب ما يلي على موقعه الرسمي على الانترنت " وقد أثبتت التجارب العلمية الحديثة الأسرار الغامضة التي في هذا الحديث .. أن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب هي أنه يحول البكتريا إلى ناحية .. وعلى هذا فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب أو الطعام .. فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم وأول واحد منها هو مبيد البكتريا يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه .. ولذا فإن غمس الذباب كله وطرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة به وكاف في إبطال عملها " . وطبعاً هذا كلام هراء. فلم تثبت التجارب العلمية الحديثة شيئاً مما يتكلم عنه زغلول . وحتى يضفي زغلول شيئاً من الهيبة العلمية على كلامه لا بد له من استخدام مصطلحات مؤثرة على القارئ البسيط : باكتيريوفاج ! لنتابع القراءة من موقع زغلول الرسمي " كما أنه قد ثبت علميا أن الذباب يفرز جسيمات صغيرة من نوع الإنزيم تسمى باكتيريوفاج , أي مفترسة الجراثيم,  وهذه المفترسة للجراثيم الباكتيريوفاج أو عامل الشفاء صغيرة الحجم يقدر طولها بــ 20 : 25 ميلي ميكرون فإذا وقعت الذبابة في الطعام أو الشراب وجب أن تغمس فيه كي تخرج تلك الأجسام الضدية فتبيد الجراثيم التي تنقلها من هنا فالعلم قد حقق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بصورة إعجازية". وطبعاً على القارئ العادي أن ينبهر من هذا العلم الغزير الذي يتدفق من فم "الدكتور" خاصة مع البكتيريوفاج التي طولها 25 ميكرون ! وأما مصادر هذه الاخبار العلمية الرهيبة ؟ يجيبنا زغلول "وقد كتب الدكتور أمين رضا أستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة الإسكندرية بحثا عن حديث الذبابة أكد فيه أن المراجع الطبية القديمة فيها وصفات طبية لأمراض مختلفة باستعمال الذباب ." اذن هي مصادر طبية قديمة بها وصفات باستعمال الذباب ! أية مصادر هذه ؟ كتاب ألف ليلة وليلة ؟! أم إلياذة هوميروس؟ وكأنّ زغلول يشعر ان كلامه عن أمين رضا والمصادر القديمة ليس مقنعاً بما فيه الكفاية للقارئ , فكان لا بد من مصادر حديثة, فما هي يا ترى؟ لنتابع "وفي العصر الحديث صرح الجراحون الذين عاشوا في السنوات العشر التي سبقت اكتشاف مركبات السلفا .. أي في الثلاثينيات من القرن الحالي بأنهم قد رأوا بأعينهم علاج الكسور المضاعفة والقرحات المزمنة بالذباب . ومن هنا يتجلى أن العلم في تطوره قد أثبت في نظرياته العلمية موافقته وتأكيده على مضمون الحديث الشريف مما يعد إعجازا علميا قد سبق به العلماء الآن". ما شاء الله. جراحون عاشوا في الثلاثينات من القرن العشرين صرحوا ..... ! من هم هؤلاء الجراحون ؟ وما مكانتهم العلمية؟ واين هي أبحاثهم؟ واين هي تصريحاتهم؟ وماذا عن الجراحين الذين اتوا بعدهم, ألم يصرحوا هم ايضاً عن فوائد الذباب في علاج الكسور والتقرحات؟ كلامٌ في كلام, يقذفه زغلول في وجوهنا ويريدنا أن نصدق أخباراً لا يقبلها عقل ولا منطق اعتماداً على جراحين الثلاثينات المجهولين هؤلاء ؟! هل يجوز ان يصدر هذا الكلام من شخص يحمل شهادة الدكتوراة ؟! نسأل هذا الدكتور : ألم يسمع بالمؤتمرات الطبية العالمية والمحترفة التي تنظمها كبرى الجامعات في امريكا واوروبا ؟ ألم يسمع بالدوريات العلمية المتخصصة التي تصدر عن أهم الهيئات الطبية في العالم ؟ ألم يسمع عن مراكز الابحاث الكبرى في المانيا واليابان؟ الا يعرف بوجود مايو كلينيك وغيرها من المستشفيات العظيمة ؟ ألم يسمع بالمختبرات الطبية المتطوة في سويسرا؟ ألا يدري ان منظمة الصحة العالمية نشيطة جداً في متابعة كل التطورات التي تحدث في المجال الطبي في العالم ولها هيئات تتابع وترصد وتناقش وتعتمد كل ما هو جديد من انجازات العلماء والباحثين؟
هذه هي المراجع العلمية فلماذا لا يأتينا زغلول بكلامها ؟  
نسأل سؤالنا هذا ونعرف أن لا إجابة عند زغلول عليه. فكلامه كالزبَد الذي لا ينفع الناسَ بل يذهب جفاءً ....

ملاحظة : لمن شاء أن يطلع على موقع زغلول النجار وكلامه فهذا الرابط : http://www.elnaggarzr.com/index.php?itm=2fa4b55ef89d7659b1e4837a6a5ed0f5

الجمعة، 12 أغسطس 2011

ابن باز يعارض دراسة المرأة للهندسة والكيمياء

المفتي السعودي الاعظم عبد العزيز بن باز , الذي توفي سنة 1999 , كان يعارض دراسة البنات للعلوم "التي ليست من شأنها " !!  فبنظره علومُ الهندسة والكيمياء والفيزياء ,,,,, الخ ليس للمرأة شأنٌ بها ولا يجوز ان تتخصص بها !!
فقط طبّ النساء مسموحٌ لديه.

وفيما يلي نص الفتوى كما استخرجتها من عدة مواقع على الانترنت : 


حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء

س: هل يجوز للفتاة أن تدرس في بعض تخصصات العلوم الطبيعية مثل الكيمياء والفيزياء وغيرها؟

ج: ليس للمرأة التخصص فيما ليس من شأنها، وأمامها الكثير من المجالات التي تتناسب معها مثل الدراسات الإسلامية وقواعد اللغة العربية، أما تخصصات الكيمياء والهندسة والعمارة والفلك والجغرافيا فلا تناسبها، وينبغي أن تختار ما ينفعها وينفع مجتمعها، كما أن الرجال يعدون لها ما يخصها مثل الطب النسائي والولادة وغيرها..انتهي
المصدر : فتاوى ابن باز
الجزء رقم : 24، الصفحة رقم: 40
ونشر في كتاب فتاوى إسلامية من جمع محمد المسند ج 4 ص 335.


ولا عجب , فهذا نفس الشخص الذي أنكر دوران الارض حول الشمس !

ولديّ تساؤل: ماذا كان يمكن ان يكون مصير ماري كوري (توفيت سنة 1934)  لو كان ابن باز موجوداً ايامها؟؟ ماري كوري عالمة الكيمياء والفيزياء العظيمة التي أبدعت في علم العناصر المشعة وفازت بجائزة نوبل مرتين, ماذا سيقول لها ابن باز ؟ اتركي المختبرات وعناصر الراديوم والبولونيوم, فذلك شأن الرجال يا بُنيّة !!

الجمعة، 5 أغسطس 2011

يا لها من معجزة : توسّط مكة المكرمة لليابسة !!

شخصٌ اسمه يحيى حسن وزيري , يقدم لنفسه سيرة ذاتية طنانة رنانة اقتطف منها : انه حاصل على شهادة الدكتوراة في العمارة البيئية, وانه استاذ العمارة ومحاضر بكلية الآثار بجامعة القاهرة, وانه عضو المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية بمصر, وعضو العيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن والسنة, وعضو اتحاد الآثاريين العرب وانه يحمل جائزة السلطان قابوس المعمارية عام 2002 , والجائزة الاولى في مجال الاعجاز العلمي في القرآن الكريم عام 2005 وغير ذلك.
هذا الرجل , الذي يظهر من سيرته الذاتية انه من طرزانات الاعجاز العلمي في زماننا, قدم " بحثاً علميا" في مؤتمر ضخم اسمه " المؤتمر العالمي العاشر للاعجاز العلمي في القرآن والسنة" الذي عقد مؤخرا في اسطنبول في شهر آذار (مارس) 2011. و"البحث العلمي " الذي يتباهى به المذكور منذ عدة سنوات هو في حقيقته ليس بحثاً ولا علمياً ولا ما يحزنون. بل كل ما قام به لا يعدو كونه مجموعة تمارين على برنامج غوغل ايرثGoogle Earth  الذي يقيس المسافات بين النقاط المختلفة في الكرة الارضية. وهذا البرنامج سهل الاستعمال جداً ومتاح مجاناً على الانترنت وبإمكان أيّ تلميذ مدرسة استعماله ببساطة تامة. أي انه لا يحتاج الى استاذ في العمارة البيئية ومحاضر في جامعة القاهرة لكي يقوم بتلك الحسابات البسيطة التي يطلق عليها الرجل مسمى " بحث علمي" .
والحافز الرئيسي الذي يدفع الرجل ليقوم بهذا "البحث العلمي" هو رغبته الشديدة في الحصول على "معجزة علمية" , حتى لو اضطر الى الدبلجة والتلفيق, لكي يعرضها على مؤتمرات الاعجاز العلمي في القرآن والسنة, وهي المؤتمرات الممولة من السعودية وغيرها من دول النفط والتي تدفع بسخاء شديد لكل من يأتيها بما يمكن ان يساعدها في دعواها التي تتلخص في ان القرآن الكريم وسنة رسول الله(ص) تحتويان عددا هائلا من المعلومات العلمية في مجال الطب والفلك والجيولوجيا والفيزياء والبيولوجيا ,,,,, الخ والتي لم يتوصل اليها العلم الحديث إلاّ مؤخراً بينما هي موجودة في النصوص الدينية منذ 1400 سنة , وهذا يشكل معجزة تثبت صحة دين الاسلام. ونظرية الاعجاز العلمي هذه بحاجة الى كلام كثير , وسآتي لها في مقام آخر, ولكني هنا سأركز حديثي على يحيى حسن وزيري وبحثه العلمي العظيم فأقول:
أولاً : لو سلمنا جدلاً أن مكة المكرمة تتوسط بالفعل – وذلك ليس صحيحاً – الكرة الارضية , فأين المعجزة في ذلك ؟ هل كون ايفيرست اعلى جبل في العالم معجزة علمية ؟ هل كون النيل اطول نهر في العالم معجزة؟ وهل وهل ؟ في هذا الكون الكثير من الاشياء المتميزة , ولكنها ظواهر طبيعية وليست معجزات.
لماذا اذن يعرض يحيى حسن وزيري ادعاءه ذاك على انه معجزة علمية للقرآن والسنة ؟ على اي اساس؟ هل قال القرآن الكريم ورسول الله (ص) ان مكة تتوسط اليابسة ؟؟! كلا , أبداً لم يحصل ذلك.
ويبدو ان يحيى حسن وزيري قد انتبه لذلك, فسعى الى البحث الحثيث عن اي نص ديني واضح يقول ان مكة هي وسط هذا العالم ففشل. وعندها لجأ الى تأويل بعض النصوص بشكل شاذ وفجّ ليدعم بهل معجزته التي سيقدمها الى مؤتمر الاعجاز العلمي اياه. ولننظر الى كلامه بعد أن اعياه البحث دون جدوى:
ذهب عدد من علماء اللغة إلى أن سبب تسمية مكة بهذا الاسم هو أنها وسط الأرض، يقول الزبيدي فى كتابه "تاج العروس: «وقيل: إِنَّ مكة مأَخوذة من المُكاكَةِ وهي اللّبُّ والمُخُّ الذي في وَسَطِ العَظْمِ، سمِّيَتْ بها لأنَّها وَسَطُ الدُّنْيا ولُبُّها وخالِصُها», ,,,
وفي ثنايا حديث علماء التفسير المسلمين قديماً عن فضل مكة على سائر البلدان جاءت الإشارة إلى أن مكة المكرمة تقع في وسط العالم, يقول القرطبي:قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾[البقرة: 143], المعنى: وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم, والوسط: العدل, وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها»، ويقول ابن عطية في تفسيره: «وأم القرى مكة سميت بذلك لوجوه أربعة، منها أنها منشأ الدين والشرع, ومنها ما روي أن الأرض منها دحيت, ومنها أنها وسط الأرض وكالنقطة للقرى, ومنه ما لحق عن الشرع من أنها قبلة كل قرية, فهي لهذا كله أم وسائر القرى بنات».
ومن ذلك أيضاً ما قاله أبو حيان في تفسيره(4):«﴿وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾[الأنعام: 92] أم القرى مكة وسميت بذلك لأنها منشأ الدين, ودحو الأرض منها, ولأنها وسط الأرض, ولكونها قبلة وموضع الحج ومكان أول بيت وضع للناس»،,,,
مما سبق يتضح لنا أن بعض علماء اللغة والتفسير، قد فهموا أن مكة المكرمة تتوسط الأرض اما من المعنى اللغوى لاسمها "مكة" أو الوصف القرآنى لها بأنها "أم القرى"، أو من خلال فهم وتفسير ماورد فى بعض الآيات القرآنية,,,
ومن هذا الكلام يتضح تماما مدى ضعف حجة الرجل وتهافتها الى حد انه يلجأ الى كتاب "تاج العروس" ليأخذ منه ان مكة كالمخ الذي وسط العظم وبالتالي هي وسط الدنيا!! ويلجأ الى آية "جعلناكم أمة وسطا" ليستنتج منها ان مكة وسط العالم !! وهذا منتهى التعسف والشذوذ في التأويل. وكذلك "ام القرى" تعني بنظره انها وسط الارض !!!
ثانياً : نأتي الآن الى مضمون "البحث العلمي" الذي قام به الرجل. فهو يقول :
نتائج الدراسة العلمية ومناقشتها:
أ- بالنسبة لتوسط مكة للعالم القديم (أفريقيا واوروبا وآسيا):
تم اختيار مواقع محددة (ممثلة بخطوط الطول والعرض) والتى تمثل أبعد مسافات عن مكة المكرمة فى قارتى أفريقيا وأوروبا وآسيا، وقد اتضح أن المسافة المتوسطة مابين أبعد حدود فى قارة أفريقيا وأوروبا (جزيرة أيسلندا) وآسيا تساوى حوالى 6511 كم، مع وجود جزء من قارة آسيا لم يدخل فى حدود المسافة السابقة لاتساع لكبر مساحة هذه القارة، انظر شكل 1
هكذا اذن . يرسم الدكتور الجهبذ دائرة على الخريطة , على مزاجه وهواه, ثم يقول لنا ان مكة مركز تلك الدائرة وبالتالي هي مركز قارات العالم القديم (لا ادري لماذا لا يزال يقسم القارات الى قديمة وجديدة؟؟). وهو يقرر استثناء قارة آسيا "لاتساع مساحة هذه القارة" مع انه يقول لنا ان مكة تتوسط افريقيا واوروبا وآسيا!!! كيف تكون مكة تتوسط "العالم القديم" ما دام الدكتور الجهبذ يستثني منه الصين واليابان واندونيسيا ووو ؟؟!
ثم هو يقول ان المسافة بين مكة وبين أبعد نقاط في افريقيا واوروبا متساوية وهي 6511 كم. وقد استفزني كلامه الى حد أنني قمت بتجريب برنامج حساب المسافات بنفسي من أجل التأكد من ارقامه , فوجدتُ ما يلي :
المسافة ما بين مكة وداكار (اقصى غرب افريقيا) هي 6065.14 كم
المسافة ما بين مكة وكيب تاون (اقصى جنوب افريقيا) هي 6553.42  كم
المسافة ما بين مكة وايسلاندا (اقصى شمال غرب اوروبا) هي 6364.36 كم
وهكذا فالمسافات هذه تختلف عن الرقم الذي ذكره هو , ويتختلف فيما بينها بحدود 500 كم , وهذه ليست مسافة بسيطة. وبالتالي فادعاؤه باطل.
واما اذا أخذنا قارة آسيا بالاعتبار فنجد ان المسافة بين مكة المكرمة ومدينة طوكيو في اليابان تبلغ 9472.74 كم أي انها تزيد بثلاثة آلاف كيلومتر عن المسافة عن بقية النقاط . فكيف تكون مكة متوسطة للعالم القديم اذن؟؟!
ان المدقق في الخرائط سيجد , بالنظر المجرد , أن وسط العالم القديم هو على الارجح مكان يبعد كثيراً عن مكة : الى الشمال الشرقي . أي انها ربما تكون نقطة في شرق ايران أو الباكستان.
ثم بعد ذلك يستمر الرجل في رسم الدوائر والاقواس التي مركزها مكة وتربطها تارة مع حدود قارات العالم الجديد البعيدة, وتارة مع "المراكز الجغارفية" لقارات العالم الجديد, وغير ذلك من الافكار الغريبة التي تنتقي حدوداً وقارات بهدف اثبات هذه المعجزة المزعومة. ولا ارى داعياً للاسترسال في تفاصيلها تجنباً للملل. ومن شاء ان يقرأ الموضوع كاملاً فهذا الرابط :
وطبعاً يتلقف عشاق المعجزات الوهمية أبحاثاً من النوع الذي انتجه يحيى حسن وزيري ليقوموا بترويجها عبر النت بعد تبهيرها , ومنها هذه :
بل انهم يضيفون تلفيقات عجيبة غريبة , بل ويخترعون مفاهيم علمية جديدة تماماً , ومنها مثلا ان مكة هي "مركز الجاذبية الارضية " !!! ويؤكدون ان العلم الحديث اثبت ذلك :
وختاماً اقول : ان القرآن الكريم والسنة النبوية في غنى عن هؤلاء ومعجزاتهم الوهمية وتلفيقاتهم المتهافتة. وانا أسألهم : ماذا سيحدث لو ان مكة المكرمة لم تكن تتوسط االكرة الارضية ؟ هل سيضعف ذلك من القرأن الكريم ؟ هل سيقدح ذلك في سنة رسول الله(ص) ؟ الجواب هو طبعاً بالنفي, فلماذا اذن تصرون على اختراع معجزاتكم تلك؟ لماذا تصرون على حشر القرآن والسنة في علوم الفزياء والبيولوجيا والكيمياء؟
لماذا لا تركزون على العلم الذي ينفع الناس , بدلاً من الزبد الذي يذهب جفاء ؟؟؟؟