الجمعة، 27 أبريل 2012

من فظاعات تحالف السلطة والتكفيريين في التاريخ




ذكر المؤرخ ابن كثير في " البداية والنهاية " :



" وفي سنة 408 (هجرية) استتابَ القادرُ بالله الخليفة فقهاءَ المعتـزلة ، فأظهروا الرجوعَ وتبرؤوا من الاعتـزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام ، وأُخِذت خطوطهم بذلك ، وأنـهم متى خالفوا أُحلّ بـهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالـهم. وامتثل محمود بن سبكتكين أمرَ أمير المؤمنين في ذلك ؛ واستنّ بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها ، في قتل المعتـزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبّهة ، وَصَلَبَهُمْ وحبَسَهم ونفاهم ، وأمرَ بلعنهم على المنابر ، وأبعدَ جميعَ طوائف أهل البدع ، ونفاهُم عن ديارهم . وصار ذلك سُنة في الإسلام"



وهكذا يقرر الخليفة العباسي إعدامَ كلّ مَن يُخالف المذهب الرسمي للدولة , وهو المذهب الذي تم الاتفاق عليه مع مجموعة الفقهاء الموالين للسلطة.

إذن الصفقة واضحة بين الطرفين : يُضفي الفقهاءُ الشرعية على الخليفة وحُكمِهِ ويُحرّمون الخروجَ عليه أو معارضته , وبالمقابل يقومُ الخليفة بفرض مذهب هؤلاء الفقهاء على الناس أجمعين بالقوة والإكراه ويُجبر الرعية على اعتناق مقولاتهم وآرائهم تحت طائلة القتل والتنكيل!



ولا بد لنا أن نلاحظ أن جام غضب الخليفة كان منصبّاً على المعتزلة ! وكيف أنه عرضهم على السيف لإرغامهم على التراجع عن أفكارهم , ومن لا يُعلنُ التوبة فالقتلُ مصيرُه المحتوم ! ولا عجب, فالمعتزلة هم أهلُ الفكر الحر ومذهبُهم يقومُ على العقل, والخليفة لا يحب العقل ولا الفكر ولا يريد سوى الطاعة والتسليم !

ولنلاحظ ايضاً كيف انبرى جلاوزة الخليفة , ممثلين بابن سبكتكين , بتنفيذ أمر الابادة بحق كل الفرق والمذاهب المخالفة بهمة ونشاط !


ولنلاحظ أخيراً أن هذا الاجرام قد صار " سنة في الاسلام"  كما يختتم ابنُ كثير الخبر

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

المؤآمرة ,,, وما أدراك ما المؤآمرة


صدّعوا رؤوسنا بحديثهم المكرر عن مؤآمراتٍ شيطانيةٍ تُحاكُ ضدنا ليل نهار من قبل أعداءٍ حاقدين متربصين بأمة المسلمين ,,, الغافلين , الضحايا , يا حرام !

منذ فجر الاسلام بدأ كلامهم عن المؤآمرات ولم يتوقف الى الآن .

قالوا لنا ان الفتنة الكبرى التي حصلت في عهد عثمان وعلي ومعاوية كان سببها يهوديّ لعين اسمه ابن سبأ   تظاهر بالاسلام ثم بدأ يتحرك كالسوبرمان بين اليمن والمدينة والبصرة والكوفة والشام ومصر ليحبك خيوط مؤآمرةٍ شريرة ضد المسلمين , فانخدعوا به حتى انقسموا وتضاربوا بالسيوف – بمن فيهم أكبر كبار الصحابة! والحقيقة – التي لا يحبونها ويهربون منها - ان كل قصة ابن سبأ وأخباره كذبٌ وتلفيق من راويةٍ كذاب اسمه سيف بن عمر, لم يجد وسيلة لتبييض صفحة الصحابة إلاّ بإلقاء اللوم على عنصر خارجيّ خبيث !

واستمرت نظرية المؤآمرة في تفسير التاريخ عند كل خيبةٍ وتدهور واجهه المسلمون . فانهيارُ الخلافة العباسية كان ناتجاً عن تآمرٍ قام به الوزير " الشيعي " الخبيث ابن العلقمي الذي تواطأ مع التتار ضد الخليفة العباسي الجميل ! فلولا ذلك " الشيعي " الخائن لما اجتاح هولاكو بغداد ,,,,

وحتى الخلافة العثمانية يقولون لنا انها سقطت نتيجة مؤآمرة خطط لها يهودُ الدونما , الذين لولا خبثهم لاستمر حكم السلاطين البديع ,,,

وبعضُ الحمقى من عشاق الفكر المؤامراتي لم يترددوا بالقول ان أحداث 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن ليست سوى مسرحية رسم خيوطها الموساد الاسرائيلي الخبيث ! وقال آخرون انما هي خدعة كبيرة قامت بها أمريكا نفسها !!! الى هذا الحد وصل بهم الاستخفاف بالعقول

ومؤخراً اطّلعتُ على نظريات انتشرت عبر الايميلات والانترنت تعزو فيها أحداث الثورات العربية التي اندلعت مؤخراً الى مخططين " يهود " خبثاء : مرة يقولون انها أفكار هنري كيسينغر ومرة أفكار برنار هنري- ليفي ! لا بد أن يكون المخطِّطُ الرهيبُ يهودياً ,,,,



ونظريات المؤامرات الغامضة هذه لها عشاقها والمتمسكون بها والمروّجون لها ممن يظنون انهم " جابوا الديب من ديله " بكلامهم الكبير عن المؤآمرات الكبيرة التي لا ينتبه لها الغافلون البسطاء من أمثالي ,,,


ولكل هؤلاء أقول : أفيقوا من سباتكم وتوقفوا عن هذا الهراء , فلا أحدَ يتآمر علينا أكثر من عجزنا وجهلنا وغبائنا .....