السبت، 23 يوليو 2011

بروتوكولات حكماء صهيون : حقيقة أم وهم؟

يمكن القول أن "بروتوكولات حكماء صهيون" هي من أكثر الكتب انتشاراً في الدول العربية . وبالامكان الحصول عليها بسهولة من أرصفة الطرق في وسط عمان وغيرها من العواصم العربية.

 وهذا الانتشار الواسع النطاق لذلك الكتاب هو في الحقيقة تعبير عما يمكن تسميته (الفكر التآمري) لدى العرب , حيث تُنسب إلى اليهود قوى عجائبية خارقة ويدٌ عُليا خفيّة في كل مكان وزمان تقريباً. ويرى هذا التفكير التآمري أن اليهود وراء الكثير من الخطط الجهنمية والجمعيات السرية والحركات الهدامة في العالم كما جاء في (بروتوكولات حكماء صهيون) والذي هو أشهر المواضيع التآمرية على الإطلاق.
والمشكلة أن هيمنة هذا التفكير التآمري على العقل العربي هو من أخطر الأمور: فهو يزيد من هيبة إسرائيل ويجعلها تكسب الحروب سيكولوجياً بدون أن تدخل معارك حقيقية! فالذي يؤمن - بصدق- بأن البروتوكولات وثيقة صحيحة، وأن ما جاء فيها هو المخطط الذي يتحقق في هذا العصر والذي سيؤدي إلى سيطرة اليهود على العالم، وأن اليهود يتحكمون بالفعل في رأس المال العالمي وفي حكومة الولايات المتحدة الأمريكية, لا بد له ان يستسلم أمام هذه القوة العاتية التي لا رادّ لها , وبالتالي عليه أن يبدأ في مغازلة "اسرائيل" لكسب ودها طمعاً في المغانم أو اتقاءً للمكاره.
والصحيح ان البحث الجاد حول مصداقية "بروتوكولات حكماء صهيون" يُظهر أنها ليست سوى وثيقة تاريخية مزورة وملفقة. ولتأكيد ذلك لا بد من التطرق الى الخلفية التاريخية للموضوع: "بروتوكولات حكماء صهيون" وثيقة يقال إنها كتبت عام 1897، وهو نفس العام الذي عُقد فيه المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا . بل ويزعم البعض أن ثيودور هرتزل تلاها على المؤتمر، وأنها نوقشت فيه! وأن الهدف من ذلك المؤتمر الذي ضم "حاخامات اليهود" كان وضع خطة محكمة (بالتعاون مع الماسونيين الأحرار والليبراليين والعلمانيين والملحدين) لإقامة إمبراطورية عالمية تخضع لسلطان اليهود وتديرها حكومة عالمية يكون مقرها القدس! والصحيح أن المؤتمر الصهيوني الأول كان سياسياً بامتياز , وقد انعقد من أجل مناقشة كيفية انشاء وطن قومي ليهود العالم . ولكن جرى استغلال انعقاد ذلك المؤتمر "اليهودي" من قبل الشرطة السياسية الروسية في ذلك الوقت فقامت بتأليف تلك البروتوكولات للنيل من الحركات الثورية والليبرالية، ومن أجل زيادة التفاف الشعب حول القيصر والأرستقراطية والكنيسة بتخويفهم من المؤامرة اليهودية الخفية العالمية.
كما تصادف في ذلك الوقت ان بريطانيا العظمى كان يحكمها رئيس وزراء يهودي وهو بنجامين دزرائيلي والذي كان مكروهاً تماماً من النخبة الحاكمة في روسيا لأنه كان يساند الدولة العثمانية حتى تظل حاجزاً منيعاً ضد توسع الإمبراطورية الروسية. فتصويره أمام العامة أنه شخصية شيطانية شريرة يلائم أغراض القيصر الروسي.
وقد نشرت البروتوكولات لأول مرة عام 1905 مكتوبة باللغة الروسية (وهذا أمر يثير الشك والريبة. فإذا كانت البروتوكولات وثيقة سرية، فلماذا لم يكتبها حاخامات اليهود بلغاتهم العبرية أو اليديشية , خاصة وأن أكثر يهود اوروبا آنذاك كانوا يتحدثون اليديشية ولا يعرفون الروسية؟!). وفي تلك الفترة التي سبقت انتصار الثورة الشيوعية كانت روسيا تعجّ بالحركات التقدمية المعارضة للقيصر : يسارية واشتراكية وشيوعية وغيرها . وكان تواجد الاعضاء اليهود في صفوفها ملحوظاً.
هذا من ناحية الظروف التاريخية. واما من ناحية الشكل والمضمون فحدّث ولا حرج! فمؤلف تلك الوثيقة جعل حكماء صهيون أنفسهم يتحدثون عن الخطر اليهودي! حتى يبدو الأمر كله وكأنه (وشهد شاهد من أهلها). غير أنه لم يكن على درجة كبيرة من الذكاء في عملية تزييفه هذه فيجعلهم ينسبون إلى أنفسهم كل شر! فيقول اليهود انهم سيشيعون الفساد الاخلاقي والمالي في العالم وسيشترون الذمم وينشرون الفتن حتى يقضوا على الأديان وخاصة المسيحية وسيدمرون الأسرة عن طريق الخداع بالأفكار التحررية ... الخ. كما ان المؤلف يضخم قوة اليهود ليخيف الناس فيجعلهم مسؤولين عن كل الأحداث الجسيمة في العالم , مثل قوله (نجاح داروين وماركس ونيتشه قد رتبناه من قبل!) وكذلك (أسرار تنظيم الثورة الفرنسية معروفة لنا جيداً لأنها من صنع أيدينا!). وهذا غيض من فيض العبارات الساذجة التي تتكون منها البروتوكولات.
وختاماً أشير الى أن الباحث العملاق عبدالوهاب المسيري , المتخصص بشؤون اليهود والصهيونية, يؤيد الرأي السائد الآن في الأوساط العلمية الغربية التي قامت بدراسة البروتوكولات دراسة علمية متعمقة وهو أن البروتوكولات وثيقة (مزورة)، استفاد كاتبها من من كتيّب فرنسي كتبه صحفي يدعى موريس جولي يسخر فيه من نابليون الثالث بعنوان (حوار في الجحيم بين ماكيافللي ومونتسيكو)، ونُشر في بروكسل عام 1864م. وهكذا - يقول المسيري - تحول الحوار إلى مؤتمر، وتحول الفيلسوف إلى حكماء صهيون. وقد اكتُشفت أوجه الشبه بين الكتيب والبروتوكولات حيث تضمنت هذه الأخيرة اقتباسات حرفية من الكتاب المذكور، وأحيانا تعبيرات مجازية وصوراً منه.
ونحن ابناء الشعب الفلسطيني الذي عانى الويلات على يد الحركة الصهيونية العنصرية والمجرمة ينبغي علينا أن نفكر بشكل علمي موضوعي واعي بما حصل في قضيتنا العادلة , دون أن ننجر الى متاهات فكر المؤآمرات والاوهام. والظلم الذي تعرضت له بلادنا لا يبرر اللجوء الى استخدام وثيقة تاريخية ملفقة في مواجهة اعدائنا.

الجمعة، 15 يوليو 2011

هل على الفلسطيني أن يحب هتلر؟

 
يتمتعُ الزعيمُ الالماني أدولف هتلر بشعبيةٍ لا بأس بها على المستوى الشعبي بين صفوف الفلسطينيين ( بل والعرب الآخرين). وهذه الشعبية هي من الأمور الواقعية التي نعرفها نحن ونشعر بها , رغم انها ليست مُعلنة ولا رسمية. ويمكن تفهم الاسباب التي تدفع الكثير من الفلسطينيين الى التعاطف مع هتلر , بل والاعجاب به ومدحه. فهتلر كان عدو اليهود الاول في العالم , قتلهم وشردهم ونكل بهم في كل مكان وصلته جيوشه وبلا رحمة. وبما ان الشعب الفلسطيني اليوم يتعرض الى ظلم وقهر وعدوان اليهود الصهاينة , فمن الطبيعي أن يكون الرجل الذي حاربهم وقضى على أعدادٍ كبيرة منهم محل إعجاب وتقدير لدى الذين يذوقون الويلات على ايدي ابناء وأحفاد هؤلاء اليهود الذين نجوا من مذابح هتلر. هذا الشعور اذن مبرر ويمكن ادراك أصله ومنبعه.
ومحبة هتلر تنتشر وتستفحل في بعض الاوساط الفلسطينية, وخاصة المخيمات (وأحدُ وجهاء مخيم البقعة في الاردن اسمه "أبو هتلر" ) التي تراه بطلاً عظيماً وفارساً مغواراً لم يهب اليهود وسطوتهم فأراد أن يخلص العالم من شرورهم! ولكنهم تآمروا عليه وألبوا العالم ضده حتى خسر الحرب الكبرى في النهاية, وللأسف ! ويجنحُ الخيالُ الشعبيّ الفلسطيني الى تصوّر عالمٍ انتصر به هتلر على اعدائه , وكيف ستكون فلسطين عندئذٍ حرة غير محتلة لأن اليهود قد تكفل بهم هتلر وأبادهم! 
بل ان البعض قد ذهب به الشطط الى حد اللجوء الى "اختراع" معلومات وتلفيق أخبار ودبلجة صور بهدف اقناعنا ان هتلر هو هتلرنا ! فهو منا وفينا ! وكونه ألمانياً لا يناقض ذلك. نعم هناك منا مَن لا يريد ان "يفرط" بهتلر فيحاول أن يجد الطرق لنسبته الينا , نحن العرب والمسلمين. وقد انتشرت مؤخراً رسالة ايميل فيها كلام كثير وشرح وصور عن الحرب العالمية الثانية كلها تحاول ان تدعي وتثبت ان ادولف هتلر كان مسلماً !! وتتحدث تلك الرسالة عن قيام هتلر بتوزيع نسخ من القرآن الكريم على جنود الجيش الالماني , وتعرض صوراً لجنود هتلر وهم يؤدون صلاة المسلمين جماعة ! 
 
وغير ذلك الكثير من التلفيقات السخيفة التي أقتبس منها ما يلي :
.... موقفه من الإسلام : فبعد دراسة هتلر للتاريخ القديم و الأمم المسيطرة على العالم ركز على دور العرب حيث كما قال إن هناك ثلاث قوى متحضرة احتلت العالم هم الفرس و الروم و العرب. أما الفرس و الروم فقد كونوا حضارة ثم قوة ثم استعملوها لغزو العالم عكس العرب الذين كانوا " عصابات همجية " احتلت العالم ثم بعدها كونوا حضارة ومميزات حضارتهم أنهم لم يفرضوا حضارتهم و يلغوا حضارة الآخرين بل أضافوها إلى غيرها من الحضارات فكانت الحضارة الإسلامية دليل على تحضر أهلها..ثم أعجب بها الدين فطبع المطبوعات التي تعرف الناس بالإسلام و وزعها على جيشه ليطلعوا عليها و خصوصا الغير مسلمين رغم ظروف الحرب المادية.
و أعطى المقاتلين الألمان من المسلمين الحق بالصلاة في أي مكان وفي أي وقت مهما كانت الظروف فكانوا يصلون جماعة في ساحة برلين وهتلر ينتظر حتى يكملوا صلاتهم ليلقي بعدها خطاباته للجيش النازي...
وكان يجتمع برجال الدين العرب ويسمع منهم عن الدين و سيرة الصحابة وكيف كانوا يتصرفون....
القرآن في احد خطابات هتلر:
أراد الزعيم الالماني ادولف هتلر أن يلقي خطاباً للعالم يوم زحفت جيوشه الى موسكو , يملأ به المكان والزمان ، فأمر مستشاريه باختيار أقوى وأجمل وأفخم عبارة يبدأ بها خطابه الهائل للعالم .. سواء كانت من الكتب السماوية ، أو من كلام الفلاسفة ، أو من قصيد الشعراء ، فدلهم أديب عراقي مقيم في ألمانيا على قوله تعالى
:
)اقتربت الساعة وانشق القمر)
فأعجب (ادولف هتلر) بهذه الآية وبدأ بها كلمته وتوج بها خطابه .ولو تأملنا هذه الآية لوجدنا فخامة في اشراق .. وقوة في اقناع .. وأصالة في وضوح
..
هذا ويذكر ان ادولف هتلر يذكر في كتابه ( كفاحي ) والذي كتبه في اثناء احتجازه في السجن عام 1924الكثير من عبارات القرأن الكريم منها ( حتى يلج الجمل في سم الخياط) في وصفه لليهود وعدم امكانية اصلاحهم وهدايتهم . (  وأنا شخصياً لديّ فضول شديد في معرفة كيف استعمل هتلر العبارة القرآنية البليغة "حتى يلج الجمل في سم الخياط" باللغة الالمانية!!؟؟ ) 

ورغم ان هذا الايميل لا يستحق بذل اي جهدٍ لدحضه وتفنيده نظراً لتفاهة محتواه وسهولة كشف كذب مضمونه ولأنه لا يرتقي الى الحد الادنى من الموضوعية , إلاّ أنه يؤشر الى وجود تيار من بين صفوفنا , نحن العرب والمسلمين, يريد أن يؤسس رابطة ما بين قضيتنا الفلسطينية العادلة وبين الزعيم النازي الالماني.
وهذا التوجه خاطئ تماماً , وينبغي وقفه فوراً . فالشعب الفلسطيني قضيته عادلة وإنسانية , قضية وطن وشعبٍ تعرض لعدوان اجرامي ولظلم شديد من قبل حركة عنصرية دموية. ولذلك كله لا يجوز لنا أن ننجرّ الى تمجيد عتاة العنصرية وكبار المجرمين عبر التاريخ حتى لو ارتكبوا جرائم ضد اليهود أو حاربوا امريكا . والحقيقة المؤكدة أن هتلر كان عنصرياً, يمجّد العرق الالماني (الآري) ويحتقر غيره من الاعراق, ومنها العرب والغجر والافارقة والترك والروس, واليهود طبعاً. وهو لم يكن مسلماً , ولا بأي شكل , ولم يحب المسلمين يوماً. وما هو مذكور من توزيع المصحف على عناصر الجيش الالماني كذب صريح , وكذلك الصورة التي يظهر فيها الجيش الالماني وهو يؤدي الصلاة مزورة وملفقة . وكلامهم كله عن اسلام هتلر لا يعدو كونه نوعاً من الهزل السخيف.

فهتلر اذن ليس هو العنوان المناسب لكي نوجه له سهامَ حبنا. وأتباعُه اليوم في اوروبا – وحمداً لله انهم اقلية- خير دليل على ما نقول. فهؤلاء "النازيون الجدد" كما يطلق عليهم لا همّ لهم ولا شغل سوى الاعتداء على الافارقة السود والاسيويين والعرب واللاتينيين الذين ضاقت عليهم الدنيا فلجأوا الى رحابة اوروبا وحضارتها ليجدوا هناك مجموعات اليمين المتطرف تسعى ولو بالعنف والترهيب لطردهم من اجل "تنقية" اوروبا البيضاء من "الشوائب" , كما حاول زعيمهم التاريخي وقدوتهم هتلر ان يفعل قبل 70 عاماً ! وأحدُ هؤلاء العنصريين قام بقتل فتاةٍ عربية في قاعة المحكمة في المانيا وامام اعين القاضي لأنها كانت ترتدي الحجاب, في القصة التي ذاعت قبل حوالي سنتين.
وقد تحول هتلر الى رمز للشر والاجرام في اوروبا التي نبذته وتنصلت منه ومن تراثه وكل ما دعى اليه. ولذلك فالاعجاب بهتلر يثير الاستنكار والاستهجان لدى الاوروبيين بل والعجب اذا كان هذا الاعجابُ صادراً من قبل أناسٍ – مثلنا- لا يكنّ لهم هتلر واتباعُه سوى الاحتقار! والشعب الفلسطيني لا ينقصه الاعداء , ولا مصلحة لنا في استفزاز الاوروبيين ودفعهم الى خانة خصومنا! وسوف تكون "اسرائيل" في غاية السعادة اذا نجحت – وساعدها البعض منا- في ربط الفلسطينيين وقضيتهم العادلة بهتلر وامثاله.
وهناك في هذا العالم الكثير من النماذج الانسانية الرائعة التي يمكن لنا أن نعجب بها ونحبها ونقدرها , وأن نعلن ذلك بالصوت العالي. هناك مثلاً غيفارا الذي أفنى حياته مناضلاً في سبيل الشعوب المقهورة في امريكا اللاتينية ضد هيمنة وسطوة الرأسمالية الامريكية المتوحشة. وهناك ايضاً مارتن لوثر كنغ , في امريكا نفسها, الذي لم يكل ولم يمل وهو يناضل ضد العنصرية البغيضة وضد ظلم الانسان لأخيه الانسان, الى ان دفع حياته ثمناً لكفاحه. وهناك غاندي في الهند المناضل العظيم ضد الاستعمار ومن اجل السلام وحرية بلده واستقلالها. وهناك نلسون مانديلا , المناضل الافريقي الكبير ضد نظام الفصل العنصري والذي أمضى 27 عاماً خلف القضبان من اجل قضية شعبه , بل من اجل البشرية كلها.
تلك بعض النماذج الانسانية التي يمكن للفلسطيني ان يعجب بها ويقدرها , وأن يدرس تجاربها ونهجها, بعيداً عن هتلر وعن عنصريته المقيتة وتعصبه ودمويته, التي لا تشبهها سوى دموية مناحيم بيغن واسحاق شامير وجرائمهما!

ومن الناحية التاريخية كانت هناك علاقة بالفعل بين هتلر والشعب الفلسطيني. فعندما اشتعلت نيران الحرب العالمية الثانية في اواخر الثلاثينات من القرن الماضي شدّ مفتي القدس الحاج امين الحسيني الرحالَ الى برلين , حيث استقبله أدولف هتلر ورحب به



وقد أمضى الحاج أمين سنوات الحرب في المانيا , وكان خلالها ناشطاً في حشد التأييد لألمانيا بين صفوف الفلسطينيين والعرب , والتحريض على بريطانيا العظمى التي كانت القوة المستعمرة الرئيسية في بلادنا.
فهل كان الحاج أمين مخطئاً حين انضم الى معسكر هتلر وأيّد المانيا في حربها العالمية الكبرى ؟ من الاجحاف التسرع في الاجابة واصدار ادانة للحاج امين على رهانه الخاسر على هتلر, وهو الرهان الذي الحق ضررا سياسيا بالقضية الفلسطينية في وقت لاحق. لقد استغل الصهاينة موقف الحاج امين أشد استغلال وبنوا عليه دعاية هدامة في امريكا واوروبا صورت الشعب الفلسطيني كجماعة من عملاء المجرم هتلر وان حربهم ضد اليهود في فلسطين هي امتداد لحرب الابادة الهتلرية ضد اليهود في اوروبا ! وحصد اليهود ثماراً كثيرة لتلك الدعاية المضللة والتي استندت الى الصورة التي جمعت الحاج امين بهتلر.
ولكننا اليوم في عام 2011 ونتكلم عن التاريخ بأثر رجعي بعد أن عرفنا ما جرى وما حصل بعد ذلك. واما الحاج امين فالصورة لديه كانت مختلفة في تلك المرحلة وهو طبعاً لم يكن يعلم الغيب ليعرف ان هتلر سيكون هو الخاسر في النهاية. وعندما قرر الحاج امين الانحياز الى هتلر كانت المانيا وقتها القوة العالمية الصاعدة والواعدة وكان بأسها شديداً ودعايتها قوية جداً ( صوت العرب من برلين كانت أول اذاعة اجنبية ناطقة بالعربية , وتأسست حتى قبل اذاعة لندن العربية التي جاءت رداً عليها) وكانت كل المؤشرات تقول ان المانيا ستهزم بريطانيا العظمى وستسيطر على العالم. ولذلك لم يستطع المفتي ان يقاوم اغراء الانضمام الى الطرف الرابح لأنه تصور ان الفوائد ستكون كبيرة جداً له شخصياً وللشعب الفلسطيني ككل عندما تنتهي الحرب العالمية بانتصار "الصديق " هتلر! كما ان الحاج امين كان يرى بعينيه المشروع الصهيوني وهو يتقدم كل يوم برعاية بريطانيا العظمى التي أصدرت وعد بلفور وعملت بجد لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين, ولذلك لا عجب ان يتجه بناظريه الى عدو بريطانيا واليهود معاً باعتباره الأمل في الخلاص! ويضاف الى ذلك علاقة العداء السياسي المستحكم بين الحاج امين وملك شرق الاردن عبدالله بن الحسين الذي كان يعمل تحت الوصاية البريطانية.
ورغم هذه الاسباب المنطقية التي تبرر قرار الحاج امين إلاّ أنه لا بد من القول في النهاية انه قد أخطأ بالفعل. فالرهان على القوى العظمى الاجنبية لحل القضايا الوطنية ليس توجهاً صائباً على الاطلاق. وهتلر حين يستقبل مفتي القدس ويعده بدعم استقلال فلسطين وحريتها فهو كان ببساطة يهدف الى الاستفادة من شخصية دينية بارزة في تحريض شعوب الشرق الاوسط المسلمة ضد عدوته بريطانيا , لا أكثر. أي انه فقط أراد الاستفادة من الخدمات التي يمكن ان يقدمها المفتي للمشروع الالماني. وحتى لو انتصرت المانيا في حربها العالمية ما الذي يضمن ان تفي بوعودها للحاج امين؟ في أكثر التقديرات تفاؤلاً لن تكون فلسطين عندئذ غير دويلة تافهة تتبع مستعمراً جديداً – يتكلم الالمانية بدل الانجليزية- ولا تملك من امرها شيئا, أي انها ستكون قد استبدلت مستعمراً بآخر!
فكان الأجدى بالحاج امين الحسيني ان يركز جهده وجهاده في الداخل , في فلسطين, وأن ينأى بنفسه وبقضية شعبه عن متاهات صراعات القوى الاجنبية العظمى التي لا ترى فينا وفي بلادنا إلاّ عبيداً يخدمونها وغنائم تنهبها.
            





السبت، 9 يوليو 2011

شيوخ السعودية يُخرجون الجنيّ من اصبع اليد

من المفارقات المثيرة للاستهجان ادّعاءُ الحركة الوهابية انها قامت لمحاربة "البدع والخرافات" التي دخلت الى دين الاسلام عن طريق "الجهلة" و "العوام المضللين". ومن يقرأ أدبيات الحركة الوهابية يجد الكثير من الكلام عن ضرورة تنقية الاسلام من الشوائب التي علقت به بسبب ممارساتٍ ما أنزل الله بها من سلطان انتشرت بين عامة المسلمين لابتعادهم عن "العلم" وغياب "العلماء" . فالوهابية طرحت نفسها كحركة اصلاحية تنشد محاربة الدجالين والمشعوذين الذين أفسدوا مجتمع نجد والحجاز بخرافاتهم وضلالاتهم.
ولكن واقع حالهم وحقيقة امرهم تشي بخلاف ذلك. وهنا دليل على ان الوهابيين هم بالذات من يروّج للخرافة والوهم في عالمنا اليوم. فهذا واحد من أبرز شيوخهم المعاصرين , ابن جبرين (توفي عام 2010) , يتلقى اسئلة اتباعه من صغار السلفيين ويجيب عليها بكل تفصيل. ولن اتحدث كثيراً بل سأترك النص يتحدث عن نفسه (اقتباس من موقع الرقية الشرعية) :

  
هل فعلا ان الجني يتعذب ويحترق بالرقية ؟ اختلف الاخوة الرّقاة في هل فعلا احتراق الجني بالرقية ام هو فقط مجازيا الحرق, وشذ بعضهم فقال بدعة ؟؟
الظاهر من تتبع الادلة ان الجني فعلا يحترق, بل قد تشم رائحة الحرق في البيت, بل قد يُرى الجني مشوهاً يقظة ونوما.
الشيخ ابن جبرين حفظه الله يقول:" فالشيطان الرجيم يجري من ابن آدم مجرى الدم ، ويصل إلى كل جزء وعرق منه ، وقد يتغلب على قلبه فيملؤه بالأوهام والتخيلات والوساوس المحيرة ، ولا ينخنس إلا بذكر الله والاستعاذة منه 0 وأما شياطين الجن فقد يسلطهم الله على بعض الأشخاص ، وذلك هو الجنون والصرع والمس الذي يحصل لبعض الأفراد ؛ بحيث أنه يصرع في اليوم مِرارا فتراه يقوم ويسقط كما أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله : ( 000 لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ 000 )، والغالب أنه يحصل بتسليط السحرة والكهنة الذين يتقربون إلى الشياطين بما تحب حتى يتملكوا كثيرا من الجن ، فإذا عمل الساحر العمل الشيطاني سلط بعض من تحت تصرفه على ذلك الفرد فلابسه فيصعب تخليصه إلا بالقراءة والتعويذات والتحصن بذكر الله تعالى. وقد يتمكن الجني من الإنسي فلا يخرج حتى يقتل ذلك الإنسان ، وقد يتمكن من بعض الأفراد فيعالج بالضرب والإيلام والتهديد حتى يخرج ويشاهد خروجه من أحد الأصابع ، بحيث ينغمس في الأرض ثم ينجذب من الجسد ، وكثيرا ما يموت ، تحت الضرب أو تحت القراءة ويحترق بالأدعية والأوراد التي تشتد عليه حتى يموت ويشاهد أنه يجتمع في جزء من البدن كوَرَم يسير يجرح فيخرج قطعة دم 0 وكل هذا معلوم بالمشاهدة والعيان لا ينكره إلا جاهل أو معاند " ( مجلة الدعوة – الخميس 15 صفر سنة 1416 هـ - العدد 1499 (
-------------------------

وقد سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن الحكم الشرعي في استخدام عملية الفصد مع الجن والشياطين بعد أخذ العهد والميثاق عليهم بعدم العودة للمريض ونقضهم لذلك العهد ، فأجاب - حفظه الله - :" يظهر أن الفصد هو إخراج الدم ، فإذا كان الجني متمردا بحيث تكرر خروجه وعودته ، ولم يتأثر في أحدها بالرقية جاز الاحتيال إلى قتله ، وقد ذكر بعض القراء أنهم يتمكنون من القراءة عليه حتى يجتمع في موضع من بدن المصروع ، فيفصدونه بسكين ونحوها ، مما يسبب موته وبرء المصروع ، وآخر يقرأ في ماء بعض الأوراد ويحجر الجني عن الخروج ويسقى المصروع من ذلك الماء مما يسبب إحراق الجني وموته في موضعه " ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0

من كلام الشيخ الوهابي الكبير ابن جبرين يمكن استخراج النقاط الرئيسية التالية :
-        يمكن للسحرة والكهنة ان يسيطروا على بعض الجن والشياطين , وان يسلطوهم على بعض الناس فيتلبسوهم.
-        يمكن تخليص الفرد المصاب بمس الجن والشياطين عن طريق قراءة القرآن والادعية والتعويذات, حيث قد يؤدي ذلك الى تجميعها في موضع محدد من جسد الانسان كنوع من الورم وبالتالي يمكن قص (فصد) ذلك الجزء الموبوء من الجسد بواسطة سكين او مشرط.
-        وهناك نوع متمرد وقوي الشكيمة من الجن, يقاوم القراءة ويرفض الخروج من جسد الانسان بالحسنى وينكث وعوده. وفي تلك الحالة يمكن اللجوء الى القوة ! فيضربُ الجنيُ وهو داخل الجسد حتى يتوجع بشدة الى ان يقرر الهرب فيخرج من الجسم عن طريق أحد الاصابع! لأنه إن لم يخرج من الجسم سيموت (الجني) من شدة الضرب والألم.
-        كما انه يمكن حرق الجنيّ داخل الجسد عن طريق القراءة على المريض أو سقيه ماءاً مقروءاً عليه.  

وهكذا كلام المفتى الوهابي الكبير. يشرّع لأتباعه ضرب المرضى لاخراج الجن والشياطين من أجسادهم, ويؤكد لهم ان الرقية وقراءة الادعية من شأنها احراق الجني وقتله! ويقول لهم انه يمكن استعمال السكين لقطع جزء من الجسد بعد تجميع الجني فيه!
ثم يقولون لك : ان الوهابية دعوة سلفية ضد البدع والضلالات ومن اجل العودة الى صحيح الدين. فهل هذا صحيح الدين يا ترى؟ وأي فرق هنا بين "صحيح الدين" هذا وبين الدجل والشعوذة؟
 وختاماً اقول لابن جبرين ولكل مريديه : ان عليهم ان يخرجوا الجنيّ من عقولهم هم , عقولهم القاصرة, بدل ان ينهالوا بالضرب على اجساد الناس ليخرجوا جناً وشياطيناً من اصابع اياديهم!

وإن شاء القارئ الكريم أن يتسلى , وسمح له وقته, يمكن مراجعة الموقع التالي : ملتقى الشفاء الاسلامي

حيث سيجد العجب العُجاب من أخبار الحجامة , واخراج الجن والشياطين من اجسام البشر , والرقية , وفك السحر, والمعالجة من المس ,,,,,,