الجمعة، 14 أكتوبر 2011

نظرة ابن تيمية وأتباعه السلفيين الى الانسان غير المسلم



هذه بعض فتاوى وأحكام كبير السلفيين على مر الزمان , شيخ الاسلام ابن تيمية, وأحد أبرز وأهم أتباعه في العصر الحديث, وهو العلامة السعودي الشيخ المرحوم ابن عثيمين , تتعلق بالآخر , غير المسلم.
 
يؤصّلُ شيخ الاسلام ابن تيمية للتعامل مع "الكافر" فيقول في فتاويه " وليُعلم ان المؤمن تجبُ موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك. والكافرُ تجبُ معاداته وإن اعطاك واحسن إليك. فإن الله سبحانه بعث الرسلَ وأنزل الكتبَ ليكون الدينُ كله لله, فيكون الحبّ لاوليائه والبغضُ لأعدائه, والإكرامُ لأوليائه, والإهانة لأعدائه, والثوابُ لأوليائه والعقابُ لأعدائه".
إذن فالأصلُ هو معاداة "الكافر" حتى لو أحسن الينا وأعطانا وأكرمنا ! وهذا "الكافر" عند ابن تيمية هو كل من هو غير مؤمن بالاسلام. وكل من هو غير مؤمن هو عدوّ لله ولرسوله وللمؤمنين تجب معاداته وبغضه وإهانته كما هو وارد في نص الفتوى.
وجاء من بعده الشيخ السعودي ابن عثيمين ليضع النقاط على الحروف ويوضح إن الكافرين دماؤهم مباحة شرعاً دون حتى أن يكونوا محاربين او معتدين!! فيقول في إحدى فتاواه عن الكافرين " وإنّ شِركهم وكفرهم هو الذي اباحَ دماءهم , وليس مجرد حربهم وعدوانهم".

واما من هو الكافرُ بنظرهم , فيوضح لنا شيخ الاسلام أنه كل من هو ليس بمسلم "الكفرُ عدمُ الايمان". بل ان الشيخ ابن عثيمين يصرّ على توضيح ان اهل الكتاب من مسيحيين ويهود مشمولون أيضاً , فيقول " ان اليهود والنصارى كفار , لأن الحجة قد قامت عليهم وبلغتهم الرسالة ولكنهم كفروا عناداً ". ولا ندري كيف حكم ابن عثيمين أن مليارات البشر من الميسيحيين في العالم قد بلغتهم رسالة الاسلام الصافية ثم كفروا عناداً ؟ كيف يعمم هكذا ؟  ويوضح ابن عثيمين ان حكمه يستند الى قول قدماء السلف , فينقل عن الامام احمد بن حنبل أنه قال " إذا رأيت النصراني أغمضُ عينيّ كراهة ان أرى بعيني عدوّ الله " ثم يقول معلقاً على هذا الكلام " وأصبح كثيرٌ من الناس الآن لا يفرّقُ بين مسلم وكافر, ولا يدري أن غير المسلم عدوّ الله عز وجل بل هو عدوّ له ايضاً ". إذن يكفي ان يكون الانسان غير مسلم ليوصف بأنه كافر وأنه عدو لله تعالى وأنه عدوّ للمؤمنين حتى لو كان جاهلاً أو غافلاً أو متردداً شاكّاً , وحتى لو كان هندياً أو بوذياً يعيش في قرية نائية لا يعلمُ شيئاً ولا يفقه إلاّ ما تلقنه عن آبائه, خالي الذهن عن العداوة أصلاً وخالي الذهن عن المعاني التي يطرحها الشيخ ابن عثيمين.
هذا وعندما سئل العلامة ابن عثيمين عن حُسن التعامل مع غير المسلمين أجاب انه " لا شك أن المسلم يجب عليه أن يُبغض أعداء الله ويتبرّأ منهم لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم" ثم يقول " أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في اسلامهم وايمانهم فهذا لا بأس به, لأنه من باب التأليف على الاسلام, ولكن اذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم". اذن المعاملة بالحسنى وبالرفق واللين تكون فقط في حالة الطمع في اسلامهم , وإلاّ فعلى المسلم أن يعاملهم بما يستحقون !!
وبالعودة الى شيخ الاسلام ابن تيمية نجدُ ما هو أبعد من ذلك عنده اذ يقول " فإن كل ما عُظم بالباطل من مكان أو زمان أو حجر أو شجر يجب قصد إهانته, كما تهانُ الاوثانُ المعبودة وإن كانت لولا عبادتها كسائر الاحجار".
فهذه قاعدة مطلقة يعلنها ابن تيمية  يقرر بها حكماً شرعياً: انه يجبُ قصد اهانة مقدسات الاخرين سواء كانت أمكنة كالكنائس والمعابد وبعض الانهاء , أو أزمنة كعيد الكرسمس أو رأس السنة , أو كانت صلباناً أو مجسّمات أو آثاراً وغيرها.
بل ان ابن تيمية يشتط فيعلن ان الكفار لا يملكون أموالهم شرعياً ولا يحق لهم التصرف فيما بأيديهم !  فيخبرنا شيخ الاسلام أن كل من هو غير مؤمن لا يحل له شيء من المباحات لأن الله تعالى انما خلقها للمؤمنين فقط يتمتعون بها! قال " وأما الكفار فلم يأذن الله لهم في اكل شيء ولا أحلّ لهم شيئاً ولا عفا لهم عن شيء يأكلونه بل قال ( يا ايها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً) فشرط فيما يأكلونه أن يكون حلالاً , وهو المأذون فيه من جهة الله ورسوله والله لم يأذن في الأكل إلاّ للمؤمنين به فلم يأذن لهم في اكل شيء الا اذا آمنوا , ولهذا لم تكن أموالهم مملوكة لهم ملكاً شرعياً , لأن الملك الشرعي هو المقدرة على التصرف الذي أباحه الشارع صلى الله عليه وسلم , والشارع لم يبح لهم تصرفاً في الاموال الا بشرط الايمان". ثم يقول شيخ الاسلام عن الكافرين " فكانت أموالهم على الاباحة.... والمسلمون اذا استولوا عليها فغنموها ملكوها ملكاً شرعياً , لأن الله أباح لهم الغنائم ولم يبحها لغيرهم".
وواضحٌ كيف يخلط ابن تيمية هنا بين الكافر مطلقاً ( وهو كل من هو غير مؤمن) وبين الكافر الحربي . فإن الغنائم هي ما أخذ من غير المسلين بقتال , فلماذا يعمم هذا الامر في الكفار مطلقاً ؟ وهو يتابع كلامه فيقول " ... ولهذا سمّى الله ما عاد من أموالهم (الكفار) الى المسلمين فيئاً لأن الله أفاءه الى مستحقيه , أي ردّه الى المؤمنين به ..."   

اذن فالأصل عند هؤلاء أن دماء غير المسلمين واموالهم مباحة شرعاً للمسلمين , فلا حرمة لهم من حيث المبدأ. ولكن ابن تيمية وابن عثيمين يتركون التطبيق والتنفيذ لهذه القاعدة للظروف وللمصلحة. فهم لا يدعون المؤمنين دائماً الى الاعتداء على "الكفار" ولقتالهم بل يتركون ذلك للمقدرة ولتيسر الأحوال. فيجيزون المهادنة والموادعة اذا اقتضت الحاجة ولكن مع احتفاظهم بالرأي الشرعي المذكور.



أحدى أبشع التطبيقات لفتاوى ابن تيمية وابن عثيمين :


شهد قطاع غزة قبل بضعة أشهر جريمة بشعة يندى لها الجبين نفذتها مجموعة سلفية تسمي نفسها "سرية الصحابي الهمام محمد بن مسلمة" حيث قامت هذه المجموعة السلفية "المجاهدة !!" بخطف صحافي ايطالي يدعى فيتورو أريغوني ومن ثم قتلته بدم بارد , وبخسّة ووحشيّة لا نظير لها. وهذا الصحافي الذي ذبحه السلفيون الأشاوس ينتمي الى حركات السلام الدولية وهو ناشط في حركات التضامن الاوروبية مع الشعب الفلسطيني ولجان كسر الحصار, وكان قد وصل الى غزة من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للحصار والعدوان الصهيوني. وقد وصل هؤلاء السلفيون في إجرامهم الى حد الفجور , فنشروا على موقع يو تيوب فيديو يظهر "فريستهم" الشاب المسكين وهو معصوب العينين وقد تعرض لضرب مبرّح قبل إعدامه.

ولكن ما الذي كان يريده هؤلاء السلفيون ؟ ولماذا اختطفوا الايطالي أصلاً ؟
السبب ايها السادة والسيدات أعجب من العجب! هم أرادوا من حركة حماس أن تطلق سراح أحد زعمائهم الموقوفين في غزة واسمه  هشام السعيدني " ابو الوليد " !
نعم , هم أرادوا أن يضغطوا على حماس فقتلوا ذلك الشاب الايطالي الرائع, الانسان, الذي كان يعمل بلا كلل ولا ملل من اجل مساعدة شعب فلسطين وفضح جرائم الكيان الصهيوني في اوروبا والعالم!!

فلتفرح يا سعيدني. فأتباعك ومريدوك نجحوا في إحراج حماس. ولتقرّ عينك يا " ابو الوليد" لأن تلاميذك لم ينسوك بل نشروا اسمك وأذاعوا صيتك في العالم كله!
وابتهجي يا اسرائيل ! فالفلسطينيون أثبتوا للدنيا كلها أنهم همجٌ متخلفون , يتخفون خلف قضيةٍ كاذبة , ولا يستحقون التعاطف ولا التأييد!

ولكن ما ذنب الايطالي المتضامن مع الشعب الفلسطيني؟ وما علاقته بمشاكل السعيدني مع حماس؟؟!
 لا يهم. فدمُ ذلك "الكافر" رخيصٌ ولا قيمة له بنظر "مجاهدي" السلفية.

نعم , تلك هي الحقيقة المرة. السلفيون في بلادنا لا يعترفون بمبدأ المساواة الانسانية ولا بحرمة دم الانسان من حيث هو إنسان. ومن ناحية شرعية فقط المسلم له حرمة عندهم!
 والعالم عندهم ينقسم الى " مسلمين " و " كفار ". وكل من هو ليس بمسلم يندرج ضمن خانة "الكفار" لديهم. عقيدة البشر عندهم هي الاساس في التعامل , وما دام ان الانسان غير مسلم فملة الكفر واحدة!

وإلاّ فما الذنب الذي ارتكبه الايطالي المسكين حتى يقتلوه؟ هل ارتكب جريمة ما جعلت دمه مباحاً ؟ هل آذى احداً ؟ هل أضرّ بالمسلمين؟ كلا بالتأكيد.
لماذا إذن لم يشعر هؤلاء السلفيون , وهم مسلمون طبعاً , بتأنيب ضمير وهم يقتلون الرجل البريء ؟ ولماذا لم يردعهم دينهم عن ارتكاب جريمتهم الشنيعة؟

لا داعي طبعاً للتساؤل عن مسالة التأصيل الفكري ( أو المسوّغ الشرعي) للجماعة السلفية التي نفذت جريمة القتل, ومن هو الذي أصدر لهم الفتوى وأباح لهم قتل الرجل الايطالي المسالم ؟
فالجواب معروف: انهم ليسوا بحاجة الى من يصدر لهم فتوى. فالفتوى موجودة وجاهزة وقديمة. فهم يرجعون الى مفتيهم الأعظم شيخ الاسلام ابن تيمية في العصور القديمة , والى أتباعه الوهابيين في السعودية في عصرنا الحالي.

فقد رأينا كلامهم.

فالأحكامُ عند السلفيين واضحة ومحسومة.

وليذهب فيتورو أريغوني الى الجحيم لأنه كافر ومهدور الدم.
 




هناك تعليقان (2):