السبت، 27 أغسطس 2011

ابتهجوا يا بني البشر : فالزنداني اخترع علاجاً لمرض الايدز


نعم نحن لا نمزح , فالشيخ اليمني المشهور عبد المجيد الزنداني كان قد فاجأ العالم سنة 2006 بإعلانه المثير عن اكتشافه لدواء لمرض الايدز الرهيب .
وقد ظهر الزنداني على شاشات التلفزيون وهو يؤكد على على فعالية دوائه ذاك وقدرته على شفاء مرضى الايدز شفاءً مُبرماً . وقال الزنداني ان دواءه هو خلطة أعشاب طبيعية من شأنها القضاء التام على الفيروس اللعين الذي أعجز علماء العصر الحديث. وأضاف الزنداني انه استند الى الاحاديث النبوية الشريفة في التوصل الى ذلك العلاج. وقد أثار الشيخ عبد المجيد الزنداني بهرجة اعلامية , ولغطاً وضجيجاً , للترويج لاكتشافه الى حد ان قناة الجزيرة بثت تقريراً عنه تخلله لقاء مع طبيب يمني (من مريدي الشيخ طبعاً) أكد خلاله أنه فحص المرضى الذين تناولوا دواء شيخِهِ "في مختبرات المانيا والاردن" وأن النتائج كانت ايجابية في القضاء على الفيروس !! ومن شاء أن يشاهد تقرير قناة الجزيرة فهذا الرابط :

ونحن نقول : اننا نؤيد وبقوة التوجهات والابحاث العلمية في كل مكان وزمان وندعو الى دعمها بكل السبل وعلى كل المستويات من أجل خدمة الانسانية. وسوف يكون من دواعي سرورنا الشديد وفخرنا ان يخرج من بلادنا العربية والاسلامية من يفيد البشرية باختراعات مهمة وانجازات علمية وطبية مميزة. ولكن هل هذه حالُ الزنداني واكتشافه المزعوم لعلاج مرض الايدز ؟؟؟! الجواب هو بالنفي , وللأسف. فمن حيث المبدأ الزنداني هذا ليس عالماً ولا باحثاً ولا متخصصاً في علوم الطب والصيدلة والاحياء الدقيقة. بل هو داعية اسلامي , ليس اكثر. وقد بحثتُ في سيرته الذاتية كثيراً ودققتُ بها لأقفَ على السبب الذي يجعل هذا الرجل يمتلك الجرأة ليطلق مثل ذلك الاعلان الكبير فوجدتُ ما يلي :
تنحصرُ علاقة هذا الرجل (مولود سنة 1938) بالعلوم الحديثة في سنتين قضاهما في دراسة الصيدلة في جامعة القاهرة قبل أكثر من 50 عاماً ! نعم صدقوني , سنتين فقط طالب صيدلة ولم يُكمِل لأنه " استهواه العلم الشرعي" كما تقول سيرته هو ! أي أنه طالب صيدلة فاشل لم يكمل دراسته بحجة حبه لعلوم الدين ! ونحن طبعاً لا اعتراض لنا على حبه لعلوم الشريعة والدين , فله كل الحق في ذلك , ولا اعتراض لنا أن يتوقف عن دراسة الصيدلة من اجل التبحّر في المجال الذي يحبه ويهواه (وعلى كل حال أنا لم اجد أبداً في سيرته ما يشير الى تخرجه جامعة الازهر أو القاهرة أو غيرها أو حصوله على شهادة جامعية منها في علوم الشريعة. هناك غموض مقصود في سيرته الذاتية التي تتكلم عن "التقائه بكبار العلماء" دون الحديث عن الشهادات الجامعية التي حصل عليها). ولكن اعتراضنا هو على تنطعه وادّعائه ما ليس له ! فكيف صار طالب الصيدلة الفاشل -قبل 50 سنة- مخترعاً عظيماً لدواءٍ يعالج مرضاً خطيراً انهمك العالمُ كله في العمل من أجل التوصل لعلاج له على مدى ثلاثين عاماً دون تحقيق نجاحٍ كبير ؟؟! ميزانيات ضخمة خصصت لمراكز الابحاث الكبرى في أمريكا واوروبا واليابان , وألوف العلماء والباحثين, والجامعات, والمختبرات, وشركات الأدوية العملاقة, ومنظمات الصحة الدولية, ومؤتمرات الأطباء ,,,,, وبعد ذلك يأتينا الزنداني ليخبرنا – بصفاقةٍ شديدة – أنه بزّ هؤلاء جميعاً وتفوّق عليهم وأتى بما عجزوا عنه اعتماداً على خلطة أعشاب يمنية توصل اليها استناداً الى حديث نبوي ؟؟!! والأعجب من ذلك أنه يرفض الكشف عن ذلك الحديث النبوي ؟ أي والله , حتى الحديث النبوي سرٌ عنده لا يريد أن يبوح به حتى لا يُكشف اختراعه ! ومن لا يصدق يمكنه مراجعة المقطع التالي على اليو تيوب والذي يُظهر اجابته على مذيعة قناة الجزيرة (سنة 2007) حين سألته عن هذا الحديث النبوي فرفض الاجابة حتى لا يُفشي الاسرار العلمية !
   
ولكن لماذا لا ينشر الزنداني اختراعه العظيم في العالم ؟؟ يجيبنا هو : انه يخشى أن تأخذ شركات الدواء الكبرى في العالم اختراعه فتستفيد هي منه , بجشعها الشديد, وتحرم منه المحتاجين المساكين ! فهو لا يريد أن يتحول اختراعه الى أرباح ضخمة في جيوب أصحاب الشركات العملاقة التي ستبيعه بسعر غالٍ جداً, فلن يكون في متناول الناس البسطاء. والشيخُ الحنون لا يرضى ذلك , وهكذا قرر ان لا يبوح بأسراره لأحد ! فعلى من يريد أن يتعالج أن يأتي اليه في صنعاء وهو سيعطيه الترياق الشافي ببركة الاسلام .


مهزلة وأي مهزلة. حين يصبحُ العلمُ البشريّ , والعقلُ البشريّ , والجهدُ البشريّ عُرضة للاستباحة الى هذا الحد. يأتينا رجل دعوةٍ ليقول لنا : طز في علومكم , فأنا عندي خيرٌ منها , وأعشابي خيرٌ من مختبراتكم , فأنا عندي سرّ علم الله ورسوله ولا حاجة بي الى علمائكم لمعالجة فيروس الايدز.

ولكن ما سر تلك الثقة التي يتحدث بها الزنداني ؟ لا جواب عندي سوى انه صدّق نفسه. نعم صدّق نفسه من كثرة ما انهمك في ادّعاءات الاعجاز العلمي في القرآن والسنة. فسيرة الرجل تقول انه بعد ان ترك مصر عاد الى اليمن ومن ثم تحوّل الى السعودية حيث التقى هناك بالشيخين ابن باز وابن عثيمين , وكان من مؤسسي "هيئة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة" في السعودية , وهي الهيئة ذات الميزانية الضخمة والامكانيات المادية الهائلة والتي تنظم المؤتمرات وتستقطب الكثيرين من استذة الجامعات في مصر وغيرها ممن يرغبون في تحسين ظروفهم المادية. وقد تألق الزنداني في هيئة الاعجاز العلمي هذه , فاستفاض في مساهماته بها وأسهب في الكلام عن المعجزات التي تتعلق بعلم الأجنة والبرزخ والمطر والبرق والكلوروفيل ,,,,,,, الى حد انهم أسسوا له جامعة خاصة في اليمن سماها " جامعة الايمان" ! وبالتالي كان ختامها مسك بمعجزته هو شخصياً واختراعه لدواء مرض الايدز .

وختاماً نسأل الشيخ الزنداني : بعد 5 سنوات من اختراعك الفذ , أين هو دواؤك الآن ؟ لا أحد يسمع عن مرضى عالجتهم وشفيتهم بخلطتك العشبية تلك؟! لقد سمعنا جعجعتك ولكن لم نرَ طحنك . وإن كنتَ لا زلتَ على ادّعائك , فلماذا لا تتحرك لتجعل البشرية تستفيد منه ؟ ألا تؤلمك أنات المعذبين الذين لا يجدون علاجاً يا شيخ ؟ ألا تحنّ على المرضى المساكين الذين أغلبهم من ضعفاء افريقيا – وجزءٌ كبيرٌ منهم مسلمون – وليسوا من مواطني الدول الغربية الكبرى ؟! ألا يرقّ قلبك وأنت ترى المرض الفتاك مستمراً في الانتشار بين بني البشر؟! لماذا تصرّ على الاحتفاظ بالسر في صدرك يا شيخ ؟ قل لنا ما هي الخلطة وأرحنا , نرجوك. وماذا سيحصل بعد عمر طويل عندما تأتي ساعة الحق هل سيذهب العلاج معك وتترك الدنيا محرومة من بعدك؟!


ولله في خلقه شؤون , وقديماً قالوا : عِش دهراً  ترَ  عَجَباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق