الجمعة، 17 يونيو 2011

الجن والشياطين يسيطرون على منطقة مثلث برمودا

يصرّ اخوانٌ لنا على الكلام الدائم والمتواصل عن عالم الجن والشياطين والملائكة وتأثيرها علينا نحن البشر . وهم يخلطون الحابل بالنابل في كلامهم عن الجن والشياطين. وأسوأ ما في الأمر انهم يلجاون الى استعمال بعض ما ورد في القرآن الكريم من كلام مختصر عن بدء الخلق وقصة آدم وحواء والجنة ليدسّوا بها كماً كبيراً من التفاصيل العجيبة الغريبة التي تدخل في باب الخرافات.
فهكذا يبداون كلامهم :
الحكاية من البداية
خلق الله عز وجل (سوميا) أبو الجن قبل خلق آدم عليه السلام بألفي عام .. وقال عز وجل لـ(سوميا): تمنّ .. فقال (سوميا): أتمنى أن نرى ولا نُرى، وأن نغيب في الثرى، وأن يصير كهلنا شاباً .. ولبى الله عز وجل لـ(سوميا) أمنيته، وأسكنه الأرض له ما يشاء فيها .. وهكذا كان الجن أول من عبد الرب في الأرض.
لكن أتت أمة من الجن، بدلاً من أن يداوموا الشكر للرب على ما أنعم عليهم من النعم، فسدوا في الأرض بسفكهم للدماء فيما بينهم .. وأمر الرب جنوده من الملائكة بغزو الأرض لاجتثاث الشرّ الذي عمها وعقاب بني الجن على إفسادهم فيها.
وغزت الملائكة الأرض وقتلت من قتلت وشردت من شردت من الجن .. وفرّ من الجن نفر قليل، اختبئوا بالجزر وأعالي الجبال .. وأسر الملائكة من الجن (إبليس) الذي كان حينذاك صغيراً، وأخذوه معهم للسماء.
كبر (إبليس ) بين الملائكة، واقتدى بهم بالاجتهاد في الطاعة للخالق سبحانه .. وأعطاه الرب منزلة عظيمة بتوليته سلطان السماء الدنيا.

وهذا الكلام كله لا أصل له ولا فصل. ولم يرد في القرآن الكريم ابداً , وخاصة قصة "غزو" الملائكة للأرض وحربها مع الجن! وكم هو طريفٌ وممتعٌ كلامهم عن أسر الملائكة لإبليس الذي كان صغيراً – يا حرام – وحنوّهم عليه!
ثم بعد ذلك ينتقلون الى اعطاء تفاصيل دقيقة جداً عن الكيفية التي تسلل عن طريقها ابليس الى الجنة لينال من آدم. ومن أجل الاثارة لا بد من أفعى !  

كانت الجنة محروسة من الملائكة الذين يُحرمون على (إبليس) دخولها كما أمرهم الرب بذلك .. وكان)إبليس) يُمني النفس بدخول الجنة حتى يتمكن من (آدم) الذي لم يكن يغادرها.
فاهتدى لحيلة .. وهي أنه شاهد الحية يتسنى لها دخول الجنة والخروج منها، دون أن يمنعها الحراس الملائكة من الدخول أو الخروج .. فطلب من الحية مساعدته للدخول للجنة، بأن يختبئ داخل جوفها حتى تمر من الحراس الملائكة .. ووافقت الحية، واختبئ (إبليس(داخلها حتى تمكنت من المرور من حراسة الملائكة لداخل الجنة دون أن تُكتشف الحيلة .....

وبعد ذلك يقومون بتحديد المكان الجغرافي الذي استقر به آدم وحواء لما هبطوا الى الارض بعد أن أغواهما ابليس, بل ومكان الشيطان , والحية ايضاً !   

وهبط (آدم) و(حواء) من السماء إلى الأرض وتحديداً في الهند كما ذهب أكثر المفسرين .. في حين هبط (إبليس) في 'دستميسان' على مقربة من البصرة .. وهبطت الحية في أصبهان....

وهذا طبعاً من الاساطير التي ليس لها أي ذكر في القرآن الكريم.

وننتقل الآن الى صلب الموضوع , وهو منطقة مثلث برمودا وسيطرة شياطين الجن والمَرَدَة والغيلان عليها! فتقول قصتهم (اختصرتها تجنباً للملل):

المواجهة في الأرض بين الإنس والجن .. وإبليس يبني مملكته
..... وبعد أن مات (آدم وحواء)، وظن (إبليس) أن موتهما انتهاءً لهروبه من المواجهة، وأن بإمكانه الظهور علناً للبشر وشنّ حربه عليهم، لأنهم ضعفاء لا يقدرون على المواجهة ....... فبدأ شرّه يظهر للوجود وبلا حدود. فظهر للعلن ومعه خلق من شياطين الجن والمَرَدَة والغيلان ليبسط نفوذه على الحياة في الأرض.

اذن الموضوع توسّع , ولم يعد مقتصراً على الجن والشياطين بل صار يضم المَرَدَة والغيلان ايضاً ! نتابع:

لكن الرب شاء أن ينصر بني الإنس على الجيش الإبليسي الذي أسسه (إبليس) من الجن والمَرَدَة والغيلان، حين نصرهم برجلٍ عظيم اسمه (مهلاييل) ونسبه هو: 'مهلاييل بن قينن بن انوش بن شيث عليه السلام بن آدم عليه السلام' .. ويروى أنه ملك الأقاليم السبعة وأول من قطع الأشجار.

وليلاحظ القارئ الكريم مدى الدقة تحديد نسب مهلاييل هذا ! نتابع:

 قام )مهلاييل) بتأسيس مدينتين محصنتين هما: مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى، ليحتمي بها الإنس من أي خطرٍ يهددهم .. ثم أسس جيشه الإنسي الذي كان أول جيش في حياة الإنس للدفاع عن بابل والسوس الأقصى، وقامت معركةٌ رهيبة بين جيش (مهلاييل) وجيش (إبليس(  وكتب الرب النصر بها للإنس، حيث قُتل بها المردة والغيلان وعدد كبير من الجان، وفرّ)إبليس) من المواجهة....

الكلام هذا عن المعارك الحربية –الوهمية - بين الانس والجن هو مقدمة ضرورية للوصول الى بيت القصيد وهو مثلث برمودا! نتابع:

بعد هزيمة (إبليس) وفراره من الأراضي التي يحكمها (مهلاييل) .. ظل يبحث عن مأوى يحميه ومن معه من شياطين الجن الخاسرين في المعركة ضد (مهلاييل) .. واختار أن يكون هذا المأوى بعيداً عن مواطن الإنس، يبني به مملكة يحكمها وتلم شمل قومه شياطين الجن الفارين من غزو الملائكة آنذاك .. فأي مأوى اختار (إبليس) لبناء مملكته؟
طاف (إبليس) في الأرض بحثاً عن المنطقة الملائمة لبناء حلمه .. ووقع اختياره على منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين .. وكان اختياره لهاتين المنطقتين لأسباب عدة هي:
ــ تقع منطقتي برمودا والتنين على بُعد آلاف الأميال عن المناطق التي يستوطنها البشر .
ــ أراد (إبليس) أن تكون مملكته في المواطن التي فرّ إليها معظم شياطين الجن إبان غزو الملائكة والتي كانت لجزر البحار التي يصل تعدادها عشرات الآلاف.
ولكن مثلث برمودا ليس بعيداً آلاف الاميال عن مناطق سكنى البشر ! لماذا لم يختر ابليس منطقة في وسط المحيط الهادي مثلاً ؟ أليس وسط المحيط الهادي آمن له من منطقة برمودا الملاصقة لكوبا وفلوريدا وخليج المكسيك؟ هؤلاء لا يريدون سماع مثل هذه الاسئلة "البايخة". لا يهم , نتابع:

 استغل (إبليس) قدرات الجن الخارقة في بناء المملكة، والتي كان من أهم تلك القدرات التي تلائم طبيعة البحر....
 وبعد ذلك وضع عرشه على الماء، وأسس جيشه من شياطين الجن الذين التفوا حوله في مملكته، ينفذون كل ما يأمرهم به .. ...
 ووضع (إبليس) للحيّات مكانة خاصة عنده، جزاء ما فعلت له الحية في السماء من مساعدة تسببت في خروج (آدم) و(حواء) من الجنة .. وذلك بأن جعلها من المقربين لعرشه .. في مسند أبي سعيد: عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صائد: ((ما ترى))؟ قال: أرى عرشاً على البحر حوله الحيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صدق ذاك عرش إبليس((
 وأسس (إبليس) مجلس وزرائه الذين سيقود مخططاته الشيطانية في عالم الإنس .. عن كتاب 'آكام المرجان للشلبي' روي عن (زيد) عن (مجاهد) قوله: ((لإبليس خمسة من ولده، قد جعل كل واحد منهم على شيء من أمره، ثم سماهم فذكر: ثبر، الأعور، سوط، داسم، زلنبور .. أما ثبر فهو صاحب المصيبات الذي يأمر بالثبور وشق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية .. وأما الأعور فهو صاحب الزنا الذي يأمر به ويزينه، وأما سوط فهو صاحب الكذب الذي يسمع فيلقى الرجل فيُخبره بالخبر فيذهب الرجل إلى القوم فيقول لهم: قد رأيتُ رجلاً أعرف وجهه وما أدري أسمه حدثني بكذا وكذا .. أما داسم فهو الذي يدخل مع الرجل إلى أهله يُريه العيب فيهم ويُغضبه عليهم .. أما زلنبور فهو صاحب السوق الذي يركز رايته في السوق.

الآن صار الموضوع مثيراً أكثر. فبالاضافة الى الحيّات , هناك مجلس وزراء لمملكة ابليس يتكون من الاعور وزلنبور ووو . نتابع :

 ولم يكن (إبليس) وشياطين الجن فحسب من تسنى لهم بناء مملكة قوية، بل أيضاً الإنس بنوا حضارات عظيمة، حتى غدى العالم لبني الإنس قرية صغيرة، ولم يعد المكانين المنعزلين عن العالم المسميين برمودا والتنين غائبتين عن عيون الإنس، ذلك أن بفضل التكنولوجيا المتطورة التي اخترعها الإنس من طائرات حلقت في السماء، وسفن طافت البحار، وغواصات بلغت كل قاع، جعلت كل شيء تحت مرمى الأبصار
 وظلت مملكة شياطين الجن آمنة لعصور عدة .. لكن ما أن عرف الإنس ركوب البحر ومرورهما بكلتا المنطقتين، إلا وأدرك شياطين الجن الخطر الذي يهددهم .. فاختطفوا أعداداً من السفن والقوارب والغواصات والطائرات التي ربما رأت سراً عن عالم شياطين الجن، فخشي الجن افتضاح أمرهم، وبالتالي خسارة مملكتهم، كما خسروا من قبل الأرض التي كانوا وحدهم يعيشون فيها، وخسروا معركتهم مع (مهلاييل) الذي شردهم عن الأراضي القريبة من مواطن الإنس .. فعمدوا إلى الاختطاف كل طائرة وسفينة ونحوهما مارة .. حتى حققوا بذلك نصراً
عندها صدر قرار دولي بمنع الملاحة في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين.
والله أعلم


وهذا طبعاً غير صحيح. فلا يوجد قرار دولي بمنع الملاحة في منطقة مثلث برمودا.
فما حقيقة قصة مثلث برمودا ؟ حصلت في الماضي بعض حوادث الطيران والسفن في تلك المنطقة. لا أكثر ولا أقل. وحتى لو تكررت بعض الحوادث عدة مرات فليس في ذلك أي دليل على نشاطٍ للجن ولا للغيلان. اذ ربما تكون الاحوال الجوية غير مواتية , أو ربما كان هناك نشاط عسكري (غير معلن) أو تجسسي لدول عظمى, أو ربما لعبت الصدفة دوراً , أو غير ذلك من الاحتمالات.
كما أننا لم نسمع عن وقوع حوادث جديدة في منطقة مثلث برمودا منذ عشرات السنين. فهل هجرتها شياطين الجن يا ترى؟ أم هل استسلمت قوات ابليس أمام البشر من احفاد (مهلاييل) ؟؟


وبعيداً عن السخرية المرة أقول ان من المؤسف جداً أن يكون هذا المستوى من الكلام والخرافات يتم تداوله بجدية واهتمام من قبل عدد كبير من الناس في زماننا هذا. ومن يريد التأكد بإمكانه القيام بجولة على متدياتٍ ومواقع كثيرة عبر الانترنت ليرى كيف ان الكثيرين من بني قومنا يتلقفون هذه الترّهات ويتعاملون معها كما لو انها من الحقائق , بعد أن يلونوها بصبغة دينية ! بل ان بعضهم ينسب هذه القصة كلها (عالم الجن ,,, وسر مثلث برمودا) للشيخ السعودي عائض القرني.
وهناك سؤال مهم لا بد ان يطرح: هل هؤلاء يخترعون هذه الاخبار والحكايات من عقولهم ؟ هل يخترعونها اختراعاً أم ان لها أصلاً يستندون اليه ؟
والجواب هو ان لها أصلاً يستوحونها منه . فهم لا يبتكرون كل هذه القصص عن سوميا وزلنبور والحيات والمرَدة من ثنايا أدمغتهم , ولا هي فقط نتاج خيالهم الخصب. فما هو ذلك الاصل الذي يمدهم بتلك الذخيرة؟
انها " الاسرائيليات " في كتب تفسير القرآن الكريم القديمة. و "الاسرائيليات " لمن لا يعرف هي روايات مأخوذة من توراة اليهود وجدت طريقها الى دين الاسلام عن طريق يهودٍ أعلنوا اسلامهم, ولكنهم استمروا في تعلقهم بتوراتهم وقصصها. فقام هؤلاء بدور "الاستاذ" على المسلمين , يشرحون لهم قصص الانبياء السابقين وتفاصيل الجنة والنار وحكايات الجن والشياطين والملائكة واخبار بدء الخلق وغير ذلك الكثير مما ورد في التوراة بشكل مفصل, بينما لم يتعرض لها القرأن الاّ بالخطوط العريضة فقط. وقد تقبل مسلمون كثيرون هذه القصص عن هؤلاء اليهود على اعتبار انهم أسلموا ومن أشهر هؤلاء أذكر وهب بن منبه وكعب الاحبار. ومن يراجع تفسير "الدر المنثور " للسيوطي يجده محشواً بهذه الاسرائيليات , وكذلك تفسير ابن كثير والطبري. وبالتالي صارت هذه الروايات والخرافات ذات المنشأ اليهودي جزءاً من تراثنا الاسلامي! والذين يروجون لها يقولون انهم يرجعون الى كتب كبار العلماء المسلمين (وليس الى توراة اليهود ).
ولكن كيف يسمح علماء كبار من امثال السيوطي وابن كثير والقرطبي بوجود مثل هذه الروايات في كتبهم التي ارادوا بها شرح كتاب الله عز وجل؟ الجواب : انهم تساهلوا معها لأنها بنظرهم لا تتعلق بقضايا الحلال والحرام بل تقدم لهم تفاصيل كثيرة عن أمور ورد ذكرها بإجمالٍ وإبهام في القرآن الكريم. فضميرهم اذن مستريح , لأن رواياتهم هذه لا تحلل امراً حرمه الله , ولا تحرّم شيئاً حلله ! وبالتالي هي ان لم تكن صحيحة فلا تضر!

ولكن العلماء الكبار هؤلاء – سامحهم الله – لم يفطنوا انهم بتساهلهم ذاك قد ساهموا بنشر الخرافات والاساطير , وانهم اساؤوا للاسلام من ذلك الباب حين صار الجاهلون وأهل الوهم والتضليل يتخذونهم حجة علينا ويصرون على ان سفاهاتهم تلك هي من أصل الاسلام ذاته .....
 

هناك تعليقان (2):

  1. من أنت حتى ترد مل هذا الكلام من انت

    ردحذف
  2. انا مايا وردي انو انا سمعت احداث كثيره حول هذا المثلث ولكن ما سمعتوا المرة صدقت

    ردحذف