الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

بول البعير


لا يخفى على المتابع أن قصة العلاج ببول البعير من المواضيع التي يُشنّعُ بها على الاسلام. حيث يقول كارهو الاسلام : أيّ دينٍ هذا الذي يأمرُ المؤمنين به بشرب بول البعير , ونحن في القرن الواحد والعشرين؟! أيّ نبيّ هذا الذي يطلب من أتباعه تناول جرعاتٍ من بول الابل – هنيئاً مريئاً – ليشفوا من الأمراض؟! لا نريد ديناً يتناقض مع بديهيات العقل والعلم والسلوك القويم. اذهبوا الى الجحيم ايها المسلمون أنتم وبول بعيركم!

فقررتُ أن أبحث أصل الموضوع والتهمة بنفسي , وبشكل موضوعي قدر الامكان. وطبعاً – وللأمانة- انا عندي موقف مسبق من هذا "الحديث" ومتأكد من بطلانه بغض النظر عن الرواة والمصدر, ولسببٍ واضح : فهو يتناقض مع ما هو معلوم بالضرورة من الدين وحتى مع صريح القرآن الكريم الذي قال ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ).ولا يختلف عاقلان ان البول هو من الخبائث , وبكل اشكاله سواء بول انسان أو بول بعير أو قرد. اذن المسألة عندي محسومة سلفاً : لا يمكن ان يكون هذا الكلام صدر عن النبي(ص). ولكن على كل الاحوال البحث والاستقصاء مطلوب , ومفيد.

وقد توصلتُ الى نتيجة مثيرة,,,,,

-----------

ونتيجة البحث كانت: الحديث فعلاً موجود , وفي صحيح البخاري .

ولكن هذا ليس كل شيء. لقد اكتشفتُ مفاجاة سارة. فقد تبيّن لي أن هناك حديثين وليس حديثاً واحداً في هذا الشأن!

فقد وضع البخاري في صحيحه / كتاب الطب ( ج7 ص159-160 طبعة دار الجيل – بيروت) بابين اثنين أورد فيهما هذا الحديث الذي يرويه الصحابي أنس بن مالك. الأول أسماه " باب الدواء بألبان الابل " والثاني سمّاه " باب الدواء بأبوال الابل" ,وهما في الواقع حديث واحد ولكنه مرويّ بصيغتين. والحديث يذكر قدوم قومٍ غرباء (من قبيلة عُرينة ) الى المدينة مُعلنين اسلامهم وطالبين المساعدة والاحسان من النبي(ص) فأمر لهم بإبلٍ ليساعدهم على ظروفهم القاسية. وتقول الرواية ان هؤلاء القوم قد مرضوا وأصيبوا بنوعٍ من انتفاخ البطن فشكوا أمرهم للنبي(ص) . وهنا نصل الى مربط الفرس . فهناك روايتان (منسوبتان الى نفس الصحابي- أنس) حول جواب الرسول (ص) :

الاولى تقول انه قال لهم " اشربوا ألبانها "

والثانية تقول " اشربوا ألبانها وأبوالها "

اذن اتضحت الصورة وحُلّت الاشكالية . القضية لا تعدو كونها زيادة كلمة " وأبوالها" في الحديث – حسب الصيغة الثانية. مجرد زيادة كلمة لا أكثر ولا اقل. وهذه الكلمة الزائدة هي أساس المشكلة , إذ بدونها لا مشكل في الامر لأنه ليس غريباً ولا مستهجناً أن يكون الرسول (ص) قد نصح المرضى بشرب حليب الابل. ففي ذلك الزمان لم تكن هناك أدوية غير المنتجات الطبيعية والصحية , وحليب الابل – كغيره من انواع الحليب- مفيدٌ للجسم وهو إن لم ينفع فلن يضر.

وهذه الكلمة الزائدة " وأبوالها " قد يكون اضافها انس بن مالك أو غيره من سلسلة الرواة , نتيجة خطأٍ أو وهم , وأثبتها البخاري كما وصلته.

واما لماذا أقول "مفاجاة سارة " ؟ فلأن الروايتين تتحدثان عن نفس الواقعة ,نفس الجماعة من قبيلة عُرينة الذين مرضوا, نفس الحدث. وبالتالي لا يمكن أن يكون الرسول (ص) قد قال الجوابين معاً . فهو اما قال " اشربوا ألبانها " أو" اشربوا ألبانها وأبوالها". واحدة فقط منهما قالها النبي(ص) والأخرى تُردّ.

وهكذا فإنه حتى بالنسبة للمسلم الذي يعتدّ كثيراً بصحيح البخاري ويشعر بالحرج من ردّ بعض رواياته – مهما كانت غريبة أو شاذة – يمكن رد رواية العلاج ببول الابل وبكل ثقةٍ وقوة. أقول له : لا عليك يا أخي , لا تخف, فأنت لا ترتكب اثماً ولا تجترؤ على الدين حين تنبذ رواية العلاج ببول الابل. أنت فقط ترد الرواية الغلط في البخاري وتقبل الصحيحة. وتذكّر انه توجد روايتان ولا يمكنك أن تقبلهما معاً. اقبل التي لا تتعارض مع صريح القرآن ومع العقل والمنطق , ودعْ عنك التي هي ذخيرة بيد كارهي الاسلام يستخدمونها ضده

والله من وراء القصد
-----------

ولكنّ كارهي الاسلام الذين يشنّعون عليه بقصة شرب بول الابل والاستشفاء به لا يستندون في هجومهم الى الحديث الوارد في صحيح البخاري فقط. بل هم أكثر ما يشيرون الى أقوال وفتاوى شيوخٍ مسلمين معظمهم من التيار السلفي / الوهابي , والى ما يقوم به اتباعُهم من نشاطٍ وعملٍ دؤوب لتأكيد تلك التهمة واثباتها على الاسلام والمسلمين ! فهؤلاء القوم , ومعظمهم في السعودية , يحبون كثيراً حديث شرب بول الابل ويفضلونه على الحديث الثاني الذي ليس به ذكر البول. ولستُ أدري لماذا يتمسكون بهذا الحديث المُستهجن ويروّجون له في الوقت الذي لديهم مخرج سهلٌ لتجاهله – إن لم يكن ردّه ؟!هل لأنهم مُغرمون بكل عجيبٍ وغريب؟ لكن الأمر هنا ليس عجيب وغريب بل بول قذر ونتن! لا أدري ربما المسألة بحاجة الى تحليل نفسي.

ففي بلادنا تُخصص الميزانيات ويتفرّغ العلماء وتوجّه الجهود لاثبات روعة وعظمة بول البعير وفوائده الكامنة التي يغفل عنها العالم كله.

ومن أشهر الباحثات في هذا المجال " الدكتورة " فاتن خورشيد التي تعتبر من الرواد في هذا المجال . و " الدكتورة " فاتن هذه متخصصة في البيولوجيا وهندسة الخلايا , وهي استاذ مشارك في قسم الاحياء بجامعة الملك عبد العزيز في جدة, ورئيسة وحدة زراعة الخلايا والانسجة في وحدة الملك فهد للبحوث الطبية! كما انها عضو في الهيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن والسنة. وهي تقول انها تترأس فريقاً من 25 " عالماً " يشتغلون على ابحاث بول البعير.


وتؤكد" الدكتورة " فاتن ان ابحاثها أظهرت ان بول الابل يشفي من 7 انواع من السرطان !


ولكن" الدكتورة " فاتن تشكو من ان الجهات الرسمية في السعودية حتى الآن لم تعطها الموافقة على تسجيل دوائها رغم انها قدمت كل اثباتاتها وملفاتها. أي ان عموم الشعب حتى الآن محرومون من فوائد اختراعها العظيم. ورغم ذلك فإنها لم تتوقف بل أصدرت دليلاً للناس حول استعمال بول الابل للعلاج , والجرعات المناسبة, وهذا مقتطفٌ منه :

البول:

1- يراعى اختيار الإبل البالغ في العمر و الصحيحة (ذكر أو أنثى) وليس الإبل الرضيع.

2- يجمع البول في إناء نظيف ومعقم، أما البول نفسه فنظيف معقم خال من السموم.

3- يحفظ في الثلاجة في وعاء نظيف ومغلق.

4- حين الشرب يخلط مع الحليب قبل الشرب مباشرة.

5- يمكن الإحتفاظ به في درجة حرارة الغرفة لمدة أسبوع إلى أسبوعين فقط ( حتى وإن تغير لونه إلى الأغمق).

المكيال :

5مل = ملعقة شاي

10مل = ملعقة أكل

30مل = 3 ملعقة أكل

50مل = 5 ملعقة أكل

ويمكن تحميل الـ " مانيوَل " كاملاً من موقع " الدكتورة " :


واما" الدكتورة " أحلام العوضي فقامت بأبحاث اخرى على بول البعير في السعودية ولكن نتائجها كانت مختلفة عن " الدكتورة" فاتن. فحسب"الدكتورة " احلام اتضح ان بول البعير يشفي من الامراض الجلدية والاكزيما والقروح والدمامل ويفيد ايضا في اطالة الشعر. وقد تقدمت للحصول على براءة اختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا. وتؤكد انها تنوي طرح دوائها بسعر رخيص وفي متناول كل طبقات الشعب :5 ريال فقط للعبوة !


وهناك" بروفيسور " اسمه أحمد عبد الله احمداني من جامعة الجزيرة في السودان ,وهو عميد كلية المختبرات الطبية فيها, يؤكد ان أبحاثه أثبتت أن بول الابل يشفي من أورام الكبد!

أي ان أبحاث " علمائنا " وعباقرتنا المتواصلة أثبتت أن بول البعير يشفي من الامراض التالية :

7أنواع من السرطان , حسب " الدكتورة " فاتن

الاكزيما والامراض الجلدية , حسب " الدكتورة " احلام
اورام الكبد , حسب " البروفيسور " احمداني

وهناك غيرهم وغيرهم في ليبيا ومصر وانحاء أخرى من الوطن العربي . ولكن الاغبياء في منظمة الصحة العالمية ومراكز الابحاث في المانيا وامريكا واليابان غافلون وجاهلون ومُعاندون , فلا يقبلون انجازات علمائنا الأشاوس.

فهل نستغرب بعد ذلك انه من بين أول 500 جامعة في العالم من حيث المستوى العلمي لا توجد ولا حتى واحدة من الدول العربية , حسب التصنيفات الدورية التي تصدر عن جهات دولية متخصصة ؟! ظلمونا يا حرام.


الجمعة، 25 أكتوبر 2013

هل يجوز التسليم المطلق بصحة كل ما ورد في كتب الحديث ؟ حديث " انّ أبي وأباك في النار "



للتفكير : موجّه الى كل من يتبع الرجال على أسمائها ويعتقد بصحّة كل ما رواه أهل الحديث المشهورين بدون تمحيص ولا تدبّر , ويسلّم لهم تسليما,,,,,

روى الامام مسلم في صحيحه , كتاب الايمان ( باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ) عن أنسٍ

" ان رجلاً قال : يا رسول الله, أين أبي ؟
قال : في النار !
فلمّا قفّى دعاه فقال : انّ أبي وأباك في النار "


وهذا الحديث فاسدٌ , وظاهرُ البطلان , ولا يمكن أن يكون صدر عن النبي (ص) :

- فهو يحكم على والد النبي (ص) بأنه من أهل جهنم , هو وكل أهل زمانه ! وذلك يخالف ما هو معلومٌ في الدين بالضرورة من أن الذي لم تصله الرسالة لا تقام عليه الحجة وبالتالي لا يمكن أن يُحاسب ويعاقب على " كفره" ! بل كيف يمكن وصفه بالكفر أصلاً ؟! كفرٌ بماذا وفي أيامه لم يكن هناك اسلام ولا نبيّ ولا قرآن ؟
- والنبي (ص) لا يمكن أن يحكم على كل الذين عاشوا في فترة قبل الاسلام بأنهم كفارٌ ومصيرهم في النار. ذلك أصلاً يخالف مبادئ العدل الالهي , وهو ظلمٌ لا بد أن يُنزّه عنه رب العالمين,,,,, وأظن انه لا حاجة للاسترسال أكثر في بيان فساده وبطلانه.


ورغم ذلك كله , فهو موجود في صحيح مسلم , وبالتالي يأخذ به الفقهاء التقليديون ويقبلونه ويصرّون على نسبته الى رسول الله , شاء من شاء وأبى من أبى !

الجمعة، 19 أبريل 2013

" لا يُقتل مسلمٌ بكافر "


من المسائل المُسلّم بها لدى تيار السلفيين أنه " لا يُقتل مسلمٌ بكافر " . ومعنى ذلك انه لو قام مسيحيّ بقتل مسلم في بلدٍ اسلامي فسوف يُقتل بسبب جريمته. ولكن اذا حصل العكس , وقتل مسلمٌ مسيحياً فلن يُعاقب المسلمُ بالقتل , ولن يُعدم بسبب جريمته , بل ستطبّق عليه عقوبة أخرى , أخف, مثل السجن أو الدية أو غير ذلك , ولكنه لن يُعدم ,,,,,,,,,,,,,,,
ولا زالوا يعتقدون بهذه القاعدة في القرن الـ  21  علماً بأنها في معايير العالم الحديث والحضارة البشرية تعتبر نوعاً من التمييز بين الناس مما ينبغي رفضه بلا تحفظ. بل وأزعمُ ان المسلمين كلهم سيرفضون مثل هذا المبدأ وسيرفعون الصوت عالياً ضده لو قامت الدول الغربية ( امريكا او بريطانيا مثلاً ) بتطبيقه ضدنا : أي لو قررت تخفيف العقوبات على مواطنيها الذين يقتلون مسلمين عندهم. لن نقبل ذلك طبعاً وسنطلق عليهم أشنع التهم.

ولكن جماعتنا , على المستوى النظري والاعتقادي , يقبلون بهذا المبدأ , ولو تمكنوا لطبّقوه.

والسبب ؟ نحن متّبعون لرأي "السلف الصالح" , وهم قالوا كلمتهم وانتهى الأمر . و " السلف الصالح " أكثر منا فهما وعلماً وليس لنا الاّ أن نقلّدهم , فهم فكّروا وتدبّروا , ولا حاجة لمزيد من التفكير
 
ومتابعة لموضوع " لا يقتل مسلمٌ بكافر " ,,,, فهذه القاعدة المعتمدة لدى تيار السلفيين سندها الشرعي هو حديث البخاري الذي ترد فيه العبارة منسوبة الى لسان الامام علي بن ابي طالب . وهيبة صحيح البخاري دفعت علماء السلف الى التمسك بها وتقديمها على احاديث غيرها , مثل حديث الدارقطني "قتل رسول الله (ص)رجلاً من أهل القبلة برجل من أهل الذمة، وقال: (أنا أحق من وفى بعهده)" , وكذلك الوثيقة / العهد التي كتبها النبي (ص) لليهود والمسلمين لما وصل المدينة مهاجراً من مكة وفيها تأكيد على مبدأ المساواة القانونية "وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصرة والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم" كما ذكرتها كتب السيرة.
بل ان علي بن ابي طالب ذاته , والذي تنسب اليه عبارة "لا يقتل مسلم بكافر" , له عبارة تناقض هذا المبدأ تماماً وردت في خطابه الشهير لمالك الأشتر حين ولاّه حكم مصر, حيث كتب له موصياً اياه برعيته من الأقباط المسيحيين " ,,, والناس اثنان : أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق ,,," كما رواها أهل التاريخ والتراجم والسير. 
كما ان المذهب الحنفي , أكبر مذاهب السلمين عبر تاريخهم , والذي حكمت به الدولة العثمانية على مدى 400 سنة, يخالف مبدأ "لا يقتل مسلم بكافر" . فالامام الاعظم ابو حنيفة النعمان, والقاضي ابو يوسف والنخعي والطحاوي ,,, افتوا بجواز وشرعية قتل المسلم بالكافر الذمي, ولديهم في ذلك حجج وأدلة شرعية كثيرة.
ولكن كل هذا يذهب أدراج الرياح في عُرف السلفيين واهل الحديث, ما دامت " لا يقتل مسلمٌ بكافر " موجودة في صحيح البخاري
 
 

الأحد، 24 مارس 2013

من شهداء الرأي والموقف في تاريخنا : غيلان الدمشقي

فقد دفع حياته ثمناً لاعلانه رأيه الحرّ النيّر في مسألةٍ سعى الحكامُ الى ترسيخها في أذهان العامة لضمان طاعتهم واستمرار سلطانهم. تلك هي " عقيدة الجبر الالهي" التي بدأ ملوك بني أمية بفرضها على الرعية -بالتواطؤ مع فقهائهم – بعد استيلائهم على السلطة وانتهاء فترة الخلفاء الراشدين.
فقد بدأ التلاعب المُغرض والمقصود بمفهوم " المشيئة الالهية " الوارد في القرآن وتحويره وجعله نوعاً من القضاء المحتوم الذي يسيّر أفعال الانسان وحياته كلها فلا يملك الاّ التسليم لارادة الله التي شاءت كل شيء موجود في هذه الدنيا. فقد كان الأمويون يروجون للعقيدة الجبرية فيخاطبون العامة بمنطق بسيط فيقولون لهم : أن كل ما كان، و ما هو كائن، و ما سيكون مستقبلاً، إنما هو أمر الله و قدره, وإرادته التي سطرها في اللوح المحفوظ من قبل ان يخلق الكون. وقصدهم في ذلك طبعاً تبرير حكمهم للناس، واعفاء انفسهم من مسؤولية الظلم والقهر والفساد ورفع اللوم عنهم لما أحدثوه من تغييرات في نظام الحكم الإسلامي وتحويله الى مُلكٍ عضوض.
كان معاوية يقول "لو لم يرَني ربي أهلا لهذا الأمر، ما تركني وإياه. ولو كره الله ما نحن فيه لغيّره".
وجاء الفقهاء من بعده ليجعلوا عقيدة الجبر هذه من صلب الاسلام ! فالامام أحمد بن حنبل كما ينقل عنه أصحابه يقرر - ويجعل ذلك من عقائد السلف - بأن " القدر خيره وشره، وقليله وكثيره، وظاهره وباطنه، وحلوه ومره، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيئه، وأوله وآخره، من الله قضاء قضاه، وقدر قدره عليهم، لا يعدو واحد منهم مشيئة الله عز وجل، ولا يجاوز قضاءه، بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له، واقفون فيما قدر عليهم لأفعاله، وهو عدل منه عز ربنا وجل، والزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وأكل المال الحرام والشرك بالله والمعاصي كلها بقضاء وقدر، من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجة، بل لله الحجة البالغة على خلقه (لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون) وعلم الله عز وجل ماض في خلقه بمشيئة منه، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه - من لدن أن عصى تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة - المعصية وخلقهم لها، وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها. وكل يعمل لما خلق له، وصائر لما قضى عليه وعلم منه، لا يعدو واحد منهم قدر الله ومشيئته. والله الفاعل لما يريد، الفعال لما يشاء...
ومن زعم أن الزنى ليس بقدر، قيل له: أرأيت هذه المرأة، حملت من الزنى وجاءت بولد، هل شاء الله عز وجل أن يخلق هذا الولد ؟ وهل مضى في سابق علمه ؟ فإن قال: لا، فقد زعم أن مع الله خالقا وهذا هو الشرك صراحا.
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل المال الحرام، ليس بقضاء وقدر، فقد زعم أن هذا الإنسان قادر أن يأكل رزق غيره، وهذا صراح قول المجوسية.
بل أكل رزقه وقضى الله أن يأكله من الوجه الذي أكله.
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز وجل، وأن ذلك (ليس) بمشيئته في خلقه، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله. وأي كفر أوضح من هذا. بل ذلك بقضاء الله عز وجل وذلك بمشيئته في خلقه، وتدبيره فيهم وما جرى من سابق علمه فيهم. وهو العدل الحق الذي يفعل ما يريد، ومن أقر بالعم لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الصغر والقماءة "
 
نعود الى غيلان - وهو كان رجلاً ألمعياً , مسلماً فاضلاً , من أصل مصري , يعيش في عاصمة الامويين دمشق-  الذي قرر ان ينقض عقيدة الجبر هذه من اساسها. فكان يرفض أن تنسب الشرور التي نفلعها نحن البشر إلى الله تعالى ويرفض رفضا تاما المنطق المتهافت الذي يؤصل باسم الدين أن جميع الشرور من قتل واغتصاب ودمار وآلام مصدرها هو الله .فكان يقول ان الإنسان هو المسؤول عن أفعاله وأنها تنسب إليه حقيقة لا مجازا وأن الله سبحانه أعظم وأجل من أن يجبرنا على الأفعال التي نفعلها ثم يلقينا بالنار بناء على جبره لنا . وكان يؤصّلُ لهذه الفكرة المنطقية الواضحة بأدلة شرعية قوية من القرآن والسنة ويؤمن إيمانا تاما بالعدالة الإلهية.
 
وطبعاً هذه الدعوة لا يمكن ان تروق للحكام الامويين. بل هي مصدر خطر داهم عليهم وعلى نظام حكمهم. لأنها تحملهم هم مسؤولية الفساد والظلم الذي كان عاماً , وتنزّه الله عن ذلك.
وقد زاد الطين بلة بنظر الحاكمين من بني أمية رأيه في موضوع الخلافة والامامة . فخلافاً لنظريتهم – التي ألبسوها ثوباً شرعياً- حول ان " الائمة من قريش" قال غيلان أنها تصلح في كل من يجمع شروطها، و لو لم يكن من قبيلة قريش (كل من كان قائماً بالكتاب و السنة فهو مستحق لها).


فكان لا بد من القضاء عليه. وتولّى ذلك الخليفة هشام بن عبد الملك. ولكن كان لا بد من اضفاء صبغة شرعية على قرار اعدامه. فاستدعى الخليفة فقيه بلاد الشام المشهور آنذاك , الامام الاوزاعي, لكي يُفحم غيلان قبل الحكم عليه. ويروي الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق  , ج48 ص199-213" تفاصيل مؤلمة عما جرى. فقد جلبوا غيلان الى مجلس الخليفة وقام الاوزاعي بالدور المطلوب منه تماماً : أهدر دمه بعد مواجهة قصيرة مع غيلان المقيّد بلا حول ولا قوة. وما جرى أبعد ما يكون عن "المناظرة" أو الافحام بل هو أشبه بالمسرحية المصممة سلفاً للانتقام من صاحب الرأي الحر. واختتمها الاوزاعي بقوله لهشام بن عبد الملك " كافرٌ ورب الكعبة يا أمير المؤمنين"!
وكانت تلك الكلمة التي ينتظرها هشام . فأمر بقطع يديه وقدميه وصلبه على باب دمشق ! لكي يكون عبرة لمن يعتبر ولمن  يتجرّأ على التفكير الحر خلافاً لما تريده السلطة. ونتابع المشهد الدرامي الذي تذكره كتب التاريخ : فقد حاول أعداؤه أن ينتصروا عليه وهو على الصليب، فقال له أحدهم: “أنظر ماذا فعل بك ربك , يا غيلان هذا قضاء وقدر”  يريدون منه الإقرار بمذهبهم، لكنه رغم آلامه أصرّ على موقفه فقال بأعلى صوته: "كذبتَ لعمرو الله , ما هذا قضاء ولا قدر" واضاف “بل لعن الله من فعل بي ذلك”,,,,  مما دفع بهشام ان يأمر بقطع لسانه ايضاً !

وختاما أشير الى ان كتب التاريخ لم تنصف غيلان الدمشقي. بل انها تنحاز في مجملها الى موقف الحكام وفقهاء السلاطين. وأغلبها يشنّع عليه ويسوق ضده التهم والافتراءات, فيزندقونه ويخرجونه من الملة ويجعلونه منحرف العقيدة وعدوا للاسلام! اسلام هشام بن عبد الملك طبعاً.

 

رحم الله غيلان الدمشقي , وكل أصحاب الفكر الحر المستنير , في كل مكان وزمان

الجمعة، 22 مارس 2013

"الاعجاز الرقمي" , أو "العددي" في القرآن,,,,


الكثيرون من اخوتنا وبني قومنا لديهم إصرارٌ عجيب على أن القرآن الكريم هو كتابُ حروفٍ وارقام, وأحاجي وألغاز, وكلمات متناظرات ,,,,, وذلك بهدف اثبات فكرةٍ مُتكلّفةٍ في أذهانهم بشأن " الاعجاز الرقمي" في القرآن الكريم!

ولذلك نراهم منهمكين في العدّ والحساب , والتنقيب عن ألألفاظٍ وترتيبها, والضرب والقسمة ,,,, من أجل الوصول الى نتائج ظنوا أنها تُبهرُ السامعين وتُفحمُ الملحدين !  وهناك الكثير الكثير مما يُنشرُ في الفيسبوك بلا تدقيق ولا تمحيص عن الارقام في القرآن , منها مثلاً القول ان تكرار كلمة "الدنيا" هو نفسه لكلمة "الآخرة" , وتكرار كلمة "الحياة" نفس تكرار "الموت" , وان كلمة "يوم" ذكرت 365 مرة في القرآن, وكلمة "شهر" ذكرت 12 مرة ,,,, وغير ذلك. وهناك من المهتمين من قاموا بالتدقيق في هذه الارقام وبيّنوا انها غير صحيحة واتخذوا من ذلك حُجة على ضعف منطق أهل الاسلام. أي ان الادّعاءات المُلفّقة –حتى لو كانت بنيّةٍ حسنة- قد تكون نتيجتها عكسية. 


فليت هؤلاء يتوقفون عن هذا العبث, وإن شاؤوا أن يُفحموا الملحدين فليبحثوا عن أساليب أخرى,,,,

 

ونقطة أخرى : لم يتطرق أبداً عمالقة تفسير القرآن وعلومه ولا الأئمة الكبار في تاريخنا الى قصص العدّ والارقام هذه , ومن شاء فليراجع تفسير الطبري أو السيوطي أو الفخر الرازي أو القرطبي أو ابن كثير أو الشوكاني ,,,, فلن يجد من قصص الاحصائيات وألغاز الأرقام شيئا. فهؤلاء العلماء الكبار ركّزوا جهودهم على المضمون وتركوا القشور والتنطّع.    

وانا الآن بين يديّ الكتاب المشهور (إعجاز القرآن) للقاضي أبي بكر الباقلاني – الذي عاش قبل حوالي الف سنة. وهو يتكلم فيه عن بديع نظم القرآن وفرادته وروعة تأليفه وعجائب معانيه ودلالاته المُحكمة ,,,,,, بعيداً عن الجمع والطرح وسفسطات الأرقام.

 

وختاماً أقول لجماعة الأرقام : أوقفوا خدماتكم رجاءً . شكراً . فالقرآن الكريم ليس بحاجةٍ الى ألعاب الرياضيات هذه. 

الجمعة، 8 مارس 2013

الاعجاز العلمي في القرآن


القرآن الكريم كتاب عقيدة وايمان, كتاب عبادة وأخلاق, كتاب سلوك , كتاب معاملات بين البشر,,,, باختصار كتاب دين . وهذه بديهية ولا تحتاج الى كلام.

فالقرآن ليس بأي حالٍ كتاباً في الفيزياء النووية , ولا الكيمياء التطبيقية , ولا الطب والفارماكولوجي , ولا جيولوجيا طبقات الارض ,,,, ليس كتاب علوم طبيعية. وهذا لا يعيبه ولا ينتقص من قدره. وهو أصلاً ليس مطلوباً منه أن يكون كذلك. فتلك العلوم لها ميادينها , وأسسها المرتكزة على التجربة والخطأ , والماديات, والبرهان العلمي والتحليلي. تلك علومٌ مكانها الجامعات ومراكز الابحاث والمختبرات.

وبالتالي عندما نقول ان القرآن ليس به اعجاز علمي فليس ذلك قدحاً به , أبداً, وانما هو تقرير لحقيقة بديهية : الدين ميدانه ومجالُه قلوبُ المؤمنين وليس العلوم التجريبية والطبيعية , والخلط بين الاثنين خطأ جسيم.


ولكن نفراً من المسلمين ظنوا انهم يحسنون صنعاً عن طريق الادعاء بأن القرآن به معلومات طبية وفيزيائية وفسيولوجية وجيولوجية كثيرة ودقيقة سبق بها العلماء والباحثين الذين توصلوا اليها في القرون المتأخرة بينما هي موجودة وساطعة في القرآن ذاته من 1400 سنة ! وللأسف  هؤلاء لم يدركوا انهم بذلك يسيئون لأنفسهم اولا, وللقرآن ثانيا وللاسلام ككل, بسبب عملهم الركيك وسعيهم البائس وراء وهمٍ وسرابٍ اسمهُ الاعجاز العلمي. فالمتابع لما يقوم به هؤلاء النفر من عمل دؤوبٍ في هذا الاتجاه سيجد ان عملهم يتلخص بما يلي :
ينتظرون نتائج البحث العلمي الحديث وما يتوصل له الانسان (وبالتحديد في الدول الغربية لأن بلاد المسلمين وللأسف أرضُ بورٍ وخراب في نواحي العلم والتكنولوجيا) من اكتشافات واختراعات , فيأخذونها – على الجاهز – ثم يبدأون رحلة البحث داخل سور وآيات القرآن الكريم عن كلماتٍ ومفرداتٍ وجُملٍ تحتمل التأويل, وألفاظٍ يقدرون على ليّ عنقها لكي يستخرجوا منها – عنوة – ذات الاكتشافات التي توصل لها العلم الحديث ! أي ان المسألة كلها لا تعدو تلاعبا في الألفاظ وشططاً وغلواً في التأويل من أجل اثبات ما هو مُثبت بالفعل! لا يأتون بجديد أبداً , لا يشتغلون ولا يبحثون ولا ينتجون ما ينفع الناس بل يكتفون بالقول للعالم المتحضر : أبحاثكم واكتشافاتكم وانجازاتكم العلمية كلها موجودة في القرآن , والحمد لله رب العالمين ! ولا أحد منهم يسأل نفسه ابداً السؤال الجوهري التالي : لو كانت هذه " المعجزات " العلمية موجودة فعلاً في القرآن الكريم فلماذا اذن غفل عنها المسلمون كل هذا الوقت ؟! لماذا لم يدرِ بها كبارُ الفقهاء المتخصصين في علوم القرآن ؟! لقد ألّف الامام الطبري تفسيراً من ثلاثين مجلدا للقرآن الكريم ولكنا لا نجد به شيئا من المعجزات العلمية التي يتشدق بها المتنطعون في ايامنا. وتفسير ابن كثير ضخمٌ وموجود في الاسواق ,ولكنه يخلو من اية نظريات علمية ثبتت في ايامنا , فلماذا ؟ ألم يكن هؤلاء بقادرين على فهم القرآن؟ أم أن هناك في القرآن " شيفرات " سرية وكودات لا يفهمها الاّ زغلول النجار وعبد الدايم كحيل بعد ان يتم اعلانها في اوروبا وامريكا؟
ومن مظاهر عقدة النقص لدى هؤلاء اصرارهم على العثور على بعض الغربيين (حتى لو كانوا نكرات في المقاييس العلمية ) ليدعموا بهم مزاعمهم. وإن لم يعثروا على من يلبي طلبهم اخترعوهم ! فتراهم ملهوفين على ذكر " العالم الامريكي فلان " أو " البروفيسور الالماني علان " وبأنهم فعلاً انبهروا بالمعجزات التي في القرآن الى حد اشهار اسلامهم. ولو دققت في الأمر لاكتشفت التلفيق بكل سهولة, ولكنهم لا يبالون لأنهم يخاطبون عامة من الناس الذين يحبون سماع اخبار المعجزات والخوارق , فلا تدقيق ولا متابعة , بل تصديق أعمى لأنه يوافق هوى النفس.


وسأضرب مثالاً على إمكانية التلاعب بالكلمات والالفاظ للوصول الى اي نتيجة يريدها الانسان : كلمات المُضغة والعلقة والنطفة في القرآن. هذه الكلمات كلها ليس لها تعريف علمي محدد في القرآن بل وردت هكذا بلفظها العربي القديم. ويستطيع اليوم ان يأتي أيّ كان ليقول ان العلقة هي "الخلية" , ويأتي آخر ليقول ان النطفة هي "الكروموسوم " وثالث يقول ان المضغة هي الـ " دي ان آيه" وغير ذلك من معاني يستخدمها العلم الحديث هذه الايام, ويبني عليها نظريات علمية طويلة عريضة ينسبها الى القرآن الكريم. وواضح طبعا ان هذا كله شطط وتعسّف لأن ألفاظ القرآن ينبغي ان تفهم في ضوء كلام قريش القديم وما كان ساريا ايامهم , ويمكن الرجوع الى لسان العرب لابن منظور أو ما يناظره من معاجم للوقوف على ما تعنيه تلك الكلمات حقا, لا أن نأتي لنلصق بها مفاهيم ومصطلحات تعارف عليها علماء زماننا .


وهناك نقطة أخرى مهمة ينبغي ذكرها : فإلصاق اكتشافات ونظريات علمية حديثة بالقرآن الكريم يمكن ان يكون سيفا ذا حدين. فالمعلوم بالضرورة ان النظريات العلمية قابلة دائماً للتغيير والتطوير على يد علماء جدد قد يخالفون أو حتى ينقضون ما قام به سابقوهم من عمل بناء على معطيات أحدث واكثر تطورا مما سبق. فماذا نفعل لو حصل ذلك ؟ لو قلنا ان النظرية العلمية الفلانية أو ظاهرة معينة ذكرها القرآن وأشار لها , ثم حصل وتبيّن خطأها , هل سنقول ان القرآن أخطأ ؟! فكيف يخطئ القرآن وهو من عند الله؟ العلم قادر على القول : أخطأتُ وغيّرتُ وطوّرتُ , أما القرآن ؟؟ هل يقبل المؤمنون إخضاع القرآن لمعايير البحث العلمي الحديث؟؟ فلذلك من الضروري إبعاد القرآن الكريم عن مجال العلوم الطبيعية والتجريبية, حفاظاً على مقامه وقيمته.

 
والخلاصة ان الاعجاز العلمي وهمٌ يدور في اذهان البعض ممن ارادوا ان يُسدوا خدمة للاسلام فأخطاوا الوسيلة والمنهج فأهدروا الطاقات والاموال وأحدثوا صخباً وضجيجاً كثيرا , لا أكثر

الخميس، 28 فبراير 2013

مقولة " الأئمة من قريش "


هناك عددٌ كبير من الأحاديث " الصحيحة " التي تمجّد قبيلة قريش وتفرض على المسلمين ضرورة التسليم بشرفها والتبعية لها, والأهم من ذلك أنها تجعل من مسألة انفراد قبيلة قريش بالخلافة والحكم دون غيرها من بني البشر, إرادة إلهية عبّر عنها رسول الله(ص) وصرّحَ بها .

وفيما يلي بعض الأمثلة :

ففي صحيح البخاري : روى عبد الله بن عمر أن النبي(ص) قال:

" لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان"

وفي سنن الترمذي : قال عمرو بن العاص " سمعتُ رسول الله(ص) يقول : قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة"

وفي مسند احمد بن حنبل : قال عثمان بن عفان موصيا ابنه عمرو " يا بني : إن وليت من أمر الناس شيئا فأكرم قريشا. فإني سمعت رسول الله(ص) يقول : من أهان قريشا أهانه الله"

وفي صحيح البخاري أن معاوية بن أبي سفيان قال " ,,, فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلاّ كبّه الله على وجهه, ما أقاموا الدين"
 
هذا الفيضان من " الأحاديث " يطرح إشكالية صعبة جداً ومزدوجة أمام :
الذين يؤمنون بأن النص الشرعي جامدٌ ثابتٌ لا علاقة له بظروف الواقع بل هو عابرٌ للزمان والمكان ,
والذين ويؤمنون بشكل اعمى بصحّة كلّ ما رواه البخاري ومسلم وأهل الحديث.
 
اولاً : الواقع اليوم , وعبر التاريخ , يثبت ان ولاة الأمر (الحكام) ليس بالضرورة ان يكونوا من قريش. بل اننا الآن لا نكاد نرى حاكماً لبلدٍ اسلاميّ ينتمي فعلاً الى قبيلة قريش. فأين "ولاة الناس في الخير والشر الى يوم القيامة" ؟؟
ثانياً : ان هذه الأحاديث تتصف بالعنصرية الصارخة وتتناقض مع أسس الدين التي تقول بالعدالة والمساواة بين البشر؟ فلماذا تختص قبيلة قريش بشؤون القيادة والحكم حصراً ؟ هل هي عِرقٌ مقدّس ؟
 
بقي امامنا سبيلان :
إما أن نقول ان هذه الاحاديث مكذوبة وغير صحيحة , وبذلك نضرب عرض الحائط بأحاديث البخاري ومسلم .
واما ان نقول ان تلك الاحاديث صحيحة ولكنها تخص فقط ظروف تلك الحقبة التاريخية وتلائم اوضاع الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي , وبذلك تسقط نظرية الاحكام الشرعية العابرة للزمان والمكان.
 
فأيّ السبيلين نختار ؟؟
 
بل ان الامام مسلم روى في صحيحه ان ابا هريرة حدّث أن النبي(ص) قال: " نساءُ قريش خير نساء ركبن الإبل" !!!!!